لا يقبلُ القسمةَ إلا على حبِّها – غزاي درع الطائي

حسن عبد الحميد لا يقبلُ القسمةَ إلا على حبِّها – غزاي درع الطائي

(لا يقبلُ القسمةَ إلا على حبِّها)، و(يكادُ يكونُ دمعةً بحجمِ بلادِ النَّخيلِ)، ولذلكَ لا يستطيعُ أحدٌ انْ يقولَ لهُ: أنتَ بخيلٌ، وهو يغرفُ من الكثيرِ وليس من القليلِ، عرفتُهُ عن بُعدٍ، وعرفتُهُ عن قربٍ، مثلما عرفَتْهُ الأقلامُ والأوراقُ، واللاقطاتُ والعدساتُ، ومثلما عرفَتْهُ الأروقةُ والقاعاتُ والمهرجاناتُ والمحافلُ والملتقياتُ، شجاعاً أصيلاً منكبَّاً على مشاريعِهِ المتعدِّدةِ والمتنوِّعة بصبرِ جَمَلٍ وبثباتِ جَبَلٍ، يسّاقطُ الحبُّ على الأوراقِ مطراً غزيراً فيخضَرُّ الشِّعر، ويسّاقطُ ريشُ الذِّكرياتِ على التُّرابِ دموعاً حارِّةً فيخضَرُّ الحبُّ، ويقومُ حسن عبد الحميد ليعلِّمَ النّاياتِ الأنينَ أو ليتعلَّمَهُ منها.

حسن عبد الحميد…

ماذا يقولُ للموجِ الذي تنكَّرَ لضحكاتِ القواربِ؟، وماذا يقولُ للمرايا التي تحاولُ أنْ تبتسمَ ، ولو على سبيلِ التَّحدّي؟، العتبُ ليس مع الموجِ ولا مع المرايا ، العتبُ مع القواربِ التي أسدَتْ ضحكاتِها لمن لا يستحقُّها، ومع الذين لا يقدِّرون التَّحدّي ، ولا يقدِرون عليه.

حسن عبد الحميد …

يضعُ رأسَهُ (على وسادةِ حلمٍ) ويكتبُ أشعارَهُ الجميلةَ على أوراقِ القلبِ وحدقاتِ العيونِ ، وها هو (يلظمُ النُّجومَ) و(يتعطَّرُ بضوءِ الشَّمسِ) ويغتسلُ بنورِ القمرِ، ويلاحقُ سيِّدةً (تعثَّر نجمٌ بأذيالِ أنوثتِها، واستباحَ سحرَ غفلتِها)، سيِّدةً (ما هادنَ الصُّبحُ رنينَ مخاوفِها) و(أيّامُها تطقطقُ مثل حبّاتِ الحنينِ)، و(رأسُ الفجرِ يحبو بينَ طيّاتِ ضحكاتِها)، فتحاصرُهُ: أجنحةُ الرَّسائلِ، غاباتُ الدُّموعِ، الشُّموعُ، جِنانُ الذِّكرياتِ، المدنُ، المآذنُ، المرافئ، فيرتدي قصائدَهُ قمصاناً، ويخرجُ رافعاً يدَهُ إلى الأعلى قائلاً لدُّنيا: السَّلامُ عليكم.

كان يعقوبُ يخافُ على يوسفَ من أنْ يأكلَهُ الذِّئبُ، وحسن عبد الحميد يخافُ أنْ يأكلَهُ الخوفُ، ولكنه بالرغمِ من كلِّ ذلك يقولُ من قلبٍ كبيرٍ:

((بسرعةِ نبضْ

  على طولٍ وعَرضْ

  سأُغنّي للأرضْ))

ويقول ، محقِّقاً قفزةً في عالمِ الدَّهشةِ:

((الصَّباحُ… لم يكنْ ورديّاً هذا المساء))

  وصيحتُهُ العاليةُ: ((انطقْ جَمالاً أو تجمَّلْ بالسُّكوتْ))،

والوطن؟…

الوطنُ لهُ ما ليس لسواه:

((أُصلّي إليكَ يا وطني

  أُصلّي مراراً

  بل أُصلِّيكَ أنتَ

  ولا يَصِلُني منكَ

  غيرُ فحيحِ دمْ

  أتهجّاكَ حرفاً بحرفْ

          جرفاً بجرفْ

  فلا ألقاكَ سوى صدًى

من أنينِ ندمْ)).

مشاركة