قصة قصيرة

قصة قصيرة
نفايات بألون فنية
بعد مضي أكثر من عهد من الثورات في هذا البلد الحبيب والكثير من الاحداث والطواغيت وسقوط الكثير من الانظمة لم تزل هناك فوضي عارمة في كل نواحي الحياة السياسية والاجتماعية سيما بعد التغيير الكبير الذي حصل في البلاد وبعد مضي 9 سنوات علي سقوط نظام الطاغية الاخير” … كانت هذه الجمل التي تفوه بها مقدم إحد البرامج الاجتماعية في قناة فضائية محلية والتي تعني بهموم المجتمع العراقي وهويعرض تقريرا لاخر الاحداث التي يمر بها الشارع العراقي. لم يتنبه رواد المقهي القديم الذي يقع في محلتهم أن هناك بعض الصور لمحلتهم وهي تغص بالنفايات فكان أصحاب المحال يلقون بالنفايات أمام محالهم وكذلك سكان هذه المحلة الصغيرة علي الرغم من وجود حاويات كبيرة بالقرب منهم وبأشراف قسم النظافة في هذه المحلة التابع لمحافظة بغداد فأصبحت المحلة كأنها لوحة تشكيلية لبيكاسوفيها الكثير من الالوان والتشكيلات هنا وهناك. أكمل المذيع” … مليارات الدنانير قد أنفقت علي حملة النظافة في العاصمة والكثير من العقود مع الشركات التركية الرائدة في هذا المجال وما الي ذلك.. كان الكثير من مثقفي هذه المحلة يرتادون ذلك المقهي المنزوي من أدباء، محامين، مهندسين وحتي الكثير من وجوه المحلة الذين لم يكونوا من الاكاديمين بتعبير اليوم ولكن المفارقة إن بالرغم من حالة الرقي والنظافة الداخلية والخارجية التي يبدوعليها رواد المقهي ولكن كانت النفايات تحيط بهم من كل مكان ولا غرابة! فقد كان الكثير منهم من المدخنين الذين يلقون بسمومهم علي غيرهم وبأعقاب سكائرهم علي أرض المقهي، أماكنهم والتي تمثل بيتهم الثاني كما يدعي بعضهم باتت معروفة بالنسبة لصاحب المقهي ورواده فكل قد حجز مقعده لمشاهدة أخر الاخبار أوأي برنامج سياسي أوإجتماعي وللتجريح به بمبضع النقد اللاذع … أضاف المذيع سوف نستثمر كل هذه المبالغ بحسب ما أفادته الحاوية الكبيرة المرشحة لجانب الرصافة وستُنفق المبالغ علي الفقراء من أجل بناء مجمعات سكنية وكذلك تأهيل المثقفين والشخصيات المرموقة علي إحترام النفايات وذلك بوضعها في أماكنها المخصصة والتي باتت تشكوفراغها من ذويها من خلال دورات بهذا الشأن”.. إعترض أحد رواد المقهي وهومهندس يعمل في إحدي شركات التقنية الحديثة وهويرمي قنينة مياه فارغة علي جانبه ” لا نريد أعطونا حقنا نحن من سيقوم بصرف هذه المبالغ علي أنفسنا لماذا نُتعب أنفسنا ستقومون بسرقتها مقدما” لم يفهم أحد مغزي الكلام وقرروا أن ينصتوا الي التلفاز بعد أن قام أحدهم لرفع صوته أضاف المذيع .. أن هذه الانتخابات هي الاولي من نوعها في العراق علي مستوي العالم وسيكون العراق الجديد هوالرائد في هكذا نوع من الانتخابات وهنا نلتقي بمرشح محافظة بغداد لجانب الرصافة في إطار الحملة الانتخابية التي تجريها”:
– مرحبا” قال المذيع سائلا أكبر الحاويات ” من أنتم وما هومشروعكم إذا فزتم بالانتخابات”.. اهلا” ردت الحاوية الكبيرة نحن مجموعة حاويات كبيرة قمنا بتنظيم أنفسنا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وصفحتنا علي الفيس بوك ويوتيوب وغيرها هدفنا توعية الاخوات النفايات الصغيرة من قناني مياه ومناديل ورقية بالاتجاه الي أقرب مركز نفايات للمطالبة بحقوقها ورفع دعوي ضد من القاها في غير أمكانها والمراكز التأهيلية لها بعد أن عجزنا عن مخاطبة المواطنين والمثقفين بالخصوص وحتي من يدعون أنهم مواطنين فالمواطنة تعني إحترام الوطن وأعطاء كل مكون حقه، فقررنا أن نقوم بهذه الحملة لردع كل من يروم أن يلقي حتي بعقب سيكارة في غير مراكزها وستكون هناك الكثير من اللجان الحقوقية التي ستدافع عن حقوقنا وترفع قضايا علي كل من يحاول أن يقلل من شأننا، صحيح نحن مجرد نفايات ولكن كلنا شعور بالوطن فسنقوم بتوفير مبالغ خيالية من خلال إتجاهنا نحوأماكن تواجدنا وهذا أقل ما يمكنا أن نعمله تجاه وطننا الجريح بعد أن عجز بني البشرعن ذلك”. بقي صوت التلفاز عاليا وكأن صدي المكان يعزف لحن سومري حزين بأنامل من أعقاب السكائر علي الات موسيقية جديدة تعرف بالقناني الفارغة فالمقهي قد أُجهض من كل زبائنه علي مضض وقد خلا الا من أكواب يقطنها الذباب فالكل قد غادروا ليجدوا المحلة أشبه بالمتحف البغدادي أوأي معلم أثري نظيف فليس هناك كلمات لتقال ولا هناك نفايات لترمي فلم تعد النفايات بإنتظار أحد لانها تشعر بأنها وطنية أكثر من أبناء الوطن وخصوصاً المثقفين الذين يتشدقون بحب الوطن. محمد شلال- بغداد
/2/2012 Issue 4121 – Date 13- Azzaman International Newspape
جريدة »الزمان« الدولية – العدد 4121 – التاريخ 13/2/2012
AZPPPL

مشاركة