غوتيريش: على العالم ألا يخشى الردّ الإسرائيلي على الاعتراف بدولة فلسطينية

الامم المتحدة (الولايات المتحدة) (أ ف ب) – رأى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس الجمعة أن على العالم “ألا يخشى” ردود الفعل الإسرائيلية على الاعتراف بدولة فلسطينية، معتبرا أن الدولة العبرية تواصل سياسة تقضي بتدمير قطاع غزة وضمّ الضفة الغربية.

وقال متحدثا في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك “ينبغي ألا نخشى ردّ الفعل الانتقامي، لأنه سواء قمنا بما نقوم به أم لا، هذه الاجراءات ستستمر، وعلى الأقل هناك فرصة لحشد المجتمع الدولي من أجل ممارسة الضغط لمنع حدوث ذلك”.

وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية ماضية في “إجراءاتها… بهدف تدمير غزة بالكامل الآن، وتحقيق ضمّ تدريجي للضفة الغربية”.

وأجريت المقابلة قبل انعقاد الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة والتي ستهيمن عليها هذه السنة مسألة الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة ومستقبل الفلسطينيين، ومع انعقاد مؤتمر الإثنين على هامشها برئاسة فرنسا والسعودية يتوقّع أن تعلن خلاله دول عدّة على رأسها فرنسا الاعتراف بدولة فلسطين.

وندّدت إسرائيل بشدّة بهذه الخطوة، ولوّح مسؤولون إسرائيليون بضمّ أجزاء واسعة من الضفة الغربية التي تحتلها الدولة العبرية منذ العام 1967.

لكن غوتيريش رأى أنه أيا كانت “الذريعة” التي تستخدمها إسرائيل لتبرير سياستها في الأراضي الفلسطينية أو ضد عواصم تعلن دعمها لدولة فلسطينية، هناك “عمل متواصل، مرحلة بعد مرحلة، تنفّذه الحكومة الإسرائيلية حتى لا تسمح للفلسطينيين بأن تكون لهم دولة”.

ورأى أنه “من المهم أن يشعر (الإسرائيليون) بأنهم يزدادون عزلة لكي يحصل تغيير”.

وأكّد أن الحلّ الوحيد الممكن للنزاع هو حلّ الدولتين، مع قيام دولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل بسلام.

وتساءل “ما هو البديل؟ حلّ بدولة واحدة يتعرّض فيها الفلسطينيون للطرد أو يخضعون للاحتلال والرضوخ والتمييز، بلا حقوق على أرضهم؟ هذا غير مقبول إطلاقا في القرن الواحد والعشرين”.

واعتبر أن الاعتراف الذي ينوي عدد من الدول القيام به الإثنين “رمز في غاية الأهمية”.

وقاد غوتيريش دعوات من أجل أن توقف إسرائيل الحرب في قطاع غزة المتواصلة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تاريخ شنّ حماس هجوما غير مسبوق على جنوب الدولة العبرية أوقع 1219 قتيلا، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند الى أرقام رسمية.

وقال غوتيريش واصفا الوضع في القطاع المحاصر والمدمّر وحيث تنفّذ إسرائيل هجوما للسيطرة الكاملة على مدينة غزة، “إنه أسوأ مستوى من الموت والدمار رأيته منذ أن تولّيت منصب الأمين العام، وربما في حياتي. لا يمكن وصف معاناة الشعب الفلسطيني. مجاعة وافتقار تام للرعاية الصحية الفعالة. الناس يعيشون دون مأوى مناسب في مناطق ذات اكتظاظ هائل حيث يمكن للأمراض أن تنتشر”.

وقال “أعتقد بحزم أن هذا لا يحتمل أخلاقيا وسياسيا وقانونيا”.

– هدف 1,5 درجة مئوية “على وشك الانهيار” –

وقتل في قطاع غزة منذ بدء الحرب 65174 شخصا، وفق أرقام وزارة الصحة التابعة لحركة حماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.

واتهمت لجنة تحقيق دولية مستقلة مكلّفة من الأمم المتحدة إسرائيل هذا الأسبوع بارتكاب “إبادة جماعية” بحق الفلسطينيين، إلا أن غوتيريش أحجم عن استخدام هذا التوصيف بدون صدور قرار قضائي بهذا الصدد.

وقال “المشكلة هي أنه ليس من ضمن مهامي التحديد القانوني لما إذا كانت هناك إبادة”، موضحا “هذا ليس من صلاحياتي. لكن لنكن واضحين، المشكلة ليست في الكلمة، المشكلة هي في الواقع على الأرض”.

وسيتصدّر مستقبل الفلسطينيين المناقشات في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن الأمم المتحدة ستسلّط الضوء أيضا على مخاطر التغيّر المناخي خلال قمة تعقد الأربعاء قبل بضعة أسابيع من مؤتمر كوب30 المقرّر في البرازيل في تشرين الثاني/نوفمبر.

وفي وقت لم تحدّد عشرات الدول والتكتلات، لا سيما الصين والاتحاد الأوروبي، وهما القوتان المحوريتان في مستقبل الدبلوماسية المناخية، إلى الآن خططها الجديدة لتحقيق أهداف المناخ لعام 2035، حذّر غوتيريش بأن هدف خفض الاحترار العالمي إلى 1,5 درجة مئوية مقارنة بمعدلات الحرارة قبل الثورة الصناعية “على شفير الانهيار”.

وقال “إننا بحاجة ماسة إلى أن تصل الدول… مع خطط للتحرّك المناخي في توافق تام مع هدف 1,5 درجة مئوية، تشمل اقتصاداتها بأكملها ومجمل انبعاثاتها من الغازات ذات مفعول الدفيئة”.

وأضاف “أنا قلق من أنه في ختام هذه الجهود، سننتهي بسلسلة من المساهمات المحددة وطنيا لا تكون بمستوى هذا الهدف”.

وتابع الأمين العام للأمم المتحدة “أعتقد أن هذا الهدف على وشك الانهيار، وهذا سبب إضافي في هذه اللحظة بالذات لممارسة كل الضغوط الممكنة للحصول على مساهمات محدّدة وطنيا مقبولة”.

ولفت غوتيريش إلى أن “هذا الأمر لا يدعو للذعر”. ولكن إذا لم تُلبًٍّ هذه المساهمات الاحتياجات، فيجب “ممارسة أكبر قدر ممكن من الضغط لتصحيحها في أسرع وقت ممكن”.

وفي وقت تحيي الأمم المتحدة الذكرى الثمانين لتأسيسها وسط عاصفة دبلوماسية ومالية، أعرب غوتيريش عن ثقته بأن المنظمة الدولية ستكون لها “أهمية متزايدة”.

وقال “إننا في فترة من الفوضى… العالم يصبح متعدّد الأقطاب بشكل متزايد، والحقيقة أن المؤسسات المتعدّدة الأطراف ستكون ضرورية أكثر من أي وقت مضى”.

وأضاف “لكن بالطبع، يتعيّن إصلاحها”.

 

مشاركة