قطر الندى ونور الهدى

قصة قصيرة من أحداث  1983     (2)

قطر الندى ونور الهدى

وخيم الحزن على ذلك البيت السعيد الامن بدلا من الابتسامة والقلوب تنزف دما بعد ان كانت عامرة بالايمان والسعادة.. وتوالت الايام في حزن شديد واصاب الام من هول الصدمة ما افقدها عقلها.. فلم تتحمل ان ترى الانسان الذي لفها بحبه وحنانه وعطفه قد تركها بلا رجعة  وهو من وجدت فيه كل طموحاتها واحلامها.. وبقيت تنادي بين لحظة واخرى (عبد الرزاق انت وين) (عبد الرزاق شوكت ترجع) (تعال مو اني انتظرك) وكان كل من حولها يبكي ويرثي لحالتها.

ثم تستدار بوجهها لبناتها لتقول: ندى وين ابوج اشو تاخر ، هدى خابري على ابوج كليلة امي راح اتموت خلي يجي.

وكانت ندى وهدى تنتظران الى امهما  وهما تبكيان بيصمت على ما اصاب امهما.. وغيرت الايام حال هذه العائلة.. فالام تم ارسالها  الى اهلها لتعيش بينهم اما قطر الندى ونور الهدى  فقد تم انتقالهما الى بيت العائلة الكبير حيث بيت جدهم لابيهما.. وحرص  الجميع على رعايتهما بالقدر الذي احبوا به ابيهما عبد الرزاق.. وكان عمهما عبدالرحمن وباعتباره الابن الاكبر للعائلة قد وقع الحمل عليه في تكاليف الصرف على العائلة وبنات اخيه وكان حريصا على الا يقصر عليهما بشيء حتى لا يشعران بفقدان والدهما.

واصرت قطر الندى واختها على مواصلة الدروس ارضاء لوالدهما وهو تحت ترابه، وكانت  العائلة  تلك الليلة قد قررت زيارة قبر المرحوم صباحا على ان ياخذهم عبدالرحمن بسيارته الى المقبرة، وفي صباح اليوم التالي.. حضر عبدالرحمن واخذ العائلة معه الى حيث المقبرة وسبب الزيارة هو تخرج قطر الندى ونور الهدى من الجامعة  وليتزفان هذه البشارة الى والدهما وهو تحت الثرى.. وبعد قراءة الفاتحة على روحه من قبل الجميع.. وقفت قطر الندى امام قبر ابيها الشهيد لتقول له.. والدي الحبيب اعلم ان روحك معنا دائما رغم غياب جسدك عنا فكنا نستمد منك العزم والقوة على مواصلة الدرس والنجاح وبفضل توصياتك تخرجنا ونعاهدك على  مواصلة جهادك في حب الوطن والتضحية بالغالي والنفيس من اجله.. فقر عينا يا والدنا العزيز وكانت الدموع تنهال من عيون الجميع.. كانهم يريدون بذلك غسل ايام الماضي.. لانبثاق فجر جديد على هذه الامة..

وارتاح عبدالرحمن واطمأن قلبه وقد اوفى لاخيه حقه في رعاية ابنته حتى وصولهما وتأمين مستقبليهما والنتقالهما الى وظائفهما والى  بيت جديد هو بيت الزوجية، وكان هذا بعد ان سقط ذلك النظام البائد وحصلت العائلة على كافة حقوق الشهيد في عهد جديد من الحرية والديمقراطية.

محمد عباس اللامي – بغداد

مشاركة