قصة قصيرة

قصة قصيرة
دوار في رأسي
كمن شاهد منظرا مروعا من مناظر الحرب القذرة التي شنتها القوات الامريكية المحتلة، كنت مذهولا اليوم وكان هناك دوار في رأسي، دوار ودوخة وألم وشعرت بتعب كبير يهد جسدي، شعرت وكأنني افقد شيئا مهما من جسمي، وعدت من دوامي من ساحة الخلاني في الباب الشرقي، سيرا على الاقدام، مررت بساحة التحرير، ومن دون شعور اتجهت صوب محل صديقي رسام الكاريكاتير، حيث اشعر براحة كبيرة عندما اجده ليبادر الى مزاحي بشكل محبب ثم يقول، ها احمد اكيد اتيت من اجل الشاي، وليس من اجلي، امازحه ايضا، بخبث، لاقول له،نعم اكيد فانا اتيت من اجل الشاي – كان هناك رسام تشكيلي واحد المثقفين الذي دائما يطرح اراء عجيبة غريبة ورجل لم اتعرف عليه من قبل – رجل يتوكأ على عصا جميلة كان يتحدث طوال الوقت عن اقامته في جنوب لندن والذي يصفه على انه اكثر رقيا من وسط وشمال العاصمة البريطانية، امضيت اكثر من نصف ساعة في محل صديقي ثم انصرفت مشيا على الاقدام، مررت بوجوه كثيرة ومحال ومناظر اعتاد عليها، كنت افكر مع نفسي، ماذا سيحدث عندما اصل الى البيت وافتح النت، هل استعجل بفتح الفيس بوك لارى ماذا كتبت، هدى ، وماذا كان رد فعلها ؟
مازلت اشعر بدوار في رأسي ولكن كنت مصرا على ان اصل الى مكان سيارتي من دون ان استقل سيارة اجرة، حيث كانت المسافة من مكان عملي في الباب الشرقي الى مكان سيارتي اكثر من ساعة مشيا على الاقدام، قلت مع نفسي ياااااااه انها مسافة طويلة، بل طويلة جدا كيف سأصل الى هناك،،؟
توقفت عند محل لصديقي ولكن لم اكن اشعر براحة وانا ابادره بتحية تكاد تكون باردة بعض الشيء ، قلت في سري، يا احمد انك رجل نحس جدا ولاتحب ان تجامل الاخرين لاي سبب، انصرفت بسرعة بعد ان استدركت وقلت له اسف عندي موعد مهم ؟؟ لم يقل شيئا بل هز رأسه مستغربا من حالتي القلقة جدا، كنت احمل حقيبتي التي تسميها احدي بطلات العاب قوى المعاقين، (كشك) اي مكان صغير لبيع الحاجيات لان حقيبتي موجودة فيها، نساتل وسكائر، وعلك، وحلوى متنوعة، وتفاحة، وبعض الاحيان فيها، سندويشات تعملها زوجتي وتضعها، غصبن عني، في هذا الحقيبة (الكشك )، كنت جائعا الى درجة كبيرة حاولت ان افتح حقيبتي الا انني لم افعل، فيلم سينمائي طويل جدا دار في مخيلتي ( …….. )
كان هناك من يقول لي، كيف استطعت ان تجيد هذا الدور مع امراة لم تكن تعرفها من قبل، مجرد صورة موجود عبر الفيس بوك، ثم تظهر معدنك الحقيقي في زمان اغلبه، مزيف، منافق، لايمكن ان يظهر فيه من هو شجاع، او ابسط صور الشجاعة / اجيبه بهدوء وانفعال معا، لم اكن امثل ولا يمكن ان اكون كذلك في يوم من الايام، يعود ليقول لي بلهجة حادة بعض الشيء، انت رجل حساس بل نحس جدا ويصعب عليك ان ترتبط بصداقة نقية وطاهرة وشريفة لانك ستدفع ثمن اهتمامك وحساسيتك وحرصك الكبير، قلت له كيف ؟، يجيب ببرود اعصاب، انت تعرف قيمة نفسك جيدا وتثق بها بشكل كبير، لذلك عندما تتعود على الحديث مع هذه المرأة وتتوثق علاقتكما بمرور الايام ستكون حريصا على الحديث معها بشكل يومي بسب كونك تهتم بها اكثر من اهتمامك بامور اخرى مهمة، فضلا على كونك رجل صرت تشعر بوجودها قريبة جدا منك، وانت تبتعد عن اية علاقات، قليل الصداقات – قليل الخروج من البيت، تمتلك طبعا خاصة تكاد تكون مختلفا بل انت مختلف اصلا عن الاخرين ـ قلت، نعم هو الاهتمام الذي اقر به امامك، ضحك وقال، ولكنك صرت تشعر معها بأطمئنان كببر وكانها مهمة جدا في حياتك . قلت، اعترف مرة اخرى انك محق في هذا . كنت ارتجف من الجوع، ولايزال الدوار يأكل رأسي، لم يترك لي مجالا لالتقط انفاسي ليقول لي، لقد اخطأت كثيرا ـ بل كثيرا جدا عندما صرت تقول لها كلمات ومفردات جميلة واصبحت تتحدث معها وكأنها حبيبة ؟ قلت له الى هنا اسمح لي بالرد عليك، واضفت، عندما اصبحت هذه المرأة واضحة امامي مثل ورقة بيضاء، اتعامل معها برقة كبير، بل تعاطفت معها بشكل كبير لا سيما انها اظهرت حسن نية كبيرة معي لذلك وثقت بها ووثقت بي، وصرنا بل اصبحنا اصدقاء بشكل حقيقي ثم تطورت صداقتنا الى ان اصبحنا اخوة يثق احدنا بالاخر، عاد الدوار الى رأسي من جديد .
قال لي هل انت نادم على صداقتك بهذه المراة ؟ يبدو للوهلة الاولى انه سؤال فيه نوع من الخبث، اجبته، لالالا بالعكس لست نادما ابدا، بل هي اجمل علاقة صداقة في حياتي ـ لم امر بمثل هكذا تجربة قربتني من امرأة نقية نظيفة شريفة تعرف قيمة نفسها وشخصيتها وتثق بنفسها الى ابعد الحدود، امراة تفرض عليك احترامها وتقديرها بشكل كبير ولكني اعتقد بان هذه الفرصة الثمينة التي استثمرها من اجل الابتعاد عنها ليس كرها بها ولا اي شيء اخر، بل شعرت الان بان وقتها يبذر بل مهدور معي في الوقت الذي يجب ان تقضيه مع اشغالها وحبيبها وطفلها واهلها، لا سيما انها امرأ ة تعمل نهارا وتحتاج الى وقت للراحة وان تاخذ نفسا عميقا من جراء يوم عمل متعب ومرهق، قال ولكنك تسنفزها من وقت الى اخر، حيث تصتنع المشاكل معها ماهو السبب ؟
اجبته /
نعم كنت اقصد مثل هذا الامر، مع ان قلبي يعتصر الما واتعذب، نعم اتعذب كثيرا لكوني سأفقدها وانا غير راغب في هذا الامر، لكوني تعودت عليها بشكل كبير، ولكن كل هذا كان من اجلها، من اجل ان تطردني من حياتها بشكل نهائي وتتفرغ الى اهتماماتها الاخرى افضل مني بحكم انها غير مسؤولة عن تعلقي بها من جانب ومن الجانب الاخر انها مرتبطة مع شخص اخر يشكل لهما وفق ماقالت لي ـ مشروع زواج وانا شخصيا كان يسعدني ان تكون سعيدة.
والامر الاهم من كل هذا، هو انني صرت حتى اغار عليها وازعل عندما تغيب عني ولو دقائق عندما تنقطع عن الحديث معي، الامر الذي كان يسبب لها احراجات كثيرة ـ وهو الشعور الذي كان يؤنب ضميري .
قال كيف ؟
قلت / في الوقت الذي اصبحت اتنفسها مع الهواء واشعر بوجودها قريبة مني ولم استطع الانقطاع عنها مهما كانت الاسباب، صرت اخاف عليها، اخاف عليها من قساوتي عليها لكوني كنت اسمعها كلام ربما يكون قاسيا بعض الشيء لاسباب تراها بسيطة وانا اراها العكس، وبرغم كوني تعهدت لها بان لازعل ولاعتاب من اي شيء وصداقتنا بل اخوتنا اكبر من هذه الامور البسيطة ولكنني اعود لازعل من جديد وهو طبع يتعلق بكوني رجل حساس ونحس وصرت اهتم بها وكانها قطعة من جسدي قال مازحا / هذا حب معلن يااحمد ؟
قلت : نعم هو حب، ولكنه حب صديقة، بل حب اخت منحتني هذه الثقة الكبيرة ولابد ان اكون موضع هذه الثقة، والا فان الامر يتحول الى خيانة الذات قبل خيانة الصديق او الاخت، قال اذن اين المشكلة ؟
قلت : ليست هناك اية مشكلة بقدر كوني صرت لا استطيع التنفس بدونها، فيها هي تراني اخا حقيقيا وتعترف بانني موضع ثقتها، لذلك فان حرصي الزائد عليها بل خوفي عليها جعلني اتصرف بهذه الطريقة، وهي معاتبتها في امور بسيطة والان انا مرتاح الضمير والبال لكوني غادرت حياتها وتركت صدقا ونقاء ومحبة ونيات طيبة مخلصة مع انني كمن اضاع شيئا مهما من حياته وسيكون من المستحيل علي نسيانها، ومن المؤكد سأمر بنويات عصبية حادة مع انني عصبي اصلا . ومن المؤكد بانني ساعيش كوابيس واحلام مرعبة ومخيفة جدا ومن المؤكد بانني ساعود الى عزلتي مثلما كنت، كل هذا سيحدث لي، اعرف ولم احضر نفسي لمثل هكذا وضعية غاردتها منذ مدة طويلة ولكن مكتوب علي العودة لها من جديد . حبا وحنانا وعطفا واحتراما وتقديرا لهذه الانسانة او المرأة التي انتشلتني من عالم ووضعتني في عالم اخر .انتابني شعور غريب وانا افتح صفحتي في الفيس بوكس، شعور لم اجد له تفسيرا منطقيا له، وجدتها كتبت ” احمد وينك ؟
لقد قدمت اعفاء من وظيفتي انا بأمس الحاجة لك ؟
الوووووووووووووووووو احمد وينك ؟
كتبت ” احبك الى الابد اخوك المخلص احمد واقفلت الفيس بوك؟
محسن التميمي – بغداد
AZPPPL

مشاركة