لو زار أوباما السعودية مائة مرة


لو زار أوباما السعودية مائة مرة
فاتح عبدالسلام
قرار نادر من نوعه ومفاجيء وله مواصفات تاريخية غير مسبوقة ذلك الذي أصدره العاهل السعودي يجرم فيه جميع السعوديين الذين يقاتلون خارج بلادهم في أية تنظيمات مهما كانت. وينص الأمر الملكي على عقوبات تتراوح بين ثلاث سنين وعشرين سنة للمدنيين وضعفها تقريباً للعسكريين، وكذلك عقوبات شديدة لمن يروج لأفكار التطرف قولاً أو كتابةً.
والسعودية متهمة رسمياً من الرئيس السوري بشار الأسد قبل شهر في إنها تصدر الفكر الوهابي الإرهابي . وكذلك هي متهمة علناً وباطناً من زعامات سياسية شيعية في العراق ولبنان وإيران في إنها مصدر الإرهاب والتكفير والتطرف ، برغم من إن عدد قتلاها في حرب سوريا في خلال ثلاث سنوات لا يتناسب مع ما لحق بسمعتها حيث إنه مجرد أقل من سبعمائة مسلح ، في حين إن القتلى من ليبيا أو تونس ضعف العدد على وفق إحصائية التيار السلفي بالأردن المطلع بدقة على خبايا القتال في سوريا. وهذه الإحصائية نشرتها وكالات الأنباء وليست للتداول المحدود. من المؤكد أن السعودية لا ترد على اتهامات الأسد بهذا القرار الذي يصفه بعضهم بالمتأخر للغاية، في حين ينسون إن صدوره متأخراً أفضل من عدم صدوره نهائياً.
دولة كبيرة ومحورية هي السعودية لا تصدر قراراً لمكافحة ما يقول عنه الأسد فكراً متطرفاً هو الوهابية نسبة لمؤسسها محمد بن عبدالوهاب في القرن الثامن عشر الذي ارتبط بأفكاره تأسيس الدولة السعودية الحديثة وتوحيد أجزائها على حسب معظم الآراء. إن الهدف لا يعدو نطاق القلق السعودي من تنظيمات دينية سنية وشيعية تتحرك بقوة في المحيط الخليجي وباتت مؤثرة أحياناً ترى الرياض إنه يقف وراءها تنظيم الإخوان المسلمين وحزب الله اللبناني.
القلق السعودي يبلغ ذروته في هذا الأمر الملكي الرفيع ، ولعله سيكون الحصيلة النظرية الأولى بيد الرياض وهي تستقبل الرئيس الأمريكي باراك أوباما في زيارته المزمع إجراؤها في آذار المقبل، لتكون السعودية قد أسقطت بيدها حججاً ضدها وبقيت الكرة في ملعب غيرها. بيد إن الكرة ثقيلة وربما هي معدنية أو مغناطيسية لها جذور في الملعب السعودي الذي يمثل لعقود طويلة أرضاً خصبة لزراعتها عن قصد أو بدونه.
القرارات لا تحمي البلدان دائماً من الأخطار،ففي العراق هناك قانون لمكافحة الإرهاب في حين إن المزاولين لأنشطة إرهابية تحت سقف القانون والعملية السياسية أضعاف عدد سواهم ولا يزال الحال يتدهور نحو سوء جديد كل يوم منذ أكثر من عقد.
هناك من يقول إن في السعودية اتجاهاً نحو حقبة فكرية جديدة، وهي مجرد أقاويل لأن السعودية لا تزال تشعر أنها محاطة بالأعداء الذين لا تكفي الأدوات الجديدة للتصدي لهم ولكن القديمة منها أيضاً. وهو الأمر الذي لن يستوعبه أوباما لو زار السعودية وبحث معها أمن المنطقة مائة مرة.

رئيس التحرير

لندن