للشرطة كلية واحدة .. لا كليتان
قرار إستحداث كلية شرطة في البصرة – أكرم عبد الرزاق المشهداني
قرأت مؤخراً خبراً مفاده ان رئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، وافق على استحداث كلية ثانية للشرطة يكون مقرها محافظة البصرة. وأنه قد وجّه بأن يجري إعداد هيكل تنظيمي خاص بالكلية، بما يتناسب مع مهامها وواجباتها، استناداً إلى قانون كلية الشرطة رقم 37 لسنة 2000. وأن الكلية المستحدثة ستكون لها موازنة مالية مستقلة، وترتبط بمكتب وزير الداخلية من جميع النواحي، أسوةً بكلية الشرطة الحالية. وقد أكد مستشار رئيس الوزراء هشام الركابي، أن استحداث كلية للشرطة في البصرة دليل على اهتمام الحكومة بإعداد ضباط وقادة أكفاء يمتلكون مهارات شرطوية مواكبة، وكفاءة متميزة لأداء العمل من أبناء المحافظات الجنوبية. كما أكَّد النائب عن البصرة أحمد الربيعي أن” كافة الأمور المتعلقة بجاهزية الأرض والبنايات والمكان متوافرة”.
نبذة عن تاريخ كلية الشرطة العراقية:
1ــ تأسست عام 1944 بموجب النظام رقم 2 لسنة 1944 الذي جعل ارتباطها بمديرية الشرطة العامة، وضمت كلاً من مدرسة الشرطة العالية (كلية الشرطة) لتخريج الضباط ومدرسة إعدادية الشرطة لتخريج المفوضين.
2ــ في عام 1966 صدر نظام كلية الشرطة رقم 25 لسنة 1966 الذي جعل ارتباط الكلية بوزير الداخلية مباشرة وجعل الدراسة في الكلية 4 سنوات مناظرة للدراسة المقررة في كلية الحقوق العراقية بالإضافة للعلوم العسكرية والأمنية ويمنح الخريج فيها (شهادة البكالوريوس في القانون والشرطة).
3ــ وفي عام 1969 ألغي هذا النظام بصدور نظام كلية الشرطة رقم 1 لسنة 1969 وأعيدت الدراسة إلى 3 سنوات بدلا من 4 سنوات وأعيد ارتباط الكلية بمديرية الشرطة العامة.
4- وفي عام 2000 صدر قانون كلية الشرطة رقم 37 لسنة 2000 والمعدل بالقانون رقم (11) لسنة 2020 ومن ابرز ما تضمنه القانون شمول تدريسيي وملاكات الكلية بمزابا قانون الخدمة الجامعية وهي خطوة رفعت من المستوى العلمي، وجعلت الكلية في مصاف الكليات والمعاهد بجامعات العراق، وكذلك رفع مستوى أجور المحاضرات.
لماذا نرفض الفكرة؟
لقد احدث قرار استحداث كلية ثانية للشرطة في محافظة البصرة ردود افعال عكسية بين ضباط الشرطة المهنيين واكدوا في استفتاء اجريته لهم عبر موقع (منارات ومحطات في تاريخ شرطة العراق) معارضتهم لفكرة استحداث كليات اخرى للشرطة في المحافظات لعدة اسباب منها:
– ان فكرة استحداث كليات اخرى للشرطة في المحافظات سوف يُكرس مشاعر الاقلمة والاستقلالية في المحافظات ويجعلها قاصرة على لون مكوناتي واحد، وربما يعزز من فكرة انشاء اقاليم مستقلة عن المركز.
– ان قانون كلية الشرطة رقم 37 لسنة 2000 لم يشر الى صلاحية استحداث كليات شرطة اخرى غير الكلية الاصلية ببغداد.
– ان الكلية الحالية ما زالت تعاني من نواقص بشرية ومادية وتعليمية وتدريبية كثيرا وهي بحاجة للتطوير فكيف سيكون حال كلية اخرى وكيف سيتم تعزيز واستكمال ملاكاتها ومناهجها وتدريسييها ومدربيها. العبرة ليست في فتح كليات للشرطة وزيادة عدد الضباط العبرة في المستوى والكفاءة والتدريب والمركزية حيث لازالت كلية الشرطة الحالية تفتقر الى الكثير من المقومات الاساسية وليست بالمستوى المطلوب وكذلك المناهج الدراسية المفروض تواكب التطور الفني والتكنولوجي في العالم.
– ان الحاجة ماسة الى الحفاظ على مركزية الاعداد والتاهيل الشرطي والحفاظ على هيبة الكلية وقيمتها العلمية، حيث يتم فيها بناء الاخوة والعلاقة الاجتماعية الرصينة وكونها مفتوحة لجميع المكونات الوطنية العراقية دون تمييز ولا تفريق ويتآلف فيها ابناء جميع محافظات العراق.
– الكلية الواحدة تجمع الطيف العراقي (الذي شظاه الاحتلال) بطيف واحد وهم العراقيون اخوة بجميع مكوناتهم وتجمعهم عراقيتهم، وقال احدهم (لايجوز فتح اكثر من كليه لان سوف تصبح كل كلية مخصصة لطائفة معينة وهذا ترسيخ للطائفية).
– كتب احد المُستَطلَعين (جمالية كلية الشرطة الموحدة هو قدرة الاختلاط بين الطلاب من محافظات مختلفة يصنع نسيج اجتماعي قوي يضم جميع طوائف ومذاهب العراق وضد ?ل الظروف الطائفية والمذهبية وخير مثال على? ذلك هو نحن خريجي كلية الشرطة نحمل علاقات قوية مع اخواننا من جميع محافظات العراق وإن هذه العلاقات اقوى حتى من علاقاتنا مع اقاربنا انفسهم).
– وقال آخر (لا اؤيد فتح كلية للشرطه في اي محافظه عدا بغداد، فهي عملية فاشلة بدليل انه سبق ان فتحت كلية للشرطة في البصرة وفشلت مهما يكن لا يمكن أن تكون الكليه بمستوى كلية الشرطه في بغداد وأرى الحل في توسيع استيعاب كلية الشرطة الحالية ببغداد واستكمال متطلباتها وتطويرها وبعكسه ستكون كلية البصره دون المستوى لتخرّج ضباط ذوي كفاءة عاليه كخبرة كلية الشرطه في بغداد عمرها عشرات السنين وخرجت 70 دورة منذ تأسيسها).
– وقال آخر (ان فتح كليات للشرطة في المحافظات سيكون له تأثير سلبي كبير على الجانب العلمي لضباط الشرطة ما يعزز أكثر للمنافسة بين الجميع وللتساهل الواضح في المادة العلمية لينعكس بالاخير على المجتمع وهذا ما نجده متجسدا على أرض الواقع ظاهراً في كثرة الكليات الاهلية).
– وقال آخر: (ان الكلية الحالية يطلق عليها دوليا تسمية (كلية الشرطة العراقية) واذا حضر وفد عراقي لمؤتمر عربي ودولي فهل سيشار اليه كلية شرطة بغداد او كلية شرطة البصرة؟؟؟.
– واذا فتحت كلية بالبصرة بالتاكيد سوف تضم ابناء المحافظات الجنوبية وسيكون تركيزهم على العمل في محافظاتهم على عكس خريجي كلية الشرطة المركزية الذين يشتغلون في جميع محافظات العراق والمشكلة سيدركها الضابط الخريج مستقبلا).
– وقال ضابط قديم (طريق التفصيخ يبدأ بخطوة واحدة لقد تعب حمورابي لاجل توحيد العراق وسن قوانينه الموحدة بمسلته المشهوره والتاريخ يُعلّمنا أن المركزية هي الانجع وهي الحل بشرط العدل الاجتماعي وسيادة القانون).
– واستفسر احدهم (وهل نتوقع ان ابن الانبار او نينوى او ديالى يمكن ان يلتحق بكلية البصرة)؟ وقال آخر (موافق، ولكن بشرط افتتاح كلية للشرطة في محافظة نينوى اسوة بالبصرة)؟
– يجب التركيز على تطوير الجانب العلمي والمهني والعسكري للطالب في الكلية الحالية، وجعل فترة الدراسه اربعة سنوات يمنح فيها الطالب شهادة القانون وجعل شهادة الكليه شهادة علمية رصينة وان تضم هذه الكليه كل أطياف المجتمع العراقي هكذا عرفناها حينما كنا طلاب فيها جمعتنا على الحب والأخوه الصادقه وروح التضحيه ونكران الذات.
ختاما
ارى ان قرار استحداث كلية للشرطة في البصرة قرار غير صائب وبالتأكيد سوف يستتبعه المطالبة بافتتاح كليات شرطة اخرى في محافظات اخرى، وهو امر سلبي بالتاكيد، واتمنى العدول عنه والسعي لتطوير كلية الشرطة العراقية الحالية لتكون لكل اهل العراق، وان استحداث كلية بوزن كلية الشرطة، ليس يعني افتتاح مركز للشرطة في بقعة ما، او استحداث دائرة ما، او استحداث كلية اهلية، بل هو قرار خطير لابد من دراسته دراسة شاملة ومعمقة والاستعانة بخبرات المتخصصين، وهذه جميع الدول العربية امامنا لم يحصل أن تم افتتاح كليات اخرى للشرطة في الولايات والاقاليم والمحافظات، لان الاعداد العلمي الامني المهني يتطلب الحفاظ على مركزية التوجيه والاعداد واستنباط المحاذير الامنية والاكاديمية والسياسية لمثل هذا القرار.
{ عميد كلية الشرطة العراقية الأسبق