قروض ومساعدات البنك الدولي والملاذات الآمنة – حاكم محسن محمد الربيعي

قروض ومساعدات البنك الدولي والملاذات الآمنة – حاكم محسن محمد الربيعي

كان وجود البنك الدولي اساسا  هو تقديم المشورة والراي للدول التي تحتاج الى عون البنك الدولي ومنها الدول الفقيرة  و مساعدتها  للنهوض باقتصاداتها ،  والانتقال من حال الى اخر افضل من سابقه من خلال تقديم القروض والمساعدات الى هذه الدول ، الا ان الحال في ظل حكومات  مختلفة في سياساتها وافكارها و تركز على مصالحها الذاتية وتغليبها على مصالح البلد ، اضافة الى تعاطي البنك الدولي لسياسة التمييز سياسيا مع الدول حسب صلاتها مع دول المركز ، لذا اصبحت هذه القروض والمساعدات  تأخذ مسارا اخر  وعلى هذا الاساس  يقدم البنك الدولي القروض والمساعدات  الى الدول التي تحتاج اليها لتنقيذ مشاريعها التنموية وبشروط كأن يكون التنفيذ من قبل شركات يسميها البنك الدولي تعود جنسيتها الى الدول الكبرى المؤثرة من  دول المركز، وبعد ان تم اختيار بينى جولدبرج استشارية للبنك الدولي وهي استاذه جامعية كانت تعمل بجامعة ييل، كلفت مستشارة البنك الدولي ثلاثة باحثين لمتابعة القروض والمساعدات التي يمنحها البنك الدولي الى الدول الفقيرة ، والمهم هنا هو مأ شارت  إليه نتائج تلك الدراسة، وطبقا لما نشر في الصحافة الغربية تعود فكرة الدراسة إلى ما قبل عام 2015 حين قام كل من يورجن أندرسن، من كلية إدارة الأعمال النرويجية، ونيلز يوهانسن، من جامعة كوبنهاجن، ببحث أكاديمي أفاد أن ارتفاع أسعار النفط يتبعه مباشرة تسرب الكثير من الأموال إلى خارج الدول النفطية مع ارتفاع في الودائع التي يحتفظ بها مواطنون من هذه البلدان فى حسابات مصرفية فى الغرب في دول مثل سويسرا أو الدول الثى يمكن أن تكون «ملاذا آمنا» للأموال المسربة وعندما عرضت نتائج هذه الدراسة فى البنك الدولي عام 2015 كان من بين الحضور عضو فى قسم الأبحاث بالبنك (بوب ريكرز). فاشترك الثلاثة الاقتصاديين لدراسة ما إذا كان هناك شيء مشابه يحدث فى الدول النامية بعد ضخ المساعدات والمنح من الدول والجهات المانحة، وكانت نتائج دراستهم صادمة ومثيرة للاستغراب، هؤلاء المؤمنين بحسن نية البنك الدولي والدول الغربية المانحة. فقد أوضحت النتائج أنه في حالة الـ 22 دولة  التي شملها البحث، خلال الفترة الممتدة من 1990 إلى 2010  بعد وصول مساعدات لتلك الدول من البنك الدولي والجهات والدول المانحة الأخرى (ومعظمها دول الغرب) تحدث قفزة في ودائع صفوة وأغنياء البلدان (الدول التي قدمت لها المساعدات او القروض) بالمصارف الأجنبية وبالتحديد مصارف الدول الغربية التى توصف بكونها «ملا ذات آمنة» للأموال. وبلغ حجم التسريبات في المتوسط حوالى 7.5 بالمئة من مساعدات البنك وعلى اثر ذلك.

أعلنت المستشارة  استقالتها من منصبها ككبيرة الاقتصاديين للبنك الدولي، وذلك بعد أقل من عامين من توليها هذا المنصب المؤثر. وبالطبع بدأت الصحافة والميديا الغربية تتكهن بأسباب الاستقالة. وما يشاع أن الاستقالة سببها خلاف بين السيدة جولدبرج وإدارة البنك بخصوص عدم نشر البنك لدراسة تشير إلى أن جزءا ملحوظا من أموال مساعدات البنك والدول المانحة يتم تسربه من الدول النامية والفقيرة، المتلقية لتلك المساعدات، إلى حسابات مصرفية خاصة في بنوك الغرب وبالتحديد إلى دول توصف «بـا لملاذات الآمنة» للأموال،  فكيف اذا كان لدى البلد فوائض مالية وتحت تصرف الحكومات المحلية في البلد ، اذ تشير التقارير الى مليارات من الاموال المنهوبة والمودعة  في الملا ذات الامنة و با سماء غير اسماء اصحابها الحقيقين  وباتفاقات ولذلك يقولون عندما يتحدثون بانهم ليس لديهم ودائع ويتحدون الاخر ان يجد بأسمائهم اية وديعة و با صغر نقد ،  نعم صحيح ما يقولون لكنها با سماء ربما الابناء او الاخوان او من ذوي الصلات الموثوقة ، على اية حال مهما بلغت الايرادات اذا بقيت المحاصصة وهذا التطاول على المال العام دون رادع وغياب سيادة القانون والتستر على هذا  النهب المبرمج فلن تقوم قائمة لبلد اصبح يشار اليه انه الاكثر في عدد المتسولين ، أما   استقالة كبيرة الاقتصاديين  في البنك الدولي ليس بالأمر المهم، فذلك لن يغير من التوجهات الليبرالية الجديدة المتوحشة للبنك الد ولى  والتي تؤدى إلى ترسيخ التبعية الاقتصادية للدول النامية التي تتبنى وصفة السياسات الاقتصادية للبنك والصندوق الدوليين.

زيادة ودائع

وللدول المانحة ، وفى الدول الأشد فقرا بلغ معدل زيادة ودائع أغنياء الدول الفقيرة فى مصارف دول الغرب (والتي هي أيضا الدول المانحة) إلى حوالى 15 بالمئة من حجم المساعدات والمنح. وهذه النتيجة تشير إلى أن هذه الدراما حقيقية ويومية ترجع بطولتها لكل الدول الغربية المانحة ووكالات التنمية الخاصة بها،  وإلى وكالات التنمية الدولية وعلى رأسها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. فهم يعلمون جيدا أن ما أشارت إليه الدراسة هو من طبيعة صناعة ما يسمى بتمويل التنمية التي هم سادتها ومصمميها، ويعلمون أن في آخر الأمر سترجع أموال الدعم (المسماة بالمنح أو القروض الميسرة) مرة أخرى لبنوكهم وخزائنهم. وهي صناعة التنمية وتمويلها على هدى (business) كعملية رابحة من كل الجهات وتكلفتها بخسة ,فمن ناحية يتم تلميع وتثبيت صورتهم، لدى شعوبهم وشعوب العالم النامي، كقوم كرام ديمقراطيين ونظاف وغير فاسدين وأصحاب ضمير حي، ومن ناحية ثانية الفاسدون هم من العالم الثالث وأغنيائه وصفوته وقادته الذين يستولون على أموال المنح، ومن ناحية ثالثة تعود كل الأموال مرة أخرى إلى بنوكهم في الغرب وربما تتضاعف (بشكل مباشر كما أوردت الدراسة أو بشكل غير مباشر)، وقد تستولى عليها حكومتهم «بالقانون» أو بغيره، ومن ناحية رابعة يتم تثبيت فكرة احتقار الذات والانبهار والانسحاق للغرب لدى شعوب العالم الثالث، وفى حقيقة الأمر إنهم هم المصدر الرئيسي للفساد من حيث الحجم والكمية، وبالإضافة إلى ذلك تعمق مثل هذه المساعدات من تبعية الدول النامية التي يرهقها تراكم وتزايد الديون الخارجية ويفقدها القدرة على الانفكاك من الهيمنة السياسية والاقتصادية للغرب. وعليه لابد من التوقف عند حصول وفرة مالية ناتجة عن ارتفاع اسعار النفط او قروض ومساعدات من اي جهة دولية او اقليمية كانت .

مشاركة