كارثة كونية وجودية – جواد الكعبي

كارثة كونية وجودية – جواد الكعبي

حَظّْرَت أميركا واردات النفط من روسيا، وتَدرس أوربا هذا الخيار، كجزء من عقوبات اقتصادية جَرّاء عمليتها العسكرية في أوكرانيا، وسَيَتسبب هذا الحظر، حسب قول وزير الطاقة الروسي، بكارثة في سوق النفط الدولية بالأمد القصير بارتفاع أسعار النفط 4-5 مرات من مستواها ما قبل العملية ليصل بها إلى 300  دولار وربما أكثر للبرميل. لنقرأ التاريخ ,في سبعينات القرن الماضي، وجَرّاء تأميم النفط العراقي وقيام الثورة الإيرانية، قفزت أسعار النفط أربع اضعاف، من 3  دولار إلى 12  دولار للبرميل، واستطاعت أميركا وأوربا التَكيّف الاقتصادي معها وتحويلها لصالحها، حيث جرى تقاسم الزيادة في أسعار النفط عند المُستهلك النهائي على النحو الآتي (حسب كتاب أول رئيس إيراني بني صدر): 7  بالمئة للمنتجين و 93 بالمئة  للمستهلكين، وهو تقسيم مغموس بدماء كارثة الحرب العراقية/الإيرانية، وألحقوه بكارثة حرب الكويت، وأنهوه بكارثة حرب احتلال العراق لا شك في أمر التَكيّف الاقتصادي لأميركا وأوربا مع تداعيات حظر النفط الروسي، حيث سيسمح حجم اقتصاداتها الكبير بامتصاص صدمة ارتفاع الأسعار ونقص الإمدادات النفطية، وسيؤول إلى خزائنها فرق السعر قادما من البلدان المصدرة للنفط ,كما هو عهده دائما، ولكنها بالمقابل ربما ستسبب في كارثة فقدان حليفتها أوكرانيا لكيانها الوجودي كدولة (حسب تصريحات للرئيس الروسي) والإضِرار الفادح بالاقتصاد الروسي و يرى الرئيس الروسي في فرض الغرب للعقوبات الاقتصادية الشاملة على بلاده، ومن ضمنها الحظر النفطي، بمثابة “إعلان حرب”، وإذا تَسَببت هذه العقوبات بكارثة لاقتصاد بلاده كما يقول، عندها: “لا معنى لوجود هذا العالم بدون وجود روسيا,  في الربع الأول من القرن العشرين، قال رئيس أميركي لا أتذكر اسمه: “نحن مستعدون للعوم في بحار من الدماء للوصول إلى منابع النفط”، وتقول خطة للرئيس كارتر سُميت باسمه عام 1976: ” إننا على استعداد لندفع الدم مقابل ضمان استمرار تدفق النفط”، ولكن الرئيس بايدن يقول اليوم: (إننا زاهدون بالنفط الروسي)، ويرد عليه الرئيس بوتين قائلا: (إن وجود النفط الروسي في أسواق العالم هو ضمان وجودي للعالم نفسه). هل سيشهد العالم قريبا… “نهاية التاريخ” النفطي .

مشاركة