لا يمكن أن تكون الناصرية إلا متنوعة – وليد عبدالحسين
قرأتُ منذ صباح السبت المصادف (15 / 11 / 2025 ) الموافق (24/ جمادى الأولى / 1447 هجرية) منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي عن اعتراضات لناشطين إسلاميين في مدينة الناصرية، على إقامة حفل غنائي للمطرب العراقي الشهير محمد عبد الجبار، والطريف أن هذا في مدينة عراقية خرج منها الشعر والغناء والشعراء والمطربون ونشوء الأحزاب لا سيما الأحزاب اليسارية والمدنية!
مسببين اعتراضهم بأن الحفل يقام بالتزامن مع ذكرى استشهاد السيدة الزهراء بنت النبي الأكرم وزوجة أمير المؤمنين علي عليهم الصلاة والسلام، وقد نال اعتراضهم عند نشره بعض المؤيدين والمخالفين لهم بالتأكيد، لكون الشعب العراقي ومن ضمنهم أبناء مدينة الناصرية متنوعي الاتجاهات والأفكار والآراء فلا يمكن اتفاقهم على رؤية واحدة ونشاط معين.
وبمراجعة متواضعة للتاريخ وسيرة أتباع المذهب الشيعي نجد بأنه تُقام ذكرى استشهاد السيدة فاطمة الزهراء (ع) في مناسبتين رئيسيتين عند الشيعة، تُعرفان باسم «الأيام الفاطمية»، وتختلف التواريخ بناءً على الروايات المتضاربة حول موعد وفاتها.
الرواية الأولى تقع في 13 جمادى الأولى، والرواية الثانية تكون في 3 جمادى الآخرة. واعتاد العرف الشيعي أن تكون الأيام الفاطمية الأولى: تبدأ من يوم 13 إلى 15 جمادى الأولى. والأيام الفاطمية الثانية: تبدأ من يوم 3 إلى 5 جمادى الآخرة.
وتتمثل الممارسات خلال هذه الأيام، في إقامة مجالس عزاء وحزن في المساجد والحسينيات والمنازل لإحياء ذكرى السيدة فاطمة الزهراء.
وحيث إننا كبلد متنوع الطوائف والاتجاهات، فلا أرى جدوى من اصطناع موقف متطرف نتيجة إقامة حفلة غناء في يوم لا يصادف أية مناسبة إسلامية حزينة، وبإمكان المعترضين المحافظة على إيمانهم بعدم الذهاب هم أو عوائلهم إلى الحفل الغنائي، ولكن ليس من حقهم منع غيرهم بالقوة والعنف والتهديد والتسقيط، فجوهر الدين هو أن تسيطر على نفسك الأمارة بالسوء لا على الناس، فهنيئاً لمدن العراق الحبيبة بإقامة مجالس العزاء في ذكرى المناسبات الدينية، ومحافل الغناء والفن في المواسم الأخرى، وليس هناك من حل سوى احترام جميع الفعاليات، لأن البلد ليس خاصاً بفئة دون أخرى، بل هو بلد العراقيين بكافة اتجاهاتهم وتوجهاتهم، وكفانا استعراضاً للعضلات على أبناء شعبنا وبث الفتن والخلافات بين أبناء البلد على صغائر الأمور والتغافل عن القضايا الكبرى والأهداف الحقيقية.
□ محام
