لم أكرَّمْ إذاً أنا موجود
عباس مزهر السلامي
كثيراً مايتصور الكثير، انََ من اعتلى الواجهة اليوم، سواء كانت واجهةً أدبية، أو سياسية، أو اجتماعية،هم الأفضل، والأقدر، والأعلم،والأجمل، والأشرف، بينما الحقيقة التي تعامى عنها هذا الكثير تشير بالتأكيد الى عكس ذلك،لستُ هنا بصدد تعرية من اعتلى الواجهتين السياسية، والإجتماعية،حيث أصبح الخوض فيهما ضرباً من الجنون أو العبث، ولكن يتحتّم عليَّ أن أذكر بالسخرية من اعتلى الواجهة الأدبية،فلونظرت لتلك الواجهة نظرة فاحصة، لرأيت كيف انتشرت فوقها الغربان، ولو رميتها بحجر لتطايرت فوقك تلك الغربان مذعورة، خاسئة،فلاضير أن أرمي تلك الواجهة بحجر، مادام الحجر هذا كريماً، ومادامت واجهتي من زجاج شفاف لكنه صلد لاتنال منهُ أحجارهم الواهنة.نعم يجب علينا تنظيف تلك الواجهة، وأدعو لتنظيفها كل من في جعبته حجر كريم،حتى لو كان من أدعوهم قلة لايتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة،فحجر منهم هنا، وحجر مني هناك، علّنا نتمكن من دحر الغربان، وطردها من واجهتنا الأدبية الكئيبة،وإعادة البلابل وشدوها الجميل اليها،.علّنا نعيد البهاء لها،ولن نتركهم يفرّون قبل أن يزيحوا أو يحملوا معهم ركام فضلاتهم النتنة،أعرف أن حجري هذا اليوم لانصير له ولامساند،لكنني آمل أن يأتي اليوم وتتبع حجري أحجار أخرى، حتى وان لم يحصل هذا، فالزمنُ كفيل به وستندحر الغربان حتما ً، وستفتح واجهتنا الأدبية لمن يستحق, وخير مثال على ذلك، لو عدنا الى الوراء وأحصينا كم اعتلت الواجهة من شراذم،وكيف تساقطت،صحيح أن ارتياد البلابل للواجهة وتأطيرها بالشدو امر نادر الحدوث، وأن حضور الغربان على الواجهة بنعيقها الفج أمر طبيعي، لكن هذا لن يمنعني من الشدو، سأظل أشدو وأنتظر، حاملاً حجري بيدي،
للمرة الألف قلتها للصديق منهم واللاصديق، لماذا تركتم لهؤلاء الواجهة؟ لماذا مكنتم النويقد والشويعر والإقصوصي البائس، من أن يمتد كالطحلب فوق الواجهة؟ لم تخالجني الدهشة، وأنا أراهم الصديق، واللاصديق يتهافتون لتكريم ذليل، جاد به عبد القائد،ومؤرشف البطولات ما أبخس ثمن الشاعر حينما يكون ساعة يدوية من سوق حاجة بربع، بهؤلاء تسيّد ت الغربان، بهؤلاء اعتلت ونعقت، فرحم الله المتنبي وهو يقول
من عادة الناس للأصنام تعبدها
من حطة الناس لا من رفعة الصنم
فذهاب هؤلاء للـ تكريم ،لا يندرج ضمن التواصل الطبيعي مع الفعاليات الثقافية، بل يندرج ضمن عادة الناس التي قصدها المتنبي مشكوراً، فعلى امتداد الفعاليات، من أماسٍ ومهرجانات على كثرتها، تمَّ تجاهل هؤلاء وتهميشهم،فالمهرجانات عادة ماتكون دعواتها محتكرة للشرذمة ذاتها، والتحقير عفواً أقصد التكريم دعواته مفتوحة للشعراء، وما أكثرهم يُقال أن عدد شعراء الحلة يربو على الثمانين في آخر الإحصائيات والسؤآل الممل الذي يطرح نفسه، مادام الشعراء بهذه الكم،لماذا اذاً تقتصر الدعوات على فلان وفلان للمهرجانات ذاتها؟ ولو تفحصت ماكتبه فلان هذا، وماجادت به قريحة فلان ذاك، لوجدته يندرج ضمن شعراء الكلمات المتقاطعة اللذين شخَّصهم قباني رحمه الله من قبل، واتحدى أي فلان من هؤلاء أن يذهب بهرائه الى المنصة قبل أنْ يعرضهُ على عارف بالحركات، أومتخصص بتمييز الفعل من الفاعل،، وباستطاعتي هنا الإجابة على سؤآلي الذي طرحتهُ أنا قبل أجابتكم عليه سادتي، لقد قرأتُ أغلب ماكتب هؤلاء، لم أجد في ماكتبوه شعراً يُذكر، لذا فعدد الشعراء، مبالغٌ فيه وبإمكاني تقليص عددهم، أو تشذيبه الى نيف أو أقل من ذلك، ومن الطبيعي أن لايكون هذا النيف كله بتوجه واحد، فبعض منه توارى بعيداً عن تلك المنصة،بعد أن أيقن أن كل ماكتبهُ لم تكن جديرة به منصة اليوم، وبقي منهُ من شارك ارجوزات المنصة تلك إما طائعاً أو مجبرا،لذا كنت أنا وحدي من توارى، بقيتُ نظيفاً، لم تدنسني منصة، أو يحقّرني تكريم، لطالما لمّحَ سدنة اتحاد بابل وأرسلوا أذنابهم في محاولات دنيئة لما يسمى بعملية المصالحة،لرأب الصدع، ولملمة شمل أعضائه تحت سقفهم المتهالك، من أجل عودة المتمردين على تعاليم عبد القائد،ومحاولة استرضائهم بــ حاجة بربع ، كي ينفرد عبد القائد وزبانيته بالإتحاد ويحتكروا المهرجانات، ويتكرموا بالدعوات على أذنابهم، وما أذلها من دعوات، حينما تأتيك ممن لامنتج له سوى أرشفة الحرب، وبطولاتها،وصياغة أقوال القائد شعرياً،ومن ثم التنصل منها بخسة مكشوفة فيما بعد، ليتمكن من الإتحاد كما تمكن منهُ من قبل، ابان الفترة الماضيةالتي دأب اليوم على تسميتها بالمظلمة , هل أدلّكم سادتي على مصيبة المشهد الثقافي الحلي؟ وأعتقد انها مصيبة المشهد الثقافي العراقي بكل فروعه ، انك لو تلاعبت أوسخرت بالرأس، انتفض الذيل، ولو دست، على الذيل، تحرّكَ الرأس ُ رافضاً ومعربداً،
هل سمعتم أخر نكتة أدبية حلية، يقولون ان الدكتور فلان سرَّ صديقهُ الشاعر، قال له حضّرْ نفسك،ستوجه لك الدعوة الخاصة، لحضور المهرجان العالمي في الحلة والذي سيحضرهُ أودونيس فقد دأبنا على عمل أكثر من خمسين فيزا للمدعوين، أما دعوات الأدباء هنا، فستكرّس لأسماءَ لامعة، لقد سخرت بداخلي من مفردة اللامعة، فقد خبا كل لمعان أو بريق، بعد أن تداعت كل الرموز والمسميّات،، فاللمعان قد تلاشى من كثرة الإستعمال، ونصيحتي لك أيّها الدكتور المُبجل، دعْ عنك اللمعان، فقد اختصت به اليوم، الأحذية فقط، وليس كل مايلمع ذهبا، وأقول لصديقي الشاعر، لاتغرنّك الدعوة،فقد كذب هؤلاء ولو صدقوا ، وأقول له مازحاً اذا حضر أودونيس حقاً، فسنقيم له أمسية في مقهى الريال ، وان لم يحضرسنعاتبهُ على الفيس بوك
خذوا كل الدعوات، تربّعوا فوق كل المنصات،احتكروا كل المهرجانات،الهفوا كل التكريمات، حتى لو كانت من سوق الخردة،اسرحوا وامرحوا، انعقوا، والهثوا،اطمئنوا على هرائكم فالمهرجانات في اضطراد، مادامت اللصوصية في ازدياد، وفي الختام أقول بفخر لن أكون ذيلا، لن أكون مهرِّجاً، سأهمس فرِحاً أنا لم أُكَرَّم، إذاً أنا نظيف.
/4/2012 Issue 4170 – Date 10 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4170 التاريخ 10»4»2012
AZP09