لماذا الجميع موهومون ؟

fatih new 2016-11

توقيع

فاتح عبد السلام

الوهم‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬يأكل‭ ‬رأس‭ ‬الكبير‭ ‬والصغير‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ . ‬جميعهم‭ ‬موهومون‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬يقدمونه‭ ‬من‭ ‬طروحات‭ ‬سياسية‭  ‬يمكن‭ ‬تحظى‭ ‬باهتمام‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬العراقيين‭ ‬أو‭ ‬ثقتهم‭ .‬

إنهم‭ ‬في‭ ‬واد‭  ‬والعراقيون‭ ‬في‭ ‬واد‭ ‬آخر‭ ‬،‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬توصيف‭ ‬الصورة‭ ‬قبل‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬أعماقها‭ .‬

بعد‭ ‬خراب‭ ‬البصرة‭ ‬وانحشار‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬عمق‭ ‬الازمات‭ ‬يأتي‭ ‬فلان‭ ‬وعلاّن‭ ‬بما‭ ‬يسميه‭ ‬مبادرة‭ ‬لحل‭ ‬أزمة‭ ‬العر‭ ‬اق‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬يعي‭ ‬للحظة‭ ‬واحدة‭ ‬،انّ‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬كلام‭ ‬مبادرته‭ ‬هو‭ ‬شروط‭ ‬اخلاقية‭ ‬تمت‭ ‬بصلة‭ ‬الى‭ ‬صميم‭ ‬الوطنية‭ ‬،وانّ‭ ‬مَن‭ ‬يتذكّر‭ ‬هذه‭ ‬الاساسيات‭ ‬الآن‭ ‬يؤكد‭ ‬بشكل‭ ‬لايقبل‭ ‬الشك‭ ‬انه‭ ‬عاش‭ ‬طوال‭ ‬حكمه‭ ‬او‭ ‬وضعه‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬أربع‭ ‬عشرة‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬دونها‭ . ‬هنا‭ ‬نواجه‭  ‬ثلاثة‭ ‬أسئلة‭ ‬متراكبة‭  ‬وعملية‭ ‬،‭ ‬هي‭ ‬،‭ ‬لماذا‭ ‬يبادر‭ ‬مَن‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬تطبيق‭ ‬مبادرته‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬،الى‭ ‬التقدم‭ ‬بها‭ ‬للآخرين‭ ‬؟

‭ ‬ولماذا‭ ‬يقدمون‭ ‬مبادرات‭ ‬غير‭ ‬مكتملة‭ ‬العناصر‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬غموضها‭ ‬ولفلفتها‭ ‬المصائب‭ ‬بكلمات‭ ‬واهنة‭ ‬فتثير‭ ‬مزيداً‭ ‬من‭ ‬الانقسام‭  ‬؟

‭ ‬والسؤال‭ ‬الثالث‭ ‬،‭ ‬لماذا‭ ‬يعرضون‭ ‬مبادرات‭ ‬ليس‭ ‬بيدهم‭ ‬سلطة‭ ‬تنفيذها‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تنفيذ‭ ‬الجزء‭ ‬المتعلق‭ ‬بهم‭ ‬منها‭ . ‬

في‭ ‬المقابل‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يعطي‭ ‬اجابات‭ ‬شافية‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬خيطاً‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬نلمحه‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬الافق‭ ‬ترمش‭ ‬عيونهم‭ ‬جميعاً‭ ‬نحوه‭ ‬،‭ ‬ذلك‭ ‬الخيط‭ ‬هو‭ ‬،‭ ‬التغيير‭ ‬الذي‭  ‬ستبادر‭ ‬واشنطن‭ ‬الى‭ ‬تبنيه‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬خارج‭ (‬خدمتها‭) ‬برغم‭ ‬مما‭ ‬نزفت‭ ‬دماً‭ ‬ومالاً‭ ‬وسمعةً‭ ‬لأجله‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الامريكية‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬ان‭ ‬الامر‭ ‬لا‭ ‬يحتمل‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬فكر‭ ‬الرئيس‭ ‬الامريكي‭ ‬الجديد‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ .‬

لكن‭  ‬لماذا‭ ‬يتوهمون‭ ‬بأن‭ ‬الامريكان‭ ‬وهم‭ ‬يعيدون‭ ‬انتاج‭ ‬تعاملهم‭ ‬مع‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬غير‭ ‬باب‭ ‬الاحتلال‭ ‬،‭ ‬سقتنعون‭ ‬بكلام‭ ‬معاد‭ ‬مستهلك‭ ‬أجوف‭ ‬لا‭ ‬أرض‭ ‬له‭ ‬ولاسماء‭ ‬تظله‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬شخوص‭ ‬المخاضة‭ ‬التي‭ ‬انتجت‭ ‬عراق‭ ‬الفوضى‭ ‬والفساد‭ ‬والرذيلة‭ ‬والفقر‭ ‬وامتهان‭ ‬الانسان؟‭ ‬

هذا‭ ‬السؤال‭ ‬بالذات‭ ‬له‭ ‬اجابة‭ ‬واضحة‭ ‬واحدة‭ ‬وقاطعة‭ ‬،‭ ‬هي‭ ‬انهم‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬الاوهام‭ ‬انتاجاً‭ ‬وتسويقاً‭ ‬واستهلاكاً،‭ ‬ويجترون‭ ‬ما‭ ‬يسمونه‭ ‬مبادرات‭ ‬ليستثنوا‭ ‬انفسهم‭ ‬من‭ ‬الورطة‭ . ‬

رئيس التحرير

لندن

مشاركة