للبلاد التي تسكنني**
معد الجبوري-الموصل
بعدَ أنْ طفحَتْ غُربَةُ الروح،
واتَّقَدَ الجمرُ تحتَ الرَّمادْ..
بعدَ أنْ ضاقَ صدريَ،
بالتيهِ ما بينَ منفى ومنفى،
ومِن نَزَواتي مَلَلْتُ ومِنْ نَزَقِي،
ووقفتُ بوجهِ الضَّنَى،
وليالي السُّهادْ..
قلتُ يوما لنفسِيَ
قُمْ يا غريبُ
وعُدْ لبلادِكَ،
أفنيتَ زهرَةَ عُمرِكَ بينَ المنافي
ولمْ تَرَ في أيِّ أرضٍ،
بلاداً عليكَ حَنَتْ،
مثلَ تلكَ البلادْ..
بعدَ أن عصفَتْ ببلاديَ،
ريحٌ مِن الشرقِ مقبلةٌ،
وعلى الأرضِ،
مِن كلِّ فَجٍّ،
تَقاطَرَ سربُ جَرادْ..
عدتُ أفركُ جفنَيَّ،
ماذا جرى
أبلاديَ هذي التي كنتُ أعرفُها،
كيف عَمَّ الخرابُ جنائِنَها
وطَوَى مُدُناً وقُرى..
وعليها أناخَ الفسادْ؟
أبلاديَ أم إرَمٌ ما أرى
والذين بها أفسدوا،
أهُمُ قومُ عَادْ ؟
ثم أفركُ جفنَيَّ ثانيةً،
وأصيحُ
لماذا اللآلئُ تُدفَنُ في وطني،
والحمائمُ هائمةٌ،
بين وادٍ ووادْ..
ولماذا عَبيدُ العَمائِمِ،
سادةُ هذي البلادْ؟
يومَ وَجَّهْتُ وجهي إليكِ،
على عَجَلٍ،
يا ديارَ الصِّبا،
وملاعِبَ صَحْبي،
أكنتُ مِن المُرِّ،
صوبَ الأَمَرِّ،
أشدُّ رِحالي،
وأخمِدُ فِيَّ زِنادَ حنيني،
ليقدحَ للغيظِ فيَّ زِنادْ؟
آهِ .. فلأشهدِ الآنَ
أنَّ فؤاديَ لم يتَصَدَّعْ بمنفاهُ،
مِنْ غُربَةٍ ونوَى،
وتصدَّعَ،
حين رأيتُكِ،
هذا الفؤادْ؟
واشهدي
يا بلادي التي لم تزلْ بَعْدُ تسكنُنِي
أنني بِغَدٍ مُشرقٍ،
بعدُ ما زلتُ أحلمُ،
ها أنَذا فوق جَذوةِ حلميَ،
أطبِقُ كَفِّيَ،
كَفَّ الإقامةِ فيكِ،
وأطوي أمامَكِ،
أشرعةَ السندبادْ..
/4/2013 Issue 4487 – Date 25 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4487 التاريخ 25»4»2013
AZP09