قراءة تمهيدية لبعض نصوص الكاتبة سعاد الورفلي

قراءة تمهيدية لبعض نصوص الكاتبة سعاد الورفلي

ورود الأنباء من هدهد الحجارة الملقاة

الكيلاني عون

ليبيا

ربما تبدو قراءة أعمال قليلة غير منصفة لتكوين فكرة عامة وكافية حول تجربة تتحسّس خياراتها كانوجاد حقيقي وقادر على صياغة حقوله كمتعيَّن إبداعي ، ستظل الوظيفة التأويلية بحاجة إلى ما يمكن تسميته بالمنظر العام لسيرة المقروء ، ولكن رغم هذه الانتقاءات يمكننا الخروج ببعض المقترحات التوصيفية .

يهيمن اليومي بدقائق تحوّلاته على نصوص سعاد الصيد الورفلي كانهمام ترميزي تتجاور خلاله ملفوظات الداخل / الخارج بوعي يقتصد مواد ذكرى الكلمات وحمولاتها النفسية ضمن دائرية تفترض وعياً بمسألة الحبكة الدرامية خارج متعارَفات النشاط التقليدي للسرد بمفهومه الهندسي القديم ، إنها تسترسل بهدوء وأحياناً بمتعة لا تخفي انحيازها لوجهة نظر المجهول كترامياتٍ إمتاعيةٍ تختزل المحيط بتناقضاته وغرائبه وأيضاً بحكمته المجزأة كتعاليم في خرائط التكهّن البصري للتقاليد بمعناها المجازي كحقول استعارات اعتكاسية للزمن أي تفكيك المتخيَّل التوصيفي للذروة البلاغية ليس كما تشترط بنود الواقع ولكن كما يتبلور لا مرئيّاً.

إنه زمنٌ يلتقط أطرافه بغرابةِ مشّاءٍ يسترق النظر لكمائن العبث الطريح فوق الأرصفة ويختطف صورَ الباقين من رذاذ الظلام .

في قصة : اختلاج يلتقي الماضي / الحاضر أو الداخل / الخارج  نصٌّ قصير لكنه يزدان بفاكهة عجيبة وملغزة فالرجل الذي يردِّد الكلمات القديمة الشبيهة بالنواح يتناوب دور الاختلاج وجدّه الأعمى في ترنيمة حب تاريخي محكوم بزمن عليه أن يستعيد عرق الكلمات في سيرورة لا تتوقّف / لا تكتفي بزمانها لأن قيمة العشق ذاته لا يمكن إحاطتها بإطار أو سجنها بذائقة كمستوعب أبدي ، الرجل / الجد بنيان تناوبي ، اجتياحٌ يرى أخيراً حمَّى الوجد : من العماء إلى فتوّة النظر ، ومن شخصنة ملحمية إلى تداعيات الكيانات وعمومية المعاناة ، اقترافات رمزية تموج بعديد الدلالات .

فعلُ الكلمة يختصر التاريخ وتذوب خلاله مسوداتُ التقادم الشعوري فاختلاج الرجل الذي لم يعرف الحب هو تأسيس لامتدادات في ضمير الكائن التاريخي كسؤال ينهض بدوال بحوثه عن بقعة وجود حقيقي يتم عبره طرح الأسئلة ، الآخرون ـ كعادتهم ـ سيردِّدون أن ما تعانيه هو ذكرى عمياء وأن حمولاتك ليست لك بينما العرق والسهر يقولان غير ذلك فالتعاضد التناوبي للحكاية ـ سأعتبرها حكاية صغيرة ـ هو شكلٌ يحاول إلقاء حجارة في البئر كما يقول التجريد الشعبي وعلينا انتظار ورود الأنباء من هدهد الحجارة الملقاة .

نص ( اختلاج ) أمثولة عجائبية تتمظهر نسياناً يُعاد استثماره بحنكةِ راويةٍ يختصر ما لا يُقال .. يرتعد الرجلُ كبيانٍ ملفتٍ لأنماطٍ بقدرِ استدعائها للإرث الجمعي فهي تقول ذاتها كإشاراتٍ ، كإحالاتٍ تنتظرُ تمركزها الاشتقاقي باعتبارها تمريناً مفاهيمياً قاسياً في إنتاج المعنى .

الأمُّ / الجدَّةُ وربما الذاكرةُ المسماة تاريخاً تدلي بنتائجها المربكة : إنها اضماراتُ الأمس / توافداته / روحه الملفوفة بقماش الراهن الذي يكتفي بالمقارنة منتظراً جلاء المفاهيم .

اختلاجٌ يتفكَّر الأمس / الغد ، صراطٌ معبورٌ بضبابِ السّمع لكنه يتحوَّل راهناً مرئيّاً بعاداتهِ المشتهاة مثل كنوزٍ يتمُّ التقاطها بعد عناء الأسفار .

بدءُ الكلمةِ عماءٌ ناطقٌ ومبصرٌ لذلك نرى صندوقَ استعاراتهِ ينفتحُ على عديدِ البساتين .

إنه اختبارٌ في حرث السلالة .

في قصتي : سرد والركن الآخر لعب على المفارقات ، افتضاضٌ للاجدوى ، فقدانات تمظهر التراكم الاجتماعي بعناصر غرائزه وتشيؤاته ، وتبرز من جهة أخرى تمثّلات حكمية كإشارات تختصر ممكن التمترس التوافقي للعلاقات بينما الصورة مرتهنة أيضاً للمسكوت القدري بلا معلوميته .

وجوه : عنوان لـ 7 نصوص قصصية قصيرة وملفتة تحاول قراءة ما يُرى خارج ظاهر أقنعته والتغلغل في ضمير سكناته عبر اختيارات شبيهة باختبارات العدسة وهي تجمع المناظر في بانوراما وصفية لكائنات وأشياء تلتقي في خطاب العلاقات اليومية بتناقضاتها وهمومها وارتباكاتها الخاضعة لأثقال المعاناة.

مشاركة