قصة قصيرة (2)
الراقص والطبال
شاءت الاقدار ان يتوفى الحاكم ويصبح هذا الرقاص هو الحاكم الوالي لتلك البلاد وكان الحنين يشده لصاحبه ومعرفة اخباره وما آلت اليه الامور معه ولكن كيف السبيل له وهو لا يعرف له مستقرا ومكانا واخيرا خطرت على باله فكرة باعلان مسابقة لافضل (طبال) في البلاد وحدد الجائزة له وموعد المسابقة وكان يأمل ان يلتقي بصاحبه بهذه الطريقة وازفت الساعة وحضر المتبارون للمسابقة واستمع الوالي الى العديد من المتسابقين الا انه لم يجد صاحبه بينهم.. وفي اليوم التالي جلس الوالي ليستمع الى المتسابقين الآخرين.. وهم يضربون على طبلاتهم بايقاعات جميلة انتبه الى ايقاع جعله يهز اكتافه دون اراده منه فعرف ان ذلك هو صاحبه فطلب حضوره ولما رآه عرف انه صاحبه القديم ورفيق صباه وشبابه الا ان الطبال لم يعرفه فاشار الوالي الى حاجبه يأخذه ويكرمه ويذهب به الى الحمام وان يلبسه فاخر الثياب ويطعمه ويحضره بين يديه عند المساء..
ولما كان الوالي في ديوانه دخل الحاجب ليطلب السماح بدخول صاحبه عليه فاذن له.
ودخل الطبال فنهض الوالي لاستقباله وعناقه وقد عرفه بنفسه والطبال فرحا بلقاء صاحبه واجلسه الى جواره وقص عليه حكايته وكيف وصل الى الخلافة وقص الآخر معاناته على الوالي وكيف ساءت الامور معه.
ومع ذلك كان الطبال شارد الذهن فقال له الوالي بانه سيجعل منه وزيرا والخليفة من بعده فكان الطبال يستمع الى الوالي والدموع تنهمر من عينيه وظن الوالي انها دموع الفرح.. الا ان الطبال بقى على نحيبه وبكاءه.. وكان الوالي يسأله عن سبب بكاءه والطبال لا يجيب فالح عليه بالسؤال فقال الطبال: والله يا اخي لا ابكي على نفسي ولا فرحا على ما اصابنا من نعيم.. ولكن ابكي هذا الشعب المسكين الذي يحكمه (راقص وطبال).. وضحك الشباب لهذا القول المأثور وكانوا غير متوقعين ان الطبال سيقول ذلك وكانوا يتساءلون عما كان رد الوالي على صاحبه الطبال فسكت الرجل العجوز ابو نور وقال لهم: لا يا احبتي ان هذا اتركه لكم فالقصة انتهت.
محمد عباس اللامي – بغداد
AZPPPL