قبل ثلاث ظلمات
أشرعة الحزن الأليفة
فوزي الطائي
جاء عنوان المجموعة الشعرية الجديدة للشاعرة حسينة بنيان قبل ثلاث ظلمات متأثراً بألفاظ الآية القرآنية يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ الزمر»6 ولو كان العنوان قبل ظلمات ثلاث لكان أفضل انسجاماً لفظياً وبلاغياً ، والظلمات الثلاث في معنى الآية الكريمة يقصد به البطن والرحم والمشيمة ، وعبر عنها بالظلمات كونها مظلمة بعيدة عن الضوء ، ولفظة العنونة جاءت بها الشاعرة في ثنايا القصائد لأكثر من مرة حملته عيوني منذ قرون » قبل ثلاث ظلمات .. و مرسومة مشانقهم منذ الوحام » ومنذ ثلاث ظلمات .. وقصدت بها ظرفاً زمانياً لرسم صورة فنية قائمة على المبالغة ، وإذا كان الإنسان بطبيعته ينأى عن الحزن ويبتعد عنه لأنه يكبل الحياة بقيود الأسى والقنوط ، إلا أن الشاعرة حسينة بنيان استدعت ذلك الحزن وركبت موجته من دمي الصامت .. من دمعي المحنى بالتراب .. ودمي يجمع بين الفجر والليل الغريق .. في صباحات الشغيلة وتراتيل العبادة .. وهيام الجرح إذ نادى عليك .. ليصبح الحزن وسيلة مفضية إلى آفاق أكثر هدوءًا ، إذاً حالة التضاد مع الحزن انتهت لا شعورياً وابيضت عيناه من الحزن فهو كضيم وظاهرة الحزن عند شواعرنا مألوفة وغير جديدة وهي متأتية من الظروف الاجتماعية التي تعيش فيها المرأة عندنا والتي تفرض عليها قيوداً كثيرة فتتحول تلك القيود إلى أنّات مكبوتة تجد لها سبيلاً في التعبير في مجال الكتابة وغيره ، فضلاً عن حالة مضافة لدى شاعرتنا حسينة بنيان طبعت شعرها بهذه الصفة هي فقدها أحد أولادها في موجة الإجرام التي تسود البلاد . وحالة أخرى نجدها لدى شاعراتنا العراقيات هي ابتعادهن عن الأنا في التراكيب الشعرية ومعانيها ربما لكون الأنا هذه فيها قدراً من الاقتحامية والجرأة للقارئ والسامع مما يناسب الرجل أكثر من المرأة وهو ما وجدته في ديوان الشاعرة حسينة هذا واضحاً وملفتاً للانتباه ، ويندرج ضمن ضعف صوت المرأة قياساً للرجل عندنا ، وكثيراً ما تتم الاستعارة الذكورية أحمل خلاصات » التوجع والردى » من ذلك الإرث المبرقع بالجراح » أرسم على سحب الليالي الباردات ، وأعبر خيالك مرة ونستطيع أن نقول أن أكثر قصائد المجموعة غابت عنها الصورة الشعرية الجديدة من شاعرة لديها القدرة والتجربة على صنع ذلك ، فجاء قسم من تلك القصائد على شكل تقارير جافة الدرس الأول لم يفهم بعد » يعدو خلف المحنة » أو أصحاب المهنة كما أن صلتها بالتأثر القرآني والأساطير والإشارات التراثية ضعيفة ، فيما نسجت من كلماتها المنتقاة قصائد جميلة معنىً ومبنىً الروح والريحان في ألق السماء » وتطوّق الأعناق » يا ولدي المخضّب بالدماء » في يومك الأزلي ينتصر الربيع ، ولغة الشاعرة جيدة من دون اعتناء كثير بالأساليب البلاغية ، أما الإيقاع فلم يأخذ ما يستحقه من رعاية فصارت القصيدة تُعزف على وتيرة واحدة رتيبة ثقيلة رغم تمكن الشاعرة من العروض نطق الآمر بالحق » والحق ينام كسيراً » وقاسم دمه ينزف » صُعق الحرف ، وثمة إشارة أسوقها هنا في هذه الانطباعات فقد جاءت قصائد الشاعرة العمودية أجمل وأوقع في النفس من قصائدها الحرة
سأعدو إليك كعدو السواقي
إلى ملتقاها بعذب العيون
وأكتب عنك بوحي هدايَ
إذا مأعتراني ضجيج الأنين
وقعت في الديوان بعض الهنات اللغوية والطباعية
لا شيئاً نسمعه ص 12 لا شيءَ
مثل الزخات السوداء ص 15 السود
خارطة تعدو ص 55 خريطة
أصابعهم الصفراء ص 88 الصفر
في بئر نازف ص 18 و ص92 بئر نازفة ، البئر مؤنث ، قال تعالى
وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ الحج»45
فوق خارطة النور ص 106 فوق خريطة لنور
عند متاهاتها السمراء ص 127 السمر
برغم الوهم ص 150 رغم الوهم
نأمل من الشاعرة البابلية المبدعة حسينة بنيان قصائد جديدة تحلق بأجنحة الأمل والرجاء .
AZP09



















