قداسة الأنسان أساس بناء الأوطان – كامل كريم الدليمي
التفوق الأخلاقي الإنساني هو خلاصة بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
ما لم يكن تنافسناً حضارياً قائماً على منظومة القيم والأخلاق الإنسانية فإن مجتمعاتنا ستبقى في مكانها الذي تقبع فيه الآن .
ليس عند ذيل القافلة فحسب بل خارج خط سير القافلة .
وعندما نتذكر عهد سيدنا الرسول الكريم (ص) كانت المساجد حينها تُعمر لثلاث اغراض
اولاً – العبادة
ثانياً – التربية
ثالثاً – صُنع القرار ورسم السياسة وفق منهج الدين بالشورى.
ويشترك كل المسلمين بذلك ، ليُعطي الاسلام أجمل وأبهى صور الديمقراطية المَبنّية على اساس فَعل الانسان ومشاركته ، وليس على اساس فعل الجُهال وغياب الانسان الفاعل في المجتمع .
في العراق وخاصة بعد عام 2003حيث تجربتنا الديمقراطية المستوردة من مطاعم (الكنتاكي ) و (الهمبرگر الامريكية ) والتي لا تتناسب لا مع قٌدسية وتقاليد وأعراف المجتمع ، ولا مع التعددية الطائفية والقومية والدينية في العراق ، وكأن الديمقراطية مصممة للتمزيق والتدمير وزرع الفتن بين المجتمع ، أكثر ما يصفها كهنة السلطة انها ديمقراطية حكم الشعب ، واشراك المواطنين في رسم مستقبل البلد ، والجميع متأكد بعد مرور خمسة عشر عاماً بائسة على الأداء السياسي العقيم ، لايمكن ان نصف المشروع الديمقراطي الامريكي في العراق إلا عبارة عن جواز مرور لأحزاب المعارضة للسيطرة على السلطة ، وذريعة لتدخلات خارجية تفرض سيطرتها السياسية والعسكرية والاقتصادية على العراق ، وفعلاً ماحصل من تردي كبير وخسارة فادحة بالارواح وتراجع اقتصادي ملفت للنظر يؤكد هذا الاستنتاج .
وبعيداً عن مفهوم الديمقراطية والغوص في تعاريفها وأصلها ، ونحن غائصون بوحل نتائجها المزرية ، التي حوّلت العراق الى مرتع وملعب لأجندات وصراعات اقليمية ودولية ليس لنا بها لا ناقة ولا جمل !!!!
وكم تمنيت عندما استولت احزاب المعارضة على مقاليد الحكم وبالتأكيد اغلبها احزاب دينية ان ترسم نهجاً جديداً للديمقراطية يحفظ قداسة الانسان اولاً ، وينتهج الدروس الثلاثة في ديمقراطية الاسلام وهي العبادة ، التربية ، واشراك الجميع في صنع المستقبل ؟
للأسف الكبير “تجاوزنا قداسة الانسان فخسرنا بناء الاوطان “
وتجاوزنا التربية فخسرنا جيلاً بأكمله يعلمونه ان العراق فيه ارض خصبة لزراعة الاسماك !!!!
اما مشاركة المجتمع في صنع القرار فحدث ولا حرج قد تمت مصادرتها من قبل الجهات الحزبية في الانتخابات لنفاذ صلاحيتها !!!
وخير دليل على ذلك ماجرى في الانتخابات الاخيرة من مصادرة واضحة على عينك ياتاجر لأرادة الناخب العراقي !!
كيف نفكر ان ينهض العراق.
وكيف نسموا بقدسية الانسان .
وكيف نجد سبيل أمثل لديمقراطية جامعة قادرة على بناء مجتمع لاتهديم المجتمعات والاوطان؟
كل ذلك ممكن وبسيط عندما نكون اصحاب قرار و نقدس الانسان ونبتعد من منهج انتهاك الكرامات ، عندما نتجاوز الماضي الأليم ونصفح ونعفوا بأخلاق الفرسان لنقدم مصلحة الوطن فوق مصالح الحقد الدفين ولغة الثأر التي لم تخلف سوى الدمار .
عندما ننشر العدالة المجتمعية لتكون هي القاعدة السائدة في التعامل مابين كل اطياف المجتمع دون تميز .
عندما نتسامى على الجروح ونتحول الى قادة ورجال دولة من خلال وضع الرجل المناسب بالمكان المناسب ولاننظر الى انتمائة الطائفي او السياسي .
عندما لانخلف ارثاً مبنياً على الانتقام خاصة ونحن على ابواب الاحتفال بعيد الجيش العراقي الأغر ، جيش البطولات والتضحيات من اجل الدفاع عن القضايا المصيرية للامة ورسم اجمل صور التضحية والايثار من اجل حفظ امن واستقرار العراق.
لنكرم تلك المؤسسة باطلاق سراح القادة العسكريين السابقين وعلى رأسهم وزير الدفاع سلطان هاشم الذي كان يدافع عن العراق وليس عن النظام فديدن الجيوش تدافع عن اوطانها وليس عن انظمتها السياسية كون الانظمة السياسية زائلة والاوطان باقية .
بتلك الثوابت نستطيع ان نصنع قدسية الانسان لكي نتمكن من بناء الاوطان ومادون ذلك فليشمت الشامتون.
وليتذكروا بالقصص التي سوف تتحدث بعد اجيال كان هناك بلد اسمه العراق حامي عرين الاسود اصبح مرتعاً لكل من هب ودب بسبب سوء الادارة وظلامية فكر الثأر والانتقام.
اردنا ان نبتعد عن حضارة الغرب كونها زائلة كما كانت منابر علمائنا تصدح ، حاولنا لانتعلم من انسانيتهم لانهم لايـــــحملون الاخلاق وفق اعرافنا وفهمنا المتواضع للاخلاق من خلال الدروس الدينــــــية على ايدي معممين رجال الدين ، فانتصــــــر الغرب بكل شيء وخسرنا كل شيء !!
امامنا فرصة اخيرة ان نعول على الانسان ونعيد بناءه ونحفظ حقوقة ونجعل قدسيته كقدســـــــية الوطن ، سننجح في اعادة بناء اوطاننا وفـــــــق الثوابت الصحيحة والمــــــــشرفة لتعــــــــود كما كانت عبرة تاريخهــــــا ذات دور ريادي ومحوري على الساحة الدولية والاقليمية
(النصيحة واجب مقدس).