لكي تكون إنساناً – خالد ألسلامي
قد يكون اغرب عنوانا وضع لمقال صحفي في هذا الزمان وربما الأزمان التي سبقت زماننا هذا الذي جعلنا نضع فوارق وفواصل وربما حدود وحواجز بين الإنسانية والبشرية فليس كل من مشى على اثنين وتكلم بلسان ناطق فصيح يمكن أن نعتبره إنسانا فالبشر هذا الكائن الناطق لكي يوصف بالإنسان فعليه أن يحمل مجموعة من الصفات الفضيلة التي تؤهله لحمل هذا المعنى الكبير لهذه الصفة ولهذا قد تطلق مسميات متنوعة ومتعددة لهذا المخلوق البشري الذي خلق من تراب فمنهم من لم ينسى انه خلق من هذا التراب وانه عائد إليه ومنهم من تناسى ذلك وكأنه خلق من نور وذهب وانه باق لا يموت إلى الأبد ولكل من هذان النوعان من البشر صفاته فمن كان من الصنف الأول الذي يعتز ويتذكر دائما ترابيته التي خلق منها وانه عائد إليها فهو المرجح أن يحمل صفة الإنسانية لأنه بالتأكيد يحاول أن يتمسك بكل ما تفرضه عليه معاني هذه الصفة الراقية . فالإنسانية لكي تكتمل في شخص ما فيجب عليه أن تتجمع فيه صفات معينة هي بمجموعها تكون هذه الصفة التي جعلت بني البشر يختلفون عن باقي مخلوقات الله سبحانه وتعالى فليس النطق وحده بكاف للتمييز بين هذه المخلوقات ومن هذه الصفات المطلوب توفرها في ابن ادم لكي يحسب على الانسانية ما يأتي :-
- 1. الرحمة والرأفة وهما أهم صفتان تميز الإنسان الموصوف بالإنسانية عن غيره من البشر لان من لا يرق قلبه على طفل يبكي أو مريض يعاني أو مظلوم ضائع حقه ولا يستطيع استرداده لا يعد من البشر فحاله كحال المخلوقات المفترسة الأخرى بل وأحيانا نجد من هذه المخلوقات من يسيل دمعه عندما يرى أبناءه يذبحون أمامه بينما نجد من أبناء ادم من يقتل أخيه الإنسان بدم بارد ربما لأتفه الأسباب.
- 2. الأمانة والصدق صفتان حملهما الصادق الأمين نبي هذه الامة محمد صلى الله عليه وسلم ويجب ان يحملهما كل إنسان يؤمن بالإنسانية وقيمها.
- 3. محبة الناس والحرص على سلامتهم ومصالحهم بحيث يرى سلامة هؤلاء الناس والحفاظ على مصالحهم كما يرى سلامته وسلامة مصالحه وان يحب لهم مثل ما يحب لنفسه.
- 4. الوفاء والإخلاص وهاتان الصفتان لا غنى للإنسان عنهما لأنهما يقربانه من الله عزوجل ويزيدان من محبة الناس واحترامهم له وكذلك فان من يحملهما يكون مأمون الجانب ولا يخشى غدره.
- 5. الإيمان بما شرع الله في اخذ الحق وعدم التمادي في استخدام أساليب غير شرعية لاسترداد حق اغتصب منه فان لم يستطع اخذ حقه بالطرق الشرعية لظرف ما فالصبر وتسليم الأمر لصاحب الأمر جلت قدره أولى من تصرف قد يضيع حقه وربما يزيد من خسائره.
- 6. القناعة والرضا بما كتبه الله له من رزق ومكانة وهو ما يمنع الإنسان من النظر إلى حق غيره والطمع غير المشروع والوصولية الملتوية والتملق الكاذب.
- 7. نصرة المظلوم وإعانته على رفع الظلم عنه بما أمكن من أساليب وطرق شرعيه اقرها الله والأعراف الاجتماعية والقوانين المعتمدة.
- 8. العزة بالنفس صفة أخرى تجعلك تشعر بإنسانيتك إذا رافقها التواضع والنظر إلى كل الناس غنيهم و فقيرهم بنفس الدرجة من الاحترام وعدم التكبر والتعالي والرياء على احد.
فمن حمل هذه الصفات وغيرها مما يحمد من سلوك وتصرفات ويحسب لكل خطوة قبل البدء بها حسابها وكل كلمة قبل نطقها أو إطلاقها اثرها فيمكن أن نقول انه قد وصل إلى مرحلة يمكن له وصفه عندها بالإنسان ويحمل معاني الإنسانية التي ترضي الله والناس.