قضية سياسية بامتياز

قضية سياسية بامتياز
الأزمة السورية في قمة طهران
عبدالله القاق
شهدت العاصمة الايرانية قبل يومين انعقاد قمة عدم الانحياز حيث يشارك فيها حوالي 50 رئيس وزراء ووزراء خارجية والامين العام للامم المتحدة لبحث قضايا السلم العالمي والاوضاع الراهنة في المنطقة وابعاد شبح التدخل الخراجي عنها وازمة الشرق الاوسط خاصة القضية الفلسطينية والوضع السوري المتفاقم والدعوة الى عدم التدخل الخارجي في شؤون دول الحركة. وستكون مشاركة الرئيس المصري محمد مرسي خطوة ايجابية وهامة نحو تحسين العلاقات المصرية الايرانية والتي شهدت تأزما وخلافات حادة في عهد الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك. ولا شك ان المبادرة التي اطلقها الرئيس الايراني احمدي نجاد في المؤتمر لحل الازمة السورية تدعو الى وقف الاقتتال في سورية والدخول في حوار جاد بين المتقاتلين والنظام السوري باشراف الامين العام للامم المتحدة او ممثله الجديد الاخضر الابراهيمي وهو ما سترفضه المعارضة السورية . والواقع ان هذا هو الحل المطلوب لوقف سفك الدماء في سورية والذي مضى عليه حوالي عشرين شهرا دون ايجاد الحلول العربية والدولية اللازمة للمشكلة التي باتت تهدد بتدخل خارجي بل وبحرب اهلية من شانها تقسيم البلاد وهو ما ترنو اليه اميركا واسرائيل والدول الاوروبية واوضح عنه الكاتب العربي الكبير محمد جسنين هيكل في تصريحات صحفية في جريدة الاهرام يوم الاول من امس .
وهذا الاجتماع من شأنه ان يدعم الموقف الايراني الواضح من اجل مواصلة نشاطها النووي السلمي ويحذر اسرائيل واميركا من اية مغامرة للقيام بعدوان مفاجئ على المفاعلات الايرانية الامر الذي سيكون له تفاعلات خارحية كبيرة وينعقد هذا المؤتمر بعد اانتهاء طهران من احتفالاتها باعتبار القدس هي المحور الرئيس للقضية الفلسطينية وتنبيه العالم كما قال السفير الايراني في الاردن ان اهمية القضية الفلسطينية وخاصة مدينة القدس وما تتعرض له من اجراءات تهويدية واستيطانية للاماكن المقدسة وخاصة المسجد الاقصى خاصة وان هذه الاحتفالات تجسد رغبة الامام الراحل الخميني بضرورة احياء مدينة القدس في الجمعة الاخيرة من رمضان. هذا الاحتفال لقي اهتماما كبيرا من الاوساط العربية والدولية وشدد كما قال السفيرالايراني النشط زادة على الدور الذي تلعبه الجمهورية الاسلامية الايرانية في الدفاع عن القدس والمقدسات وتهيئة الاجواء للدفاع عن القضية الفلسطينية والشعوب الفقيرة والمضطهدة في الحفل الذي اقامه بالسفارة يوم الجمعة الماضية .
ويرى المتحدث باسم لجنة انعقاد اجتماع القمة لدول حركة عدم الانحياز بان مشاركة بان كي مون في المؤتمر الخاص بدول عدم الانحياز حتمية وقال، انه نظرا للضغوط الاخيرة الرامية لعدم مشاركة الامين العام لمنظمة الامم المتحدة في اجتماع طهران فان وسائل الاعلام الغربية تصورت بانه سوف لن يشارك فيه، في حين ان هذا الامر غير مطروح. خاصة وان منظمة الامم المتحدة كانت حاضرة دوما في المؤتمرات الماضية للحركة وهي الى جانب الاعمال والمسؤوليات الملقاة على عاتقها قد دعمت ايضا انشطة المنظمات الاقليمية والدولية التي تحمل اهدافا في مسار منظمة الامم المتحدة.
والواقع ان منظمة الامم المتحدة تدعم كذلك جهود المنظمات الناشطة في مجال السلام والامن العالمي لاسيما حل الازمات الاقليمية والدولية وتتخذ الخطي في مسار تعزيزها.
دول حركة عدم الانحياز
تعتبر حركة عدم الانحياز، واحدة من نتائج الحرب العالمية الثانية 1939ــ1945 ، ونتيجة مباشرة أكثر، للحرب الباردة التي تصاعدت بين المعسكر الغربي الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو وبين المعسكر الشرقي الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو حال نهاية الحرب العالمية الثانية وتدمير دول المحور، وكان هدف الحركة هو الابتعاد عن سياسات الحرب الباردة [1]
تأسست الحركة من 29 دولة، وهي الدول التي حضرت مؤتمر باندونج 1955، والذي يعتبر أول تجمع منظم لدول الحركة.
وتعتبر من بنات افكار رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو والرئيس المصري جمال عبد الناصر والرئيس اليوغوسلافي تيتو.
وانعقد المؤتمر الأول للحركة في بلجراد عام 1961، وحضره ممثلو 25 دولة، ثم توالى عقد المؤتمرات حتى المؤتمر الأخير بشرم الشيخ في يوليو 2009. ووصل عدد الأعضاء في الحركة عام 2011 الى 118 دولة، وفريق رقابة مكون من 18 دولة و10 منظمات [2].
تاريخ الحركة
أنشئت حركة عدم الانحياز وتأسست ابّان انهيار النظام الاستعماري، ونضال شعوب افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وغيرها من المناطق في العالم من أجل الاستقلال، وفي ذروة الحرب الباردة. وكانت جهود الحركة، منذ الأيام الأولى لقيامها، عاملاً أساسياً في عملية تصفية الاستعمار، والتي أدت لاحقاً الى نجاح كثير من الدول والشعوب في الحصول على حريتها وتحقيق استقلالها، وتأسيس دول جديدة ذات سيادة. وعلى مدار تاريخها، لعبت حركة دول عدم الانحياز دوراً أساسياً في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.
واذا كانت بعض الاجتماعات قد عُقدت، في اطار العالم الثالث، قبل عام 1955، فان المؤرخين يعتبرون أن مؤتمر باندونج الأفرو ــ آسيوي هو الحدث السابق مباشرة على قيام حركة عدم الانحياز، وكان هذا المؤتمر قد عقد في مدينة باندونج خلال الفترة من 18 ــ24 أبريل 1955، وشهد تجمع 29 رئيس دولة ينتمون الى الجيل الأول من قيادات ما بعد الحقبة الاستعمارية من قارتي افريقيا وآسيا بغرض بحث القضايا العالمية في ذلك الوقت وتقييمها، وانتهاج سياسات مشتركة في العلاقات الدولية.
وقد تم الاعلان في ذلك المؤتمر عن المبادئ التي تحكم العلاقات بين الدول، كبيرها وصغيرها، وهي المبادئ التي عُرفت باسم مبادئ باندونج العشرة ، والتي جرى اتخاذها فيما بعد كأهداف ومقاصد رئيسية لسياسة عدم الانحياز. ولقد أصبح تحقيق تلك المبادئ هو المعيار الأساسي للعضوية في حركة عدم الانحياز؛ بل انها أصبحت تعرف بما يسمى جوهر الحركة حتى بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي.
وفي عام 1960، وفي ضوء النتائج التي تحققت في باندونج، حظي قيام حركة دول عدم الانحياز بدفعة حاسمة أثناء الدورة العادية الخامسة عشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي شهدت انضمام 17 دولة افريقية وآسيوية جديدة. وكان رؤساء بعض الدول أو الحكومات في ذلك الوقت، قد قاموا بدور بارز في تلك العملية، وهم جمال عبد الناصر من مصر، وقوامي نكروما من غانا، وشري جواهرلال نهرو من الهند، وأحمد سوكارنو من أندونيسيا، وجوزيب بروزتيتو من يوغوسلافيا، الذين أصبحوا، فيما بعد، الآباء المؤسسين للحركة، ورموز قادتها.
وبعد مؤتمر باندونج بستة أعوام تم تأسيس حركة دول عدم الانحياز على أساس جغرافي أكثر اتساعاً، أثناء مؤتمر القمة الأولى الذي عُقد في بلجراد خلال الفترة من 1 ــ6 سبتمبر 1961، وقد حضر المؤتمر 25 دولة هي أفغانستان، والجزائر، واليمن، وميانمار، وكمبوديا، وسريلانكا، والكونغو، وكوبا، وقبرص، ومصر، واثيوبيا، وغانا، وغينيا، والهند، واندونيسيا، والعراق، ولبنان، ومالي، والمغرب، ونيبال، والمملكة العربية السعودية، والصومال، والسودان، وسوريا ، وتونس، ويوغوسلافيا.
وكان مؤسسو حركة عدم الانحياز قد فضلوا اعلانها كحركة وليس كمنظمة، تفادياً لما تنطوي عليه الأخيرة من آثار بيروقراطية.
وتوضح معايير العضوية التي جرت صياغتها أثناء المؤتمر التحضيري لقمة بلجراد والذي عقد بالقاهرة 1961 ، أن الفكرة من وراء الحركة ليس القيام بدور سلبي في السياسة الدولية، وانما صياغة مواقفها بطريقة مستقلة بحيث تعكس مواقف الدول الأعضاء فيها. وعلى هذا، ركزت الأهداف الأساسية لدول حركة عدم الانحياز، على تأييد حق تقرير المصير، والاستقلال الوطني، والسيادة، والسلامة الاقليمية للدول؛ ومعارضة الفصل العنصري، وعدم الانتماء للأحلاف العسكرية المتعددة الأطراف، وابتعاد دول حركة عدم الانحياز عن التكتلات والصراعات بين الدول الكبرى، والكفاح ضد الاستعمار بكافة أشكاله وصوره، والكفاح ضد الاحتلال، والاستعمار الجديد، والعنصرية، والاحتلال والسيطرة الأجنبية، ونزع السلاح، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، والتعايش بين جميع الدول، ورفض استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية، وتدعيم الأمم المتحدة، واضفاء الطابع الديمقراطي على العلاقات الدولية، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، واعادة هيكلة النظام الاقتصادي العالمي، فضلا عن التعاون الدولي على قدم المساواة.
ومنذ بداية قيام الحركة، بذلت دول عدم الانحياز جهوداً جبارة بلا هوادة لضمان حق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال والسيطرة الأجنبية، في ممارسة حقها الثابت في تقرير المصير والاستقلال.
وابّان عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، لعبت حركة دول عدم الانحياز دوراً أساسياً في الكفاح من أجل انشاء نظام اقتصادي عالمي جديد، يسمح لجميع شعوب العالم بالاستفادة من ثرواتها ومواردها الطبيعية، ويقدم برنامجاً واسعاً من أجل اجراء تغيير أساسي في العلاقات الاقتصادية الدولية، والتحرر الاقتصادي لدول الجنوب.
وأثناء السنوات التي تناهز الخمسين من عمر حركة دول عدم الانحياز، استطاعت الحركة أن تضم عدداً متزايداً من الدول وحركات التحرير التي قبلت ــ على الرغم من تنوعها الأيديولوجي، والسياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي ــ المبادئ التي قامت عليها الحركة وأهدافها الأساسية، وأبدْت استعدادها من أجل تحقيق تلك المبادئ والأهداف. ومن استقراء التاريخ، نجد أن دول حركة عدم الانحياز قد برهنت على قدرتها على التغلب على خلافاتها، وأوجدت أساساً مشتركاً للعمل، يفضي بها الى التعاون المتبادل وتعضيد قيمها المشتركة.[3]
المبادئ العشرة لباندونج
1 ــ احترام حقوق الانسان الأساسية، وأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
2 ــ احترام سيادة جميع الدول وسلامة أراضيها.
3 ــ اقرار مبدأ المساواة بين جميع الأجناس، والمساواة بين جميع الدول، كبيرها وصغيرها.
4 ــ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى أو التعرض لها.
5 ــ احترام حق كل دولة في الدفاع عن نفسها، بطريقة فردية أو جماعية، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.
6 ــ أ ــ عدم استخدام أحلاف الدفاع الجماعية لتحقيق مصالح خاصة لأيّ من الدول الكبرى. ب ــ عدم قيام أي دولة بممارسة ضغوط على دول أخرى.
7 ــ الامتناع عن القيام، أو التهديد بالقيام، بأي عدوان، والامتناع عن استخدام القوة ضد السلامة الاقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة.
8 ــ الحل السلمي لجميع الصراعات الدولية، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.
9 ــ تعزيز المصالح المشتركة والتعاون المتبادل.
10 ــ احترام العدالة والالتزامات الدولية
والواقع ان هذا المؤتمر كما يقول المراقبون السياسيون سيعزز الموقف الايراني على الساحتين العربية والدولية حيال وقوفها الجاد لدعم مشروع ملفها النووي ورفض التهديدات الاميركية والاسرائيلية ويؤكد ايضا على نجاعة سياسة ايران الداخلية والخارجية خاصة سعيها لاعادة علاقاتها مع مصر في المستقبل القريب بعد انقطاع دام ثلاثين عاما في عهد الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك الذى اتخذ هذا القرار لصاح الولايات المتحدة الاميركية اسرائيل .
/9/2012 Issue 4292 – Date 1 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4292 التاريخ 1»9»2012
AZP07