قصيدتان – نمر سعدي
الضبابُ صديقُ خطايَ
رسمتُ شفاهاً على الماءِ
قلتُ لأنثى الخريفِ التي صدرها كانَ ضمَّة
لأزهارِ أيلولَ: لا تذهبي في الضبابِ الأليفِ
ولا تشعلي قمرَ العشبِ فوقَ الدروبِ
فلي أن أرى بالأصابعِ ما شئتُ أو تتقرَّى خطايَ المدى
وترى ما تريدُ من الظلِّ والاستعارةِ واللهفةِ المدلهمَّة
الضبابُ صديقُ خطايَ الوحيدُ وليلُ الشتاءِ يربِّي رؤايَ
ويكتبُ أحلى استعاراتِ قلبي
على حجرٍ في جبالِ الجليلِ.. على جذعِ نهرٍ.. على خصرِ غيمة
لا شفاءَ من الأغنياتِ التي عذَّبتني طويلاً
لا شفاءَ من المطرِ الموسميِّ
أو الاشتياقِ إلى النومِ يوماً على صدرِ نجمة
مهرة الثلج
يا زهرةَ الكرزِ المضاءةَ بالقصائدِ والغيومِ
وبالنجومِ على الروابي والأهلَّةِ في السفوحِ
توهَّجي ليلاً وشدِّي في الظلامِ جراحَ روحي
أنتِ الحديقةُ والصديقةُ.. برعمُ الرَّمانِ
أو شهدُ الينابيعِ الصغيرةِ
والزنابقُ في خريفِ العمرِ
عطرُ القُبلةِ الأولى وطعمُ النارِ في حبقِ الجليلِ
ولهفةٌ بقصائدِ العشَّاقِ والأحلامِ توحي
لأبوسَ صوتكِ أو أجسَّ يديكِ ينقصني فمٌ
كفراشةٍ عمياءَ تبحثُ في قميصِ الجمرِ عن ماءٍ..
ويلزمني اشتهاءٌ في الشتاءِ بلا انطفاءِ
أو أبجدياتٌ تفتِّشُ في تباريحِ الأنوثةِ عن شروحِ
وأنا الصدى الجبليُّ في نبضِ الأغاني
والفراشةُ أنتِ في قلبي.. وروحُ يمامةٍ
ضلَّت طريقَ رجوعها للشمسِ في أقصى دمائي
أشتاقُ.. يا قمرَ الحنينِ إلى ضفافكِ كادَ يمحوني
ويا مطرَ السنينِ يسحُّ فوقَ قصائدي..
يا مهرةَ الثلجِ احمليني
نحو الشموسِ.. إلى حوافِ الضوءِ في الأعلى..
اكتبيني فوقَ أنفاسِ البحيرةِ.. فوقَ أمطار الشتاءِ
وأنا أحبُّكِ أو أريدكِ.. فاستعيديني من الماضي المبرَّحِ بالعذابِ
أو استعيديني من الريحِ الوحيدةِ والرمادِ المدلهمِّ
وضاعفيني بالعناقِ وبالعناقِ وبالعناقِ وباحتوائي