قصة قصيرة

قصة قصيرة
الورقة الباقية
هادي عباس حسين
أنها لا تستطيع ان تتحرك من مكانها بل بقت واقفة تنظر إلى الظلام الذي أحاط بها بعد انقطاع التيار الكهربائي ,اليوم كانت ساعات البرمجة كثيرة اختلفت عن أيامها السابقات بالرغم ان حرارة الأيام التي مرت كانت مرتفعة جدا وهذا ما تحسست من حرارة الأجواء التي أعيشها في بيتي ,لم أفكر ان اخطي بقدمي إلى الامام عسى أنني على ان اذكر صاحب المولدة التي صار مكانها أمام بيتي بالضبط ,وطالما شكيت من صدى صوتها الذي أتعبني وجعلني ادفع قسطا من راحتي جراء ذلك ,دار السؤال وقد تكرر لمرات عديدة
ــ متى ستشغل المولدة..؟يا صاحب المولدة…
كل مرة يسرق من الوقت المخصص لتشغيل المولدة بضعة دقائق وبحجته المتكررة انه يضع للمولدة الدهن أو الكاز ,لحظة واحدة فكرت ان تمر من أمامي قطتي البيضاء والتي كانت هدية تقبلتها من آخي الكبير الذي جلبها معه من خارج البلاد في آخر زيارة له ,دواخلي فيها نوع من الخوف فقد بقيت الوحيدة في هذا الدار الكبير ,وشيئا ما يجول ويصول في أفكاري التي أقلقها التأخير على عودة النور حتى اقدر ان أبصر طريقي والملم أوراقي التي بدأت تتساقط الواحدة تلو الأخرى ,كلما أعدت واحدة سقطت الأخرى وفي أعماقي شعورا واحاسيسا غريبة بأنني غرقت في فضاء خالي وواسع ,والأسئلة تتراقص متسابقة ما بينها,آخر سؤال استدرجني فكررته بصوت سمعته
ــ إلى متى هكذا أيها الزمن تتعامل معي..؟
حتى مرت أمامي وبسرعة كل الأحداث التي عشتها وعند نهايتها بقيت وحيدة في بيت ضخم وكبير وهذه الظلمة التي تقتلني وتحرك ما في من شعور بالاغتراب الروحي ,وازداد هذا الإحساس بعد فراق امي لي وعودة أخي إلى موطن الغربة بالرغم من دعوته ان أسافر معه إلى الخارج ,كنت احلم بالسفر والترحال المستمر ولم يتركني ابي رحمه الله في أية سفرة يبتعد بواسطتها عن البلاد,كانت العقوبة التي أحس ان الله سبحانه وتعالى ان ينفذها لي ان ادفع ثمن حريتي وحبي للسفر ان يتركني في وحدة قاتلة وظلمة لن تنتهي كالمعاناة التي اشعر بها الآن ,قبل ان أكمل كلامي
ــ ألف الصلاة على محمد واله وسلم..
مجيء النور كان مع قفزات قطتي البيضاء التي هرعت باتجاهي وكأنها تقدم لي ورقة اعتذارها كونها لم تنفذ أوامري التي أصدرتها لها عند الظلام عليها ان تكن بجانبي لاعتبارها الملاذ الآمن الذي التجأ اليه ,غازلتني بنظراتها بينما اخفظت راسي وتبعه جسدي بأكمله وأنا ارفع آخر ورقة قد سقطت على الأرض ,تمعنت بها فوجدت في أوسطها كلمة البداية ابتسمت وضاع صدى صوتها بين ثنايا صدري وقلت مع نفسي بينما راحت القطة تتحرك أمامي الى المطبخ
ــ كيف تكون نهاية قصتي بداية لها…
عجبت لورقتي الساقطة في أجواء الظلمة التي قيدتني للحظات…وانها الباقية وعلي أكمال سطورها البيضاء…
AZP09

مشاركة