لكنني لم أمُت – آيات يحيى

قصة قصيرة

لكنني لم أمُت – آيات يحيى

كانت مسرعة جدا إلى حد  انها لم تتمكن من السيطرة على خطواتها وراسها المحني  إلى خطواتها المتخاطفة الذي لم يعد يرى ما أمامه من الطريق سوى تلك الخطوات التائهة عندما وصلت إلى المبنى الذي تسكن فيه مع زوجها في بلدة جنديرس شمال غرب حلب، رفعت راسها المملؤ بالأفكار إلى الأعلى لترى ضوء  شقتها في المبنى وعند وصولها إلى باب الشقة  طرقت الباب طرقات خافتة جدا كأنها مترددة ووشاحها الأسود الذي يغطي شعرها ينسدل أمامها عدة مرات وترجع لمتسك به وترميه على كتيفيها النحيفتين  مرة تلو الأخرى فتح زوجها الباب المحكم من الداخل دخلت  بهدوء وبصوت ناعم غدا في الصباح الباكر ونسماتهُ المبللة ببعض الندى الذي يرتد من أعلى جبينائها بسبب القلق الذي يقتحم ارجائها،  هو موعد ولادتي ابتسم زوجها قائلاً:حبيبتي لا تقلقي غدا سيكون أجمل يوم عندما تضعين طفلك بين يديك سوف ينزال  التعب والإرهاق ستكون حياتنا أجمل بأذن الله امسك يديها واخذ بها إلى سرير غرفتها لتستلقي قليلا  قال: لها ارتاحي هنا  وسأعد لكِ وجبت العشاء ألقت بجسمها ببطء بسبب ثقل بطنها رغم نحافت جسدها ورفعت الغطاء الموجود على طرف سريرها وغرقت بنوم عميق  بسلام  جاء زوجها الذي اعد لها طاولة المطبخ من الطعام الذي اعده لها لكنها كانت تغوص في نوم عميق جلس بجانبها متأملاً وجهها المتعب بدقة رافضا تركها وحيدة لينسى نفسة الى جنبها مشاركها نومها…وقرابة الساعة الرابعة فجراً فتحت عيناها النعاعستين وسحبت يدها ببطئ من تحت يد زوجها  استيقظت بخطواتها الثقيلة نحو المطبخ لتشرب القليل من الماء هروباً من  الكابوس الذي رأته في منامها الذي راودها طيلة فترة حملها  ارتشفت وهي ممسكة بيدها اليسرى بكوب ابيض بعض رشفات من الماء الدافئ قليلاً وأثناء طريق  رجوعها الى غرفتها شعرت كأنها تسقط وكأن الأرض تحاول ابتلاعها او ان زوجها يحاول اني يمازححها شعرت بشعور مخفي ممزوج بأمان الزوج الذي لم يتركها وحيدة  سقط كوب الماء بسرعة من يدها مصدرا صوت قوي جدا آثار سمع زوجها الذي يتقلب إلى يمين ويسار السرير بعد سماعه الصوت محاولا الاستيقاظ والنعاس الذي يشد بقوة إلى السرير استيقظ وكأنه لا يعلم هذا حلم ام الواقع والأرض والجدران تتحرك صرخ بصوت عالي جدا أين أنت مسرعا نحوها لا يعلم مالذي يحدث بهذا الحظة بالضبط مالذي يجري المشاعر كانت مختلطة لا يعلمون شيء سوى تلك الحركة القوية للارض والجدران معا وصوت الزجاج الذي  بدء بالتحطم  بدون مقدمات ولا حتى توقعات زجاج المطبخ والساعة المعلقة احتضنها زوجها مغطين اذنيها بيديهة القوتيتني المرتجفتين بجانب َ الحائط الذي يفصل غرفتة النوم عن المطبخ بجلوسهما معا ومشاعر الخوف بدت واضحة جدا وجسدهما الذي يرتجف بقوة بدء كل شي بالسقوط أمامها  الجدار وبعض السقوف كان يحاول بكل خوف ترديد الشهادة بكلمات متقاطعة، حتى انها لم تكن تعلم بوجودها حقا كأنها اختفت من الوجود وانفصلت عن الواقع لم تعرف ماذا كان يقول حتى كانها نسيت من تكون من شدة الهول الذي شعرت به وجائت اللحظة التي توقعها معا لتسقط شقتها بالكامل وهما معا في هذه الحظات بدء كل جزء من جسدهما يصدم بقوة مع الركم الذي يتحطم والسقوط والاختناق الذي قطع حتى الكلام والانفاس  لم تعد تستطيع تحريك قدميها او يديها لم تعد تشعر بزوجها الذي لم يفارقها يوما الظلام العاتم الذي أشعل قلبها الكبير بالحب الصغير بالخوف  اشعله رعبا من كل شيء والهواء الذي بدء بالانقطاع تدريجيا  وكانها تشهد روحها إلى آخر مرة تمنت لو انها على سرير المشفى لكي تضع طفلها لم تكن تتوقع الأسوء ابدا.. وهي تحت كومة من السقوف والجدران والمكان الضيق المظلم والهواء الشبه منقطع  شعرت بوخزات ثقيلة في أسفل بطنها وكانهأ تلد لم تتوقع ابدا بأنها الالم المخاض لأنها لم تلد من قبل وأنه طفلها  الأول  لم تعرف الذي يمر بها من ألم هو المخاض الذي كان مقرر عاجل ام اجلا، شعرت برعب شديد يفوق سقوطها ويفوق صوت الزجاج الذي تحطم  ويوفق شعورها بفقدان زوجها لم تكن تعلم بأنه فارق الحياة رعبها هنا فاق حدود كل شيء حتى جسدها بدء بالخدر الشديد لم تكن تستطيع التحرك سوى  رفع رئسها عن الأرض قليلا  الألم الذي تشعر به الآن جعلها  تنسى الظلام وحتى الهواء القليل صرخت صرخات متواصلة بكامل ماوتيت من قوة كأنها ايقضت قوها التي تلاشت بعد السقوط صرخت وجسدها النحيف يغطيه بقايا الركام والصخور المحيطة بكل جوانبها  وصراخها الذي بدء يعلو شيئاً فشيئاً  والألم الذي يجعلها تدفع داخليا الطفل نحو الإمام بالضبط بدئت بالدفع واخذت القليل من الهواء والدفع  قليلا واستنشاق الهواء الشبه منقطع ودقات قلبها السرعة وجدسها الممزق والجروح التي تغطهيا ليأتي ذلك الالم الذي كان كابوسها ليحاوطها وكأنه يقول لها بأنها محطتها الاخير.

 وبأنفسها المتعبة وصرخها ياااااا الله ساعدني انقذوني ارجوكم لم تكن تعلم ماتقول من شدة الوجع الذي شعرت به بدأت تشعر شيء ينزلق من تحت فخذيها وكأنها اعطتهة الحياة اليه إلى هذا الطفل رغم كل ماشعرت به حاولت رفع رأسها لترى طفلها او تحتظنة لكنها لم تكن  ترى شيئا سوى الظلام حتى صوت الطفل لم تسمعهة للمرة الأولى والأخيرة  معا ارجعت رأسها إلى الصخرة التي كانت تحت رأسها وبدئت بالنزيف الشديد كل شيء تدريجيا بدء بالسكون والاختفاء حتى روحها اخفت مغادرة هذا العالم الذي طالما حلمت بأن تمسك صغيرها وتكبر هي وابوه سوية وسط مشقات الحياة وحلاوتها.. جاء ذلك الطفل لكي يكبر وحيدا من الاب والام وعندما وصلت فرقة الإنقاذ وجدا الطفل غارقا في الدماء  قامو بقطع الحبل السري الذي يفصله عن والدته التي احبته قبل أن تنجبه  كأنها تقول للحياة انني لم امت..

مشاركة