ليبرالية الضرورة الشعرية

ليبرالية الضرورة الشعرية

الذات – الوعي – النص في

بلاد الوجع

 محمد يونس محمد

– ما بعد الحداثة الليبرالية شعراًّ، كي تملك ذات المقومات التي لا يمكن زعزعتها، ولكن هناك إتاحة لها ان تبقى ملتزمة بحفاظها على الاطار الذي به يتحدد شكلها كسطح ظاهري، والذي يرى بارت إنه كتأكيد لهيكلية وشكل النص الذي يكون جسماً مدركاً بالحاسة البصرية في نهاية الامر، ومؤشرنا – ديوان بلاد الوجع – للشاعرعيسى اسماعيل العبادي ألصادر عن دار العراب في دشق والصحيفة العربية في بغداد, في التحليل الفني ونهتم بمنهج دريدا التفكيكي, وأيضا المعرفة النظرية لها دور مهم .

إن اللغة هي بدون ممانعة نظامها الفني تتمظهر بمضمون الشكل أولا، فتتأكد البلاغة النوعية مع المعايير الفنية للشعر, والاخرى كبلاغة الصورة الشعرية, والمستويات الدلالية في المعنى, والبلاغة الجمالية في القيمة، ولسانيات جنس اللغة الشعرية, وهناك نفس حسي تاريخي, وهذا الاجراء طبيعي حسب مقتضيات السوسيولوجيا الاجتماعية للنص الشعري وعضوية ذلك النص على اعتبار أن الشاعر اصبح كيان نص داخل النص, وتلك ما نعني بها ليبرالية النص النثري, هو الامتياز الحر في ادوار التراكب الثلاثي(الذات / الوعي / النص), وفي قصيدة  – لم يَكُنْ حَجَرا – هناك استدلال يتطور حتى يصل الى بعد المباشرة في الاستدلال .

لم يكن هذا الفتى حجرا،

ربما كان شمساً،

سماءً لا تحد،

بلاداً مقطعة الأوصالِ كانَ،

أو مطرا،

لم يكن هذا الفتى،

غيرَ أسمائِنا ،

مسراتِنا وأحزانِنا ،

بُكائنا وأفراحنا ،

رُبَّما كانَ الفتى جُرحاً ،

أو يكونُ الجرحُ ..أنا.

لابد أن نقف على تقييم الشعر على وجه الخصوص في التحليل الحسي والجمالي، ويشكل جاكوبسن أحد الأعمدة المهمة في الوعي المعرفي بالمفهوم والتفسير الفكري له، فهو يعرف الضرورة الشعرية بأنها يمكن تحديدها معتبراً اياها ذلك الفرع من اللسانيات الذي يعالج الوظيفة الشعرية في علاقاتها مع الوظائف الأخرى للغة وكذلك تهتم الشعرية بالمعنى الواسع للكلمة بالوظيفة الشعرية لا في الشعر حسب. حيث تهيمن هذه الوظيفة على الوظائف الأخرى للّغة، وإنما تهتم بها   أيضاً خارج الشعر حيث تعطي الأولوية لهذه الوظيفة أو تلك ، على حساب الوظيفة الشعرية, وفي نص – دعيني – في التحليل اللساني ترتيب الوقت جملة تحتاج الى تحليل وليس بالتفسير العام, فالجملة الشعرية لا تقابل الادراك, وهي نوع من الشعر المعنوي وثلم الدلالة وإعادة انتاجها.

دعيني أرتِّبُ الوقتَ ،

عفواً ،

لم يَكُنْ قصدي ،

دعيني أرتِّب الفوضى ،

دعيني أقتفي أثراً،

سَمِّيْتهُ بلدي.

تفسير مفهوم الضرورة المعنوية الليبرالية في قصيدة النثر, ليس بسياق استدلال, بل هو تصاعد في القيمة والفن نحو ثلم الدلالة, ولابد أن نؤكد على أنه يرتبط باللسانيات ووفق وظيفة الكلمة والجملة ايضا, وتعدي اللغة في تجاوز مستوى التوصيل ، ومن الأهمية ألا نقر بأن ذلك الرأي نهائيا ولا خالصا كليا, وهو في التفسير الموضوعي للشعر يمثل حالة بينية, ولا ينحدر فيه المعنى الى افق العام, بل تستمر مناورة المعنى, وفي قصيدة – هناك كان البلد – وتصاعد النفس الشعري, والتحول من الذات الى الوطن, والذي هو الاحساس العام عند المجتمع الحقيقي, فالتحول الوعي الشعري ليس من الذات الخارجي الى الذات الداخلية, بل اشتركا في الموقف, والكلام قد قيل كثيراً, لكن الخطاب الشعري لا يقاس كما الكلام والحس الاجتماعي أيضا.

لم يعتدْ بلدي ،

على الإنتقالِ من مكانهِ ،

كانت الأنهارُ تأتي إليهِ ،

من كل الجهاتْ ،

وتأتي إليهِ الجبالُ ،

كانت الأرضُ ومنْ عليها ،

طوعَ نظرتهِ..

إن الضرورة الليبرالية في مجموعة – بلاد الوجع – عدة تراكبات تكاد تكون تشبيها كمكعب في رأيي ، وهذه التراكبات هي عناصر بناء القصائد من الجهة التقليدية ، ومن الجهة الاخرى تمثل ذلك التراكب المكعب بنشاط مخالف لنشاطها الشعري المعتاد، وتتجلى أهمية تلك الضرورة الشعرية الفنية عبر ادواتها وتشترك في ذلك ثقافة الشاعر وتوهجه الداخلي والوعي والحس الجمالي، فتشكل الضرورة مجمل تلك العناصر، وأعتقد هي لا تتجلى مباشرة بكل الاحوال لأنها تكاد تكون كما الشعرية قيمية أكثر مما هي تقنية، وفي نص – السياج – الذي يبدأ بحوار شعرية لكن مباشر لسانيا, ومن ثم يصرخ النص, وكأنه يقول انا الوطن, خلال النشيد الروحي المنفعل داخل النص وفي الذات أيضا .

ألنشيد الذي فقدنا ،

بريقهُ في الطرقاتْ ،

أيقظنا ،

حمَّلنا أوجاعهُ ومضى ،

ألنشيدُ آلَمنا ،

ألنشيدُ بعثرنا،

والنشيدٌ يجمعنا،

من الطبيعي أن دور الضرورة يتأكد في ما نلمسه من اختلاف في القصائد وفي الذات والوعي الشعري أيضا رغم الادوات والعناصر، والشعر في القصائد أكثر تمييزاً في الضرورة الشعرية الليبرالية، وإن كان هذا أسميه الضرورة الجوهرية، ولكن تلك السمة في وجودها الحي دائما تعبر عن الضرورة بالوعي وليس التاريخ والذات الخارجية، وامام مجمل النفس الشعري فهو داخل الضرورة، من تلك الضرورة ، فهم القيم الشعرية ولا تزول للضرورة الشعرية بالتطور في نوع جديد، كما في القصائد، في النثر الليبرالي الحيوي .

مشاركة