لكل مدينة خصوصية ولكنني إرتبط بالموصل بعلاقة روحية

الشاعر بدل رفو لـ (الزمان): الشعر العراقي في سبات

لكل مدينة خصوصية ولكنني إرتبط بالموصل بعلاقة روحية

سامر الياس سعيد

تعددت محطات الشاعر المغترب بدل رفو  في العديد من الاجناس الادبية والابداعية التي وفرت جزءا منها محطته الاغترابية واستقراره في النمسا ،لكي يكون مطلعا على اتجاهات الشعر ورياح الشعراء في هذا البلد الاوربي الذي يتمتع بطبيعة ساحرة  ،استطاع معها رفو ان يحمل معه القها وجمالها ليصوره على صفحات المجلات ناقلا  لنا فرصة للتماس مع ادب الرحلات والسياحة من على صفحات تلك المطبوعات بين القصور الجميلة والوديان الشاهقة التي ترتدي ثوبها الاخضر على مدار العام ،لكنه مع تلك البانوراما  الجميلة لم يقطع صلته بمدينته (الام) الموصل الذي اقتبس من اروقتها وتقاطعاتها صوره الشعرية التي عادة ماتبرز بين كلماته التي يسفحها كالشلال في وادي الشعر مع تمسكه بسطوة ذلك النزف الروحي وصموده  في ظل صراع الاجناس الادبية لاسيما الرواية كجنس قادر على توثيق وارشفة ما يمر به الاديب والمبدع عموما ومع اصراره على سلطة الشعر وبقاء صولجانه صامدا في ظل تلك الاتجاهات المختلفة يعترف بان الشعر في العراق في سبات ، وهذه تفاصيل حوارنا معه :

{ لك الكثير من المحطات الادبية التي تنوعت بين ادب الرحلات والشعر وغيرها من الاجناس الادبية المنوعة، اين يجد بدل رفو نفسه بين تلك الاجناس الادبية ؟

ـــ المحطات التي تخلو من زوارها ومسافريها وقتها تخلو من الروح ونكهة الزمن وريح الابداع ..لكل محطة حكاياتها وابطالها واجواءها ..الهث وراء الجمال وكل ما يضيف شيئا جديدا الى مسيرتي ورحلتي في ميدان الادب الذي استمرت رحلتي معه قرابة 4 عقود …ليست كل الازمنة للشعر ولا لادب الرحلات ..احيانا الترجمة اقرب الى الروح وحين يضيق بي المكان تكون الرحلة قريبة من الروح وكذلك في الرحلة يكون الشعر حاضرا بقوة ولذلك كل الاجناس اعيشها وليس بوسعي ان اقول ايهم اقرب الى روحي واجد نفسي في جميعهم..!!

{ هل تعتقد ان زمن الشعر قد ولى وان هذا الزمن كفيل بابراز الرواية الى الواجهة واذا كانت الاجابة بنعم فماهي مقومات عودة القصيدة للواجهة الادبية ؟

-الشعر لم يختف كي ننتظر عودته الى الواجهة وربما كما قلت يوما بان عصر التقنية التهم عصر الرومانسية ولكن حين نتذكر حكايات العشق الرومانسي وقتها يبرز الى الوجود اشعار الهوى وحين نتذكر البطولات وشعراء المقاومة يكون الشعر حاضرا وربما عندكم في العراق الشعر في سبات ولكنه لم يغادرنا والشعر كتلة مشاعر انسانية وان خلت هذه المشاعر من روح انساننا فما قيمة الادب الانساني وقتها..!! ربما سيفيق عندكم ثانية وبقوة..!!

{ تتبعت مسار الشعر في النمسا بمؤلف عن الانطولوجيا الشعرية ..هل برايك قصور الترجمة اثر في مد جسور التواصل بين شعراء الغرب والعرب ؟

-الترجمة رسالة انسانية كبيرة وجسر كبير للتواصل ونقل العوالم وهو بحد ذاته فن كبير وابداع ..هنا في النمسا تمكنت ان اترجم اول موسوعة لشعراء النمسا الى لغتين العربية والكردية وعلى نفقة دولة النمسا وهم كرماء معي في نقل ادب شعبهم الى الشرق عكس بلادنا التي تقتل ابداع المترجمين ولاتدفع ثمن جهدهم في نقل ابداعات العالم وارى بان الترجمة اصعب بكثير من التاليف ولكي نقدر ان ننقل روح نص الى لغة اخرى فما علينا الا الاطلاع على عادات وتقاليد وثقافات شعبين والمشكلة ايضا هي اقتصادية ..التقصير من المؤسسات الثقافية ودور النشر وليس من المترجم فكلمة شكرا لا تكفي …!!

{ ولدت في مدينة الموصل وعشت ردحا كبيرا فيها ،كم من الصور الشعرية التي ولدت فيها وهل لها الفضل في ابرازك للمشهد الادبي كشاعر ؟

-ولدت القصيدة معي في ازقة الموصل القديمة وفي احد احيائها القديمة (المشاهدة) ونشرت في البداية وانطلاقتي كانت مع جريدة (الحدباء) والتي يرجع الفضل لها..كتبت الكثير حول الموصل والصور الشعرية احيانا لغاية اليوم استمدها من طفولتي وشبابي في الموصل وحتى في ادب الرحلات اعشق الاماكن التي تربطني باماكن ذكرياتي وشبابي واولى قصائدي ..لذلك على الاديب الحقيقي ان يكون مخلصا للمكان الذي ارتشف منه ونهل من ينابيعه وترعرعت فيه قصائده..انها الموصل بامتياز..!!

{ بين الكردية والعربية تتراوح محطاتك الادبية فهل استطاع الادب الكردي ابراز قدرته على ايصال صوته لاقرانه العرب بنفس قوة الكلمات التي تبرزها الاعمال الادبية المترجمة ؟

-في السنوات الاخيرة ظهر الادب الكردي بقوة في الساحات العربية والعالمية ايضا وقد ولدت الساحة الكردية كما كثيرا من المبدعين المترجمين الذين استطاعوا ان يوصلوا صوت الشاعر والادب الكوردي بقوة الى الاخرين ومنهم :جلال زنكابادي، ازاد برزنجي، سامي الحاج ، د. ماجد الحيدر، عبدالله طاهر برزنجي وآخرون

{ هل تعتقد ان للاديب طموحا يصل اليه ام هنالك محطات اخرى يسعى اليها الاديب في ارتقائه بايصال رسالته للمتلقين والقراء ؟

-طموح الاديب الحقيقي ان يوصل للاخر ادبا رائعا انسانيا  تحتفي به المكتبة الانسانية وللتاريخ ولكن هناك الكثير افرزتهم الايام من الكتاب والادباء الانتهازيين جموحهم  ان يجعلوا من ادبهم جسرا من اجل الوصول الى اهدافهم الشخصية ولكن مع الزمن تتلاشى اسماؤهم فهناك الكثير ممن تربعوا على كراسيهم في ظل الادب..!!

{ كشاعر مغترب لديك تواصل مع الشعراء الغربيين، هل تعتقد ان المهرجانات الشعرية التي تعقد لها القدرة على ابراز مساحة واسعة لمتذوقي الشعر وتاكيد حضوره بين المتلقين ؟

-المهرجانات تختلف من بلاد الى بلاد فعلى سبيل المثال في الغرب نادرا ما تعتمد على العلاقات الشخصية واما في شرقنا وبالاخص في العراق تتكئ على العلاقات الشخصية ومدى الاستفادة من الضيف وعلى سبيل المثال المهرجانات التي تقام في العراق وبالاخص المربد في البصرة وكولافيز في السليمانية هم نفسهم كل عام ولا يحدث الا التغيير الطفيف وفي العراق تتوقف على مدى علاقتك مع وزارة الثقافة …مع الاسف مهرجانات العراق مجرد ضياع وقت لا اكثر ..!!

{ لو عددنا المدن التي تنقلت فيها في مسيرتك الحياتية فاي مدينة تتقد جمرتها في اعماق بدل رفو والقادرة على اطلاق بركان الشعر ؟

-لكل مدينة خصوصية في حياتي ولكن مدينة شفشاون لها الاثر الكبير في روحي ووجداني وهي تسري في دمي واسري في دمها وكلانا نعشق الاخر ..هذه المدينة نقطة اتصال ما بين مدينة روحي وذكرياتي وبيني ..ناسها البسطاء فنانوها وادباؤها وكل شيء جميل يكمن في شفشاون ..وان فضلوني في حياة اخرى اين يمكن ان اعيش لقلت شفشاون بامتياز..!!

مشاركة