قصائد هكذا دائما لعبد السادة البصري

قصائد هكذا دائما لعبد السادة البصري
تشظيات الدال وتكرارية الدلالة
حيدر عبد الرضا
لابد من الاشارة المقدماتية، الى ان هناك حالة من حالات الكتابة الشعرية، التي تكون دائما خاضعة وفي كل مجالاتها الوظائفية والتكوينية والاسلوبية، الى نسق بطاقة تعريفية خاصة، حيث تكون واسطة لسير وصف منهجيتها البوحية الراهنة عبر تواصل حلقات قراءتها لمشهد الاشياء في موصوف ذاتية موطن الشاعر.. والشاعر عبد السادة البصري في مجموعته الشعرية المعنونة هكذا دائما ما هوألا انموذجا لمعين هذه الحالة الاسلوبية، فالقارىء لعوالم قصائد هكذا دائما قد يلاحظ وبشكل دقيق، بأن اجرائية كتابة وتوصيف القصيدة لدى هذا الشاعر، قد تكون أحيانا مزودة بأستجابات سياقية متشظية من زمن فعل الدال» الصورة» الاشارة» تكرارية الدلالة بيد أن فعل قراءة النص، تبدولنا تداولية متوقفة بموجب ممارسة تكرارية في حركة المعنى الدلالي، من شأنها تأجيل منظومة اشتغالية معنى مقصدية الدوال الواحدية في مشهد النص.. وبعبارة موجزة أقول بمعنى مباشر وصريح، ان استقلالية المعنى الدلالي في مشهد قصيدة عبد السادة البصري، يبدوللقراءة الأولى، فعلا تكراريا متشظيا، للفهم والمعرفة والذوق، وهذا من شأنه أولا وأخيرا، ما راح يجعل النص لدى هذا الشاعر، يبدوكأنه عبارة عن مساحات ملفوظية وصورية خاضعة، لحساسيات تكوينية في مقامات مجال الرؤية اللاعثورية في مرايا دلالات النص المتشظية.. من هنا فقط سوف نعاين مجسات قصائد البصري، لعلنا سوف ننطلق منها الى مساحة قرائية رحبة ومثمرة
الرجال..
الرجال الخشب..
الرجال الخشب الذين وسمتهم الشمس..
أبرموأتفاقية مع الطقس..
في المطر..
يقيمون الولائم
قرب المواقد
ورحلات صيدهم
ساعة إذ تهدأ
الريح.. ص11
طبيعية فضائية
من خلال هذه المقاطع الشعرية من القصيدة تتجسد لنا تشكيلية دلالية متشظية، مصدرها سياقية الشكل والمضمون الشعري في القصيدة، فعلى سبيل المثال، تواجهنا لفظية دال الرجال بأكثر من حيز وفضاء وتوصيف وتوقع، ولدرجة عدم انسجامها الظاهر مع دليل صورة دال الخشب أي ما معنى حدود توصيف الرجال مع مدلول الخشب أوجملة الذين وسمتهم الشمس أو اتفاقية مع الطقس أو
يقيمون الولائم أومع الريح لاشك ان عملية مراجعة هذه المقاطع منا، تحتاج الى طبيعة فضائية خاصة في علم الجغرافيا والحفريات، ذلك لأن أزمنة متخيل التشكيل الاستدراكي للنص، يبدوعلى درجة كبيرة، من خيالات متشظية واسعة، لاتحدها حدود ما، حيث قامت برسمها مخيلة ذات ظرفيات مفككة، من فعل امتلاك دلالات الزمن الحقيقي لهندسة ترابطية الاشياء
عند الباب.. أخلع..
عن كتفيك، الشوارع
ملاذات الارصفة
بطاقة التموين
الجريدة، بقايا قصائد متناثرة، الاقاويل،
بكائيات منتصف الليل، أعقاب السكائر،
الاعتقالات..ص31
في هذه المقطعية الشعرية، يتبين لنا مدى علاقة الشاعر بخط تفاصيل الحياة اليومية حيث نراها تتم عبر مستويين متمايزين، يتمثل المستوى الاول، في أربع حركات متواترة متداخلة تتكون من أفعال وعلامات، دينامية حركة الآخر التواصلي الباب» أخلع» عن» كتفيك وعند أطارية المستوى الثاني، يتغير مسار العلاقة والأجراء التصوري في نسق القول.. الشوارع» ملاذات» الأرصفة» بطاقة التموين» الجريدة» بقايا قصائد» الأقاويل» حذاءك . وتبعا لهذا نشاهد بأن مظاهر النص تكشف عن منظورات تواصلية حادة، مؤدية الى أفعال تنهض بملء فراغ تجاوبات فاعلية مستوى صوت منطقة حوارية أقنعة الأشياء.. بكائيات» منتصف» الليل» أعقاب» الاعتقالات ومن حدود هذه الاسطر التكرارية الناشطة في تصنيف عمليات المفتوح الدلالي، الناتج عبر كيان خطاب الاشياء اللحظوية في قصيدة الشاعر، وهي تستجيب لمعالجات مزدوجة التوصيف والدلالة والتشكيل، أي بمعنى ما، نرى ان أفعال الكلام في صورة النص الشعرية، راحت تسلك نحوبنية كشوفية خاصة، من معين دلالة الانتاج الفروقي المتنامي نحومستويات مرحلة التلاقي في المقاصد والرؤى المخالفة، أعتمادا على سعة طاقة دلالية تقترح تشظيات مديدة من زمن مشهدية النص الخطابية
على طاولة العمر
أفترشت أمرأتي أحلامها
رسمت، بيتا وشجيرات وعصافير
كبر البيت
وأزدانة الشجيرات بالورد
وزقزقت العصافير
راحت في غفوة، لم تصح منها ألا
وطفلي الصغير يصرخ
ماما..ماما.. ص47
حساسية الأمكنة
يبدأ الراوي الشعري في هذه الاجزاء من مقاطع القصيدة، بعملية سرد سير ذاتي حيث نراه من خلاله، يعرف مجاهيل حياته اليومية، أعتمادا على حساسية الامكنة وروح أختزالية استدعاء، مراحل جغرافيته العمرية، لذا نقرأفعاليات خطاب النص، من أبواب وباب، تصارعات الحدث الاشكالي، ومن مدى التلاشي في شروعات سرد الراوي الوقائعي المفرط في معاينات الملفوظ التوصيفي
طاولة العمر إمرأتي شجيرات غفوة طفلي أحلام ذات يصرخ ان محطات هذه المقاطع الشعرية، لاشك أنها صادرة من دلالات نمومراحل علاقة بساطة وعفوية ذاتية، حيث تبدوناتجة للقراءة، من مشروع تأسيس تجربة الشاعر الجديدة. ان القارىء لتجربة قصائد هكذا دائما لعله يعاين بوضوح تام، بأن هناك مشكلة أساسية وجوهرية في سلسلة مشروع انتاج الشاعر في قصائده هذه، وهذه المشكلة تتركز في ميدان مقولات الانقطاع» تشظيات الدلالة» الصعود التكراري . وهذه التجليات بدورها راحت تشكل في بناء القصيدة، نظاما خطابيا ذات مواصفات شبه غائرة في متعرجات النموالدلالي المتكامل، فعلى سبيل المثال، نلاحظ ان تمظهرات شعرية الصورة أحيانا لدى الشاعر، تأتي بطريقة المتابعة والتضافر الانقطاعي، وليس بطريقة السياق الصعودي المستقل بذاته وبصورة ايقافية شعرية متكاملة في بناء حيثيات المضمون الصوري، وتبعا لهذا الامر، نجد ان القصيدة لدى هذا الشاعر، كأنها لفظة مكتظة بأنقطاعات اخبارية، من شأنها التوصيل والاتمام، مع مصاحبات العنوانية الواسعة في مجريات خبرية النص الاستدراكية، بل أننا مع الأسف وجدنا، القصيدة أحيانا لدى الشاعر، تبدوعبارة عن مخالفات دلالية إزاء عنوانات محتويات دوال النص القصدية، وعلى هذا الامر، وجدنا جميع القصائد، مجرد علامات كلامية دون حدوث ثمة تعميق تشكيلي، من شأنه احالة تواصيف الاشياء الى مواقع مفهومية ودلالية رصينة التشكيل والايقاع والرصد
انفلت الحالم من ذاكرة الليل
وهام على وجهه في الشرفات
كان يعد العدة كي يحصي أسفار
سفائن هذي الروح
والروح تراها غارقة في لجة بحر هائج
ترك الشاطيء مهووسا يتراقص والامواج
كان النوتي يراقبه..
والنورس يلتقط الهمس المجبول
بدقات القلب.. ص8
انغمار المعنى
تستند حاضنة الافعال والاسماء والمقاصد في مقاطع هذه القصيدة، على أساس شبكة دائرية من علاقة فضاء ثنائية
الانقطاع» الصعود وعلى هذا الشأن، نجد دال
الحالم يجسد ترجمة واسعة لصعود دال الليل داخل مضمار درجات حساسية كفاءة توقف وانقطاع انفلت وفي سياق مقابل نعاين بأن دال الشرفات بات يجسد لذاته توسعا ما في جدلية علاقة تعاقب» تتابع وإزاء تماثلات دال وجهة نلاحظ انغمار المعنى النصي داخل حلقات تواصلية في طريق مضمون منطقة انقطاع» صعود أي بمعنى ما، نجد بأن علامة جملة انفلت الحالم من مدلول
ذاكرة الليل تشكل درجة انقطاعية ما، من زمن دليل صعود دلالات وجهة» الشرفات» يعد العدة» هائج ولكن مع كل ذلك التوغل في مستوى مساحة دلالة الصعود يظل النص غير مفتوحا على تأويل ما، لأنه يبقى يشكل استجابة صريحة ومباشرة في خطابه الاسلوبي واللغوي والتكويني الى جهة شبه متوقفة الايحاء والانزياح الدلالي. ان تجربة قصائد هكذا دائما تتخذ لذاتها صياغة حياتية محددة الفعل والرؤية والحركة، كما ان فعل قراءتها يأتينا، عبارة عن محاورة ما بين فعل مسار الانقطاع وفعل صفة الصعود ، لغرض الوصول الى ختامية لغة الاشياء وصفاتها الملحوظية.
الشمس التي كنا نحلم بها
حينما بزغت
على وجوهنا
لم نستثمر خيوطها جيدا
انفرطت..
انفرطت من بين اصابعنا
وصرنا نتلمس طريقنا
عبر دهاليز مظلمة.
تحيلنا مقاطع هذه القصيدة، نحوفكرة مبهمة تراود مخيلة الشاعر بشكل مخفي، في حين تتمظهر الصورة الشعرية، على هيئة شحنة مصدرية، أخذت تنطلق نحواشارات اجمالية، حيث اخذت تجعل مشاعرنا القرائية تسقط مرهفة داخل حضرة ذلك البوح الشفيف من دوال هذا النص الشعري الأخير، فالشاعر البصري في هذه المقاطع من النص، راح يشع بأكثر من دلالة متشظية، حيث أخذت فينا تتشظى، لحشدا من الانات الهاربة بحرقة وفتنة بالغة، وهي تكرس عملية شرارة البوح ما بين نحلم بها وبين انفرطت وبين جوهرية حضور تكرارية الدلالة، وفعل فضاء
تمظهرات النص حيث صارت تقودنا نحودلالات حضورية، ناتجة من سماء مداليل المرسل والمرسل أليه. ان العالم الشعري الذي يحاول ان يصل أليه عبد السادة البصري، ما هوألا تمثيلات متوازية من الشعور المتوغل في اعماق خصبة من متغيرات الذاتية الدالة في امكانية توصيف الخطاب الشعري.
AZP09

مشاركة