لماذا لم يندمج عراقيو الخارج مع مجتمعات الهجرة؟ (1-2)

لماذا لم يندمج عراقيو الخارج مع مجتمعات الهجرة؟     (1-2)

وسام الشالجي

ان هجرة الناس من بلد لأخر هي امر طبيعي يحدث باستمرار لمختلف الاسباب وفي كل الازمان . ووفق نفس هذه السلوكية فأن العراقيين وعلى مدى تاريخهم كانوا يهاجرون الى الخارج بشكل طبيعي ،  لكن هذه الهجرة ظلت قليلة وغير محسوس بها الا في المدة الاخيرة . فمنذ نحو ثلاثة عقود تقريبا وحتى الان تدفقت على الكثير من دول العالم ،  وبالذات الى دول الغرب في اوربا والولايات المتحدة موجات بشرية كبيرة من العراقيين المهاجرين الى الخارج معظمهم من الفارين من بلدهم لمختلف الاسباب . ان عدد العراقيين الذين هاجروا الى الخارج قد وصل خلال تلك المدة الى ما يزيد عن اربعة ملايين فرد ،  ثلاثة ارباعهم ممن هاجروا بعد سقوط النظام السابق عام 2003 . وقد وصلت اعداد بعض العراقيون في بعض البلدان الى ارقام كبيرة حتى اصبحوا الجالية الثانية او الثالثة في البلد بعد ابناء البلد الاصليين ،  كما هو الحال في السويد وهولندا على سبيل المثال . ولو جرى دراسة حالة اللاجئين في البلدان التي هاجر اليها العراقيون سيكتشف بأن من بين كل الجاليات المختلفة التي تعيش فيها فان المهاجرين العراقيين لم يندمجوا مع مجتمعات تلك البلدان الا بمستوى ضئيل بالرغم من مضي فترات طويلة على اقامة بعضهم فيها . ويثير عدم الاندماج هذا قلق الحكومات والمجتمعات الغربية بسبب المخاطر الأمنية وارتفاع نسبة الجرائم بين المهاجرين ،  وحتى الأرتماء في أحضان القوى الأرهابية التي تستغل حالة اليأس والشلل التي تصيب هذه الفئات . وتظهر حالات عدم الاندماج مع مجتمعات المهجر من خلال مشاهد عديدة ، اهمها :

1-         عدم تعلم لغات البلدان التي يقيمون فيها : ان الكثير من العراقيين ،  وبالذات من ذوي الاعمار الكبيرة ممن تجاوزوا الاربعين ،  لم يتعلموا لغات البلدان التي هاجروا اليها الا بمستوى صغير يكاد يكون ضحل وبقدر لا يتجاوز احتياجات تمشية الحياة اليومية .

2-         التقوقع الاجتماعي : ظلت العلاقات بين العراقيين ومواطني الدول التي هاجروا اليها شبه معدومة وبقيت محصورة تقريبا مع ابناء جلدتهم فقط . ومما أفرزته هذه الحالة ان العراقيين اخذوا يحرصون على السكن بالقرب من بعضهم البعض وشكلوا مستوطنات صغيرة تعج بهم وخلقوا ظروفاً انعزالية واخذوا يعيشون حياتهم اليومية وكأنهم يعيشون في العراق .

3-         الاعتماد الكلي على المساعدات المقدمة : حصل العراقيون بعد وصولهم الى دول المهجر على مساعدات تقدمها تلك الحكومات لتعينهم في حياتهم الجديدة . لقد اعتمد العراقيون على تلك المساعدات بشكل كلي واصبحت جزءاً من حياتهم ويحرصون على تجديدها باستمرار . بل ان بعضهم اصبح خبيرا في طرق الالتفاف على القانون لكسب اقصى ما يمكن من تلك المساعدات والحصول عليها حتى مع عدم استحقاقهم لها .

4-         قلة الانخراط بسوق العمل : ظل معظم العراقيين المهاجرين غير منخرطين في سوق العمل في البلدان التي استقروا فيها وبقوا معتمدين بالدرجة الاساس على المساعدات والتسهيلات التي تقدمها حكومات تلك الدول .

5-         الجهل بالقوانين والأنظمة المحلية : بالرغم من بقائهم لفترات طويلة في البلدان التي يقيمون بها نجد ان العراقيين ظلوا يجهلون اغلب القوانين والانظمة المطبقة في تلك البلدان ولا يعرفون منها الا فقرات صغيرة .

6-         التقوقع الديني : بالرغم من تسامح الدين الاسلامي وتصديقه لبقية الديانات السماوية واحترامه لعقائدها ومعتنقيها نجد ان العراقيين المهاجرين قد نمت في نفوسهم ظواهر التعصب الديني والتشدد واصبحوا يميلون الى الانعزال عن بقية مواطني الدول التي يقيمون بها لأنهم يدينون بديانات مختلفة . كما ان العراقي اصبح يقضي جل وقته وهو في صراع ،  هل ان ما يأكله حلال ام حرام ؟ او يتساءل هل ان ما يفعله جائز من جهة الدين ام لا؟ ان هذا الحال جعل العراقيين يعيشون كالغرباء في البلدان التي هاجروا اليها غير عارفين بطبائع وعادات الشعوب التي يعيشون معها ولا تربطهم بهم اية روابط أو علاقات ويعيشون كجالية متقوقعة على نفسها . وفي الوقت الذي نرى العراقي يجهل كل شيء عن المجتمع الذي يعيش فيه نجده في نفس الوقت يعرف كل صغيرة وكبيرة عن العراقيين الذين يعيشون الى جانبه ،  وقد تصل المعرفة الى حد انه يعرف حتى ماذا أفطر جاره العراقي وماذا تغدى وماذا تعشى . كما ان الدول المضيفة اخذت تواجه حالات وظواهر لم تعهدها من قبل أتية بالذات من الجاليات العراقية التي دخلت على مجتمعاتهم وتصرفاتها التي هي غريبة عنها ولا تتنسجم مع ثقافاتها .ان جزء كبيراً من مشاكل العراقيين المهاجرين في الخارج يعود اصلها الى طبيعة المجتمع العراقي والبيئة التي هاجروا منها ،  وكذلك الى صفات وخصائص الشخصية العراقية التي يحملونها. وفي الفقرات القادمة سيجري دراسة الأسباب التي جعلت العراقيين لا يندمجون مع المجتمعات التي اصبحوا جزءاً منها ،  وتحليل الظواهر التي تتعلق بهذا الموضوع . ان تدارس هذه المشاكل وبحثها مع وجود فهم مسبق لمسبباتها سيكون مفيدا للضيف المهاجر والدولة المضيفة على حد سواء . فمن جانب هو سيساعد العراقيين المهاجرين على تجاوز المشاكل التي تواجههم ،  او على الاقل التخفيف من اثارها السلبية . ومن جانب اخر فهو يمكن ان يساعد حكومات الدول المضيفة على فهم هذه الجالية المهاجرة والتي اصبحت جزءاً من مجتمعاتهم ومعرفة اسباب هجرتها وكيفية التعامل معها ،  خصوصا وانها تعرضت الى الكثير من المتاعب والاحوال الغير طبيعية مما وضعها في ظروف قاهرة وامام خيارات صعبة .

تعود تصرفات اي جالية مهاجرة اجبرتها الظروف الى النزوح من بلدها الى دولة اخرى بالدرجة الاساسية الى طبيعة هذه الجالية فيما اذا كانت جالية مستقرة وذات ديمومة في المكان الذي وصلت اليه ،  أو انها جالية تحمل صفة البقاء المؤقت وتفكر بالعودة الى مناشئها طال الوقت ام قصر . فعلى سبيل المثال ،  حين تم اكتشاف قارة امريكا فان موجات المهاجرين الاولى التي وصلت اليها والتي تدفقت من مختلف بلدان اوربا كانت قد قطعت تذكرة باتجاه واحد ولم تفكر بالعودة الى اوطانها الاصلية في يوم من الايام . وكانت اصول تلك الموجات البشرية المهاجرة أتية من بلدان متعددة وتتكلم بلغات مختلفة وتحمل ثقافات متباينة ولديها طبائع غير متشابهة . وحين جرى تأسيس المستوطنات السكانية الاولى في اراضي العالم الجديد من قبل تلك الجاليات المهاجرة لم تفكر اي جالية منها بان تتقوقع على نفسها وتنعزل عن بقية الجاليات ،  بل اخذت تتاجر فيما بينها وتؤسس الروابط وتبني العلاقات مع بعضها البعض وتتبادل المعلومات والخبرات خصوصا فيما يتعلق بالارض التي استوطنتها بما يعود بالفائدة عليهم جميعا . لذلك يمكن القول بان هذه الجاليات ذات الاصول والثقافات واللغات والطبائع المختلفة انصهرت بالنهاية فيما بينها واسست المجتمع الامريكي كما نعرفه اليوم. لا يعني هذا ابدا بان ذلك قد ازال الصفات الخاصة التي تتمتع بها كل جالية ،  بل ان الكثير من تلك الخواص ظلت موجودة وتمارس بفخر واعتزاز وتحترم من قبل الجميع . ان هذا الوضع لم يأتي من فراغ او عبث ،  بل جاء نتيجة لحرص القادمين الى تلك الارض لأن يتجاوزوا عوامل الاختلاف الموجودة بينهم ويحولونها الى عوامل ربط بدل ان تكون عوامل تفرقة . يمكن القول بان اسباب الانصهار لتكوين مجتمع واحد ترجع بالدرجة الاساس الى ان المهاجرين كانوا قادمين برغبة وناوين على البقاء بشكل دائمي ومستمر ،  وان الاغتراب دفعهم الى التعاون مع بعضهم البعض لدحر الصعوبات والتحديات التي تواجههم في بيئتهم الجديدة .

ولو تدارسنا وفق هذا المنطلق نوعية الشرائح العراقية التي هاجرت الى بلدان اخرى ،  فعلينا ان نقسمهم الى قسمين ،  هما :

1-         الموجات التي هاجرت الى الخارج قبل عام 1980 : ان العراقين الذين هاجروا الى الخارج قبل عام 1980 كان معظمهم من المسيحيين الذين خططوا طويلا للنزوح الى دول الغرب وهاجروا هجرات منظمة ومرتبة . وكان السبب وراء هجرة هؤلاء هو انهم كانوا يشعرون بشكل او بأخر بانهم ولدوا في المكان الخطأ بسبب وجودهم في العراق كأقلية دينية وان عليهم تصحيح هذه الخطأ والنزوح الى بلدان تدين بالديانة المسيحية . كانت هذه الهجرات هي هجرات نهائية ولم يحصل الا نادرا أن عاد بعض من هاجر منهم الى العراق مرة ثانية ،  وحتى في الحالات القليلة التي حصلت فان العائدين أكتشفوا بانهم تغيروا كثيرا ولم يعودوا قادرين على العيش مع مجتمعهم القديم مرة اخرى فهاجروا من جديد . كما ان علينا ان نقر بان المهاجرين من هذه الفئة كانوا راغبين ومستعدين لان يتغيروا كليا وان يتركوا خلفهم كل ما عاشوا فيه وان يصطبغوا الى اقصى درجة ممكنة بصبغات الدول التي استقروا فيها . لذلك ،  فان هؤلاء خلعوا عنهم تقريبا معظم صفات المجتمع الذي أتوا منه واندمجوا كليا مع مجتمعاتهم الجديدة وتعلموا بسرعة لغاتها ،  حتى ان ابناء الجيل الثاني منهم اصبحوا مواطنين يصعب التمييز بينهم وبين مواطني البلد الاصليين . ان هذا لا يعني ابدا بأن العراقيين من هذه الفئات تنكروا لمجتمعاتهم الأصلية او تخلوا عن وطنيتهم او نسوا ثقافاتهم ،  بل اننا نجدهم باستمرار ،  خصوصا ابناء الجيل الاول منهم يعاودون من فترة لأخرى الى عقد لقاءات تجمعهم حيث يلبسون ملابسهم التراثية ويمارسون عاداتهم القديمة ويتغنون بأرثهم الثقافي والفني ويتبادلون الاحاديث بلغاتهم الاصلية .

2-         الموجات التي هاجرت الى الخارج بعد عام 1980 : ان النسبة العظمى من المهاجرين في هذه المرحلة وما بعدها كانوا من المسلمين الذين اضطرتهم للهجرة الظروف والاسباب السياسية  والطائفية والدينية . كما كان ضمن هذه الموجة ايضا بعض المسيحيين الذين تعرضوا للاضطهاد الديني مع غيرهم من الأقليات الدينية بسبب المد التكفيري الذي ارتفعت مستوياته بالعراق بعد عام 2003 . ان الغالبية العظمى من الموجات المهاجرة من هذه الفئة هاجرت اضطراريا وبسرعة وبدون تخطيط مسبق ،  ولم تحمل في قرارة نفسها ابدا صفة النزوح النهائي والاستقرار في الوطن الجديد بل وضعت في حساباتها بان هجرتها هي هجرة مؤقتة وانها ستعود الى الوطن بمجرد ان تتحسن الاحوال فيه . ان هذا الوضع ذو اهمية كبيرة لما فيه من تأثير لانه هو الذي حدد طبيعة تصرفات هؤلاء العراقيين المهاجرين في بلدان المهجر . ان الشعور بان الحياة الجديدة هي حياة مؤقتة طال الزمن او قصر يجعل من المهاجر غير راغب بجدية لأن يندمج في مجتمعه الجديد ولا تعلم لغة البلد الذي نزح اليه ،  ولا مهتم بمعرفة صفات هذا المجتمع وخصائصه وطبائع افراده طالما انه يشعر بان مدة بقائه فيه محدودة وسيتركه في أخر المطاف . اما بالنسبة للعمل فان المهاجر من هذا النوع لا يتحمس ايضا للأنخراط بالعمل لأن هذا سيجعله يحتاج الى تعلم اللغة ومعادلة الشهادات والاندماج بعض الشيء في المجتمع وهو غير راغب بهذا اصلا ،  لذلك فانه يبقى يبحث عن اي منفذ يعفيه من هذا الامر والذي عادة ما يكون البقاء معتمدا على المساعدات التي تقدمها حكومات الدول المضيفة . اما اذا اضطر للعمل لسبب او لأخر فانه لا يرمي بثقله كله بهذا الميدان أبدا ويرضى ويكتفي باية وظيفة او عمل بمجرد انها تسد حاجته . كما اننا غالبا ما نجده في مثل هذه الحالة يبحث عن العمل الذي لا يحتاج الى تعلم لغة ولا الى خبرات تخصصية ،  لذلك نجد الكثير من العراقيين الذي هاجروا من ضمن هذه الفئة عملوا باعمال متدنية بالرغم من ان الكثير منهم يحملون شهادت مرموقة وكانوا متخصصين في مهن معينة ، أو كانت لديهم وظائف رفيعة فقدوها فجأة . من ناحية اخرى ،  فان المهاجر الذي على هذه الشاكلة يكون حريصا على الاستفادة من كل المساعدات الممنوحة والتسهيلات المتاحة ويبحث عنها باجتهاد لكي تساعده في تخفيف اعباء الحياة ،  خصوصا اذا كانت هذه المساعدات يمكن ان تعفيه من العمل . وحتى الجيل الثاني من هذه الفئة فأنه لم يندمج بالمجتمع الجديد الا بشكل محدود لانه ظل محددا ومتاثرا بما فرضه عليه الجيل الاول الذي ظل يصبوا نحو العودة الى الوطن الام . النوع الاول من المهاجرين العراقيين لم يواجه مشاكل كثيرة وكبيرة واستطاع ان يتاقلم في ظروف حياته الجديدة بسرعة وسهولة ويتغلب على كل الصعاب التي واجهته ،  واصبح بعد مدة ليست بطويلة جزءاً من المجتمعات التي سكن فيها . اما النوع الثاني ،  والذي يعنينا بهذا البحث فقد عاش ويعيش بصورة مستمرة بازمة كبيرة في موطنه الجديد وواجه مشاكل وصعوبات كثيرة . وكما قلنا سابقا ،  فقد هاجر معظم العراقيين من هذا النوع الى الخارج دون تخطيط واعداد مسبق وبسبب مستجدات فجائية حصلت في حياتهم وظروف استثنائية لم يحسبوا حسابها ،  وقد حملوا معهم صفاتهم واخلاقهم ،  وكذلك عاداتهم وطبائعهم وجميعها مرتبطة بطبيعة المجتمع الذي تركوه . ومن الطبيعي بان تكون هذه الصفات والطبائع كثيرة جدا ومتشعبة ،  لكن ما يعنينا هنا هو عدد محدد منها مما كان له اثر وانعكاس على تصرفات العراقيين بعد سفرهم واستقرارهم في دول اخرى ،  اهمها :

1-         حب الوطن والروح الوطنية : يتميز العراقي بانه يحب وطنه الى درجة كبيرة ،  وان ثلاثة ارباع عقليته وتفكيره هي عقلية وتفكير سياسي . وحتى ان ترك العراقي وطنه لاي سبب كان فانه يبقى مرتبطا به عقليا وروحيا وهو غير مستعد للتفريط بانتمائه اليه ابدا. كما ان العراقي يحب الأمكنة  والمناطق التي ترعرع بها بدرحة كبيرة ،  ولا تتبدل نظرته لبيئته الاصلية مهما كانت متأخرة وحتى لو وضع في افضل واجمل مناطق العالم .  2-  العصبية : الانسان العراقي متعصب بشكل فطري للفئة التي ينتمي اليها . والعصبية الموجودة لدى العراقي يمكن ان تكون للقبيلة ،  العشيرة ،  الدين ،  الطائفة ،  او العرق . وبسبب هذه العصبية فأن العراقي يميل بشكل طبيعي الى الاصطفاف والتخندق مع الفصيل او الفئة التي ينتمي اليها ،  على حق كانت ام على باطل . وقد تجذرت العصبية لدى العراقيين على مدى تاريخهم واصبحت تمارس في كل لحظة وفي كل يوم وفي كل مفردة من مفردات الحياة حتى صارت صفة ثابتة من صفاتهم .

3-         التدين : التدين صفة اساسية اخرى من صفات العراقي وبالذات العراقي المسلم ،  ويمكن القول بان نصف مفردات الحياة اليومية للعراقي تتعلق بشكل او بأخر بأمور دينية . ويحرص العراقيون على اقامة الشعائر والطقوس الدينية الاسلامية وتطبيق الاحكام الدينية على جميع تفاصيل حياتهم والخضوع بصورة تامة وبطريقة لا ارادية الى توجيهات رجال الدين او القائمين عليه .

4-         التمسك بالعادات والقيم السائدة : العراقيون هم من اكثر الاقوام البشرية تمسكا بالقيم والمبادئ والعادات السائدة في مجتمعهم . ان منبع القيم والعادات والاعراف في المجتمع العراقي يعود الى عدة مناشئ منها تاريخية وبيئية ومنها دينية ومذهبية . ولكون المجتمع العراقي هو مجتمع فئوي (عشائري وطائفي وعرقي) ،  فان لكل فئة من هذه الفئات قيمها وعاداتها الخاصة التي تلتصق بها ويلتزم بها من قبل الجميع حتى تصبح صفات متوارثة اب عن جد وجيل عن جيل يلتزمون بها بشكل فطري ولا يفكــرون ابدا في الخروج عليها.

5-         الطائفية : ينقسم العراقيون بصورة رئيسية الى طائفتين مذهبيتين .

 ومع ان هاتين الطائفتين هما لمذهبين اسلاميين الا انهما تختلفان في الكثير من المعتقدات والاحكام والممارسات والطقوس الدينية . ومما لا شك فيه ان مظاهر الاختلاف بين هاتان الطائفتين خلقت بينهما نوع من التضادد والعداء الخفي يظهر بطرق مختلفة من بينها الهيمنة على الأوضاع الداخلية والتحالف مع القوى الخارجية والمبالغة في اقامة الطقــــــوس والشعائر الدينية .

ومع ان حالات الاختلاف هذه لم تصل الى درجة الاحتراب بالماضي بين الطائفتين ،  الا ان المستجدات التي دخلت على المجتمع العراقي خلال العقود الاخيرة جعلته مجتمع طائفي واصبحت الاوضاع فيه متأزمة باستمرار حتى وصلت الى حد الانفجار كما حصل في الاعوام 2006 – 2008 ويمكن ان يحصل من جديد في اي وقت ،   وكل من يتجاهل هذه الحقيقة فهو يخادع نفسه قبل ان يخادع الاخرين .

6-         قلة الاندفاع في العمل : يعتبر العراقي بصورة عامة شخص قليل الانتاجية وغير مندفع للعمل ،  وقد اظهرت الاحصائيات الدولية على ان مستوى انتاجية العراقي قياسا بالمستويات العالمية تقع في نهاية السلم تقريبا . ويحب العراقي التمتع بالعطل والاجازات لاقصى درجة ممكنة ،  وحين يعـــــــــمل فانه يقــــوم بتمشية يومه باي طريقة من الطرق .

 وبالمقابل فان العراقي في نفس الوقت يحب كثيرا الامتيازات والرواتب العالية ويحرص على الحصول على المكافآت او اي فوائد يمكن ان يحصل عليها . وفي مثل هذه الظروف نجد ان غالبية العراقيين يميلون للتوظف لدى الحكومة وعدم الاشتغال بالقطاع الخاص لان رواتبهم ســــتكون ماشية عملوا ام لم يعملوا .

{ كاتب وباحث

مشاركة