للكرادة شجن لن ينتهي
الكرادة منطقة البنايات الفارهه والاسواق الضخمة متنفس العوائل وملتقى المحبين و مجمع الاصدقاء والاصحاب . مدينة الحب والحرب ، ارض الحياة والموت .لقد دبر اعداء الانسانية جريمة بشعة بكل المقاييس وا?عراف، حينما صنعوا محرقة كبيرة زجو فيها الابرياء وهم أحياء ، فهم لم يميزوا في جريمتهم هذه بين مسلم ومسيحي او بين سني و شيعي او عربي وكردي. فكلنا يعلم أن اسواق الكرادة ومطاعمها ومراكزها الترفيهية لكل العراقيين دون التمييز بين عرق او دين . ولكن ما حدث كان هدفه إثارة الرعب في كل مكان وخاصة المكانات العامة و الترفيهية والاسواق ، وليثبتوا للحكومة العراقية والقوات الامنية بانها عاجزة عن حماية شعبها وتلك هي الطامة الكبرى التي زادت من الفجوة بين الحكومة والشعب وأفقدت الحكومة العراقية ما بقي لها من ثقة شعبها بعد أن فقدت ثقته شيئا فشيئا ومنذ 2004. فأيقن الشعب أن حكومته غير قادرة على الامساك بزمام الامور مما أوصله الى هذه الحالة المأساوية ، ولا ندري هل تتمكن حكومتنا من إعادة بناء هذه الفجوة بينها وبين شعبها من جديد وخاصة بعد حركة التغييرات التي حصلت في الداخلية والامن بعد انفجار الكرادة، هذا ما ستكشفه لنا الايام المقبلة .
ورغم كبر الفاجعة التي هزت العراقيين فقتلت فرحة العيد التي لطالما انتظرناها الا انها كانت فاجعة ايضا لمن رسم مخطط هذا الانفحار ونفذه ، حيث أذهلهم بل أذهل العالم اجمع الروح العراقية الواحدة التي اجتمع بها ابناء الشعب الواحد بكل أطيافه ومن كل محافظات العراق لتصبح الكرادة قبلة للزائرين، يتوافدون عليها لاشعال الشموع و قراءة سورة الفاتحة فيجتمع في هذا المكان الذي ضم ارواح المئات من الابرياء يوميا الالاف من الشرفاء بل انه المكان الاول الذي توجهوا اليه في العيد بالشموع و الصلاة يعايدون ارواح الشهداء الطاهره التي انتظرت العيد واستعدت له الا انها لم تدركه ولم تفرح به. لتصبح هذه الكارثة الانسانية سبيلا للوحدة العراقية بعد أن فرقتهم الطائفية جمعتهم مرارة الالم والحزن .
ورغم محاولة شبابنا البغدادي عامة والكرادي خاصة ارجاع ذلك الشارع المنكوب الى وضعه الطبيعي بعد تنظيفه واصلاح التالف منه الا اننا مانزال نشم رائحة النار الممزوجة برائحة الاجساد المحترقة في كل مكان وتتهيأ لنا صور تلك الارواح الطاهرة وهي تزهق نفسا بعد نفس ولا زلنا نسمع صرخات النساء والاطفال وهم يستنجدون .فمنذ نعومة اظافرنا ونحن نسمع ونردد في المدارس والاناشيد الصباحية (نموت نموت ويحيا الوطن ) فهل هو هذا الموت الذي كنا نقصده عندما رددنا هذه المقولة التاريخية .ولكننا اليوم نموت والوطن يموت معنا .ولكن وطننا لايزال يستنجد بالشرفاء ان ينقذوه ويعدوا بناء تاريخه وأمجاده من جديد اما نحن العراقيون فاننا نموت بصمت رهيب دون أن يشعر بنا او يسمعنا أحد.
حنان نعمة حسين الشمري – بغداد