قصة قصيرة

قصة قصيرة
دموع مضيئة
مرحبا ، انا رياض . عندما كنت صغيرا كنت احلم باشياء كثيرة ، احيانا كنت احلم بان اكون طيارا واسبح في السماء العالية واحلق عاليا بين النجوم والسحب البيضاء النقية , كنت اتمنى ان ارى الكواكب وادور حولها واكتشف هذا العالم البعيد ، واحيانا كنت احلم ان اصبح لاعب كرة قدم وادور في الملعب واسجل اهدافا كثيرة كي اصبح مشهورا ولي جماهير ومعجبين . ومن احلامي ايضا كنت احلم ان اكون مهندسا اخطط لبناء طرق ومد جسور وابنية بتصاميم واحجام تزين المدينة بجمالها ورونقها . عندما كبرت وفقني الله وكنت على مستوى عالي في الدراسة .وبقي الحلم الذي احلم به دائما هو ولازمني اكثر من غيره هو ان اكون لاعب كرة قدم .احببت هذه الرياضة كثيرا وكبر حلمي بان اكون لاعبا مشهورا . وانضممت بالفعل الى احدى النوادي الرياضية وكنت لاعبا مميزا على مستوى النادي وقطعت مشوارا كبيرا في التقدم في وقت قياسي . وفي احد الايام كنت انزل السلم بسرعة فلم انتبه فمالت قدمي ووقعت من السلم الذي كان على ارتفاع عالي كانت اصابتي خطيرة جدا .حيث اصبت بكسر في قدمي وراسي ودخلت في غيبوبة لمدة يومين وعندما افقت علمت ان قدمي اليمنى اصيبت بكسر في الكاحل والساق مما يجعلني غير قادر تماما على تحريكها لانها اصبحت اقرب ماتكون في حالة شلل كامل . كانت الصدمة فضيعة ، لم استطع التحمل ، صرخت، بكيت كنت فاقد السيطرة على نفسي لم اسمع ما اقول وفي حالة هيجان كبيرة ، كانت ردة فعلي قوية فلقد تالمت لما اصبت به .فلماذا احلم وبخطأ صغير وبسيط افقد اعز احلامي ويتحول كل شئ الى كابوس مؤلم ومزعج وماساوي لماذا بين ليلة وضحاها يصبح كل شئ اصعب من المستحيل بعد ان كان اسهل من الممكن . بقيت عدة شهور على كرسي متحرك ، كنت اكرهه جدا فلقد احسست بأنه يقيدني ، يجعلني مثل عصفور كان يحلق في سماء الحرية وعندما اصطادوه وضعوه في قفص فلم يستطيع بعدها ان يغرد او يطير . ولكني لم استسلم فقد كنت احاول ان اقوم بكل شئ لوحدي دون مساعدة احد ، كنت اقرأ الكثير من الكتب عن الرياضة ومشاهيرها وكنت اتابع المباريات دائما وفي احد الايام اهداني صديق عزيز رواية عن رسام اصيب بحادث جعله يفقد بصره لكنه لم يستسلم وبقي يرسم لوحاته باحساسه واصبح مشهورا اكثر من قبل .
هذا الكتاب حرك في داخلي اشياء كنت اجهلها سابقا وولد عندي امل جديد .
كان ابي نحاتا مشهورا يصنع من الطين اشياء رائعة ، كان يقول لي بانه عندما كان يمسك بانامله الطين ويحاول ان ينحت كان احساسه هو من يحرك يده ليصنع فيما بعد تمثال رائع ، فاتجهت الى المكان الخاص بالنحت , عندما فتحت باب الغرفة احسست باني ارسم لنفسي طريق جديد لم اكن اتصور ان اسلكه في يوم من الايام .
مسكت الطين ، لم اعرف من اين ابدا ، لكني بدات حتى وان كان عملي خطا لكني حاولت ونجحت محاولتي ، كانت هذه التجربة هي الاصعب فلم اعرف ماهي كمية الماء والطين المستخدمة وماهي الادوات المستخدمة . بعد عناء طويل وجهد كبير استطعت ان انحت اول شئ في مشواري الجديد ، بارادتي صنعت من الطين اول كرة قدم ، كانت غريبة الشكل وغير متساوية من حيث الكبر والاستدارة لكنها كانت انجاز عظيم بالنسبة لي فلقد صنعتها بيدي .لقد كان انتقالي بين ارجاء الغرفة الصغيرة وبحثي عن الادوات اصعب شئ فلقد تالمت كثيرا لكني في النهاية اكملت وصنعت الكرة . وها انا اليوم اصبحت نحاتا معروفا ولي معارض عدة واستطعت ان اقوم بانجاز معرض خاص بكرة القدم ،نحت فيه وجوه كبار مشاهير الكرة وعدد من نماذج لكرة القدم .
لم يموت الامل في داخلي بقي حيا بين احشائي وبقي هو المسيطر عليّ طوال رقدتي هذه ، استطعت معه ان اكمل حياتي ، لم اشعر يوما اني عاجز عن الحركة فمع الامل كنت اصنع كل شئ لوحدي . نسيت كل ما مضى وتأقلمت مع حياتي الجديدة وسلمت نفسي لجمال هذه الحياة وتركت ألمها وحزنها واغمضت عيني عن جروحها وشجونها ونضرت الى حبها وشمسها المشرقة ,لاشئ يموت مادام الامل موجود . هذا هو القدر يفاجأنا باشياء عدة ولكن بروحنا المرحة المتطلعة للافضل نستقبل كل شئ برحابة صدر وقوة لكي لاننكسر ، كن قويا واكسر الضعف بيدك ولاتتالم على شئ سرق منك بل حافظ على ماهو بين يديك كي لاتفقده .لاتودع اليوم بدمعة بل قله وداعا واستقبل الغد بأبتسامة جميلة .
براعم علي العكيدي – بغداد
/4/2012 Issue 4173 – Date 14 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4173 التاريخ 14»4»2012
AZPPPL

مشاركة