كما لو أنها غواية صداها المجْمَرة**

كما لو أنها غواية صداها المجْمَرة**
رنا جعفر ياسين-القاهرة
ــ 1 ــ
الكلماتُ المكسوَّةُ باللحمِ تنتفـضُ كوصمةِ ثلج، تساءلُ الجسدَ المبنيَ من الدهـشة
ــ من بعثركَ أيها المقدسُ المعقوفُ كالخوف؟
ينهمرُ صوتـُهُ من بعيدِ الزمن، مقترباً من الهوسِ الملبدِ ببقعٍ حمر.. يعوي و يئنُّ.. يعوي و يئنُّ، مستلذاً بغرابةِ جرحهِ المظلم
يداكَ تحملانِ الرأس
قدماكَ تحملانِ الجذع
أما الروحُ فقد هاجرت أعضاءَكَ المتعفنة .
ترقصُ ضحكتهُ عاريةً، مكشرةًعن شهوةٍ نازفةٍ مرشوقةٍ بالبارود
تسارعت نحوي خطايَ
علَّها تجدُ مني العظمَ أو الكفن
فأنا ضائعٌ موجودٌ
و طفولتي هجرتني من ذاكَ الزمان
ينتابني صوتهُ، فأفكرُ
ــ لا تبتئسْ، مصاطبُ الموتى أتقنت الكارثةَ، و الرحمةَ أيضاً.
ــ 2 ــ
نوبةُالعودةِ و هي تتسمَّرُ على أعمدةِ الروح تحتَ فانوسِ خيبةٍ باردة، تشقُّ الطريقَ إلى حماقةٍ مُغمضةٍ تعدُ الزهورَ برائحةِ بارودٍ مغوي.
المشهدُ مازالَ طرياً، رغمَ إكسابِ الحلمِ طعمَ التوتِ و اللذة
الشارعُ المنخورُ من فرطِ الرصاص، السيارةُ المزينةُ بالحرائق، بيتُ الجيرانِ المبتور، النهرُ المخلوطُ بالدم، الدكاكينُ الغاضبةُ من تجوالِ الأسلحة، المدارسُ المكسوةُ بالممنوعات، أناشيدُ الأطفالِ الملوثةُ بالحرمانِ والنكب، نساءُ الحي الباحثاتُ عن الأشلاء، الرجالُ الواهنونَ من الجلد، الصغارُ المحدقونَ في عيدٍ محضِ خيال، المتكوِّمون بلا أنفاسٍ تحييهم من الدمِ اللاذع المغطي بقاياهم .
الكابوسُ ينبضُ، و الفقراءُ على هيئةِ فزاعات، كما و أن الوقتَ باهتٌ بفعل حماقةٍ باردةٍ أصابتها نوبةٌ ما بشللٍ وهاج.
ــ 3 ــ
ما أن أغلقتُ الضوءَ حتى انبجست الفوضى.
كانَ الفراغُ مفتوحاً على مصراعيهِ في داخلهِ ضوءُ الروحِ الأول.
الهشُّ من الأسماءِ يتكسرُ منحدراً نحو بصماتٍ مسكوبةٍ منذُ الأزل، غيرُ واعدٍ بامساكِ ما قد ينفلت.
لا شيءَ بلا وشمٍ غيرُ الريح.
الورعُ القادمُ من جوفِ الرغبةِ يطمعُ بالماءِ المجدولِ بخرقٍ بيضاءَ لا أكثر..
الضوءُ حفيظُ الشاكلةِ الأولى من قمعٍ مشؤومٍ يكبرُ يكبرُ يكبرُ كالأوطان المزروعةِ قضباناً، مكتوياً بالحرمانِ وايقاظِ الفزع، لكنهُ يتوهجُ ويتلوَّى بنبرةِ صعلوكٍ غضوب.
يشتدُ أزيزُ اللمعانِ حينَ السحر
من يغرفْ الجنونَ من عمق الضوء، تلعنهُ الأشباحُ بداء الوهم
من ينهارُ اذا لم يشرب رعب العتمة؟
ــ فارسُ الحربِ المفتونِ بالنقاء» المحاربُ المدانُ بتأوه النهار» اللاخوفَ عليه .
/7/2012 Issue 4261 – Date 26 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4261 التاريخ 26»7»2012
AZP09

مشاركة