غليان الأرض .. العراق والتغيرات المناخية 2 – جاسم عبد العزيز حمادي

غليان الأرض .. العراق والتغيرات المناخية 2 – جاسم عبد العزيز حمادي

قامت وزارة البيئة بقيادة عمل وطني لزيادة مرونة المجتمع العراقي إتجاه تأثيرات التغيرات المناخية بمشاركة كافة الشركاء الوطنيين كانت نتائجه تصديق البرلمان العراقي على الانضمام لإتفاق باريس ، وأعلنت الحكومة العراقية إنضمامها رسميا لإتفاق باريس وفق القانون رقم 31 لسنة 2020.

إن هذا الإنضمام يعتبر خطوة مهمة في الإتجاه الذي يدعم الإقتصاد العراقي ويضع الأجيال القادمة على بداية الطريق الذي يسمح بتنويع الإقتصاد والإعتماد على الطاقات المتجددة والآليات النظيفة التي تضمن إستمرارية الحياة على سطح الأرض.

يعتمد إقتصاد العراق بشكل رئيسي على قطاع النفط (الاقتصاد الأيمن) وتمثل رؤية العراق في تعزيز (الاقتصاد الأيسر) الذي يشمل الطاقات المتجددة المستدامة.

إن انضمام العراق إلى اتفاق باريس يفتح الأبواب أمام المزيد من الفرص لتنويع الاقتصاد في العراق وكإستجابة سريعة، بدأ العراق في كتابة وثيقة المساهمات المحددة وطنيا NDC حيث تعتبر هذه الوثيقة السياسة العليا للعمل في مجال تغير المناخ ، والتي تؤسس لتنويع الإقتصاد وترسم الطريق نحو المزيد من إستخدامات الطاقات المتجددة والآليات النظيفة، خاصة للفترة بين 2020 – 2030 وبحسب وثيقة المساهمات الوطنية NDC سيتم تقسيم جهود العراق إلى مرحلتين ، حيث ستركز المساهمة الأولى بين عامي 2020 و 2025 على دمج العمل المناخي في الخطط الوطنية والسياسات؛ والتشريعات وضمان الحد من غازات الاحتباس الحراري والتأسيس لمشاريع التكيف في المناطق الهشة والمعرضة بشدة لتغير المناخ

في مساهمة العراق الثانية بين عامي 2025 و 2030 ، سيكون التركيز على زيادة الطموح ونقل التكنولوجيا الحديثة لضمان الحد والتقليل من إنبعاثات غازات الإحتباس الحراري. خصوصا في قطاعات الزراعة والموارد المائية .

مساهمات وطنية

تعتبر أولويات العراق يموجب وثيقة المساهمات الوطنية العراقية هي التخفيف من انبعاثات غازات الإحتباس الحراري من صناعة النفط والغاز وخاصة إنبعاثات غاز الميثان وتعزيز الحلول القائمة على الطبيعة وخدمات النظام البيئي وصون التنوع الإحيائي من تأثيرات تغير المناخ والإدارة السليمة للموارد المائية وإستخدام التقنيات الحديثة في الري وتشجيع الطاقات المتجددة والمستدامة وتعميم تلك

الطاقات في العراق وإشراك القطاع الخاص في التحول نحو الاقتصاد الاخضر المستدام…

ان هناك علاقة وثيقة بين الملف الأمني وتأثيرات تغير المناخ حيث أن تأثر الأمن المائي والغذائي والإقتصادي بتأثيرات التغيرات المناخية وتداعياتها من بطالة وهجرة داخلية وإزدياد معدلات الفقر قد تسبب نزاعات داخلية وخارجية وإقليمية ومشاكل إجتماعية عديدة كما حصل في أزمة البصرة عام 2018 وعند جفاف الأهوار.

ولذا بادر العراق الى تغيير سياسته في إعادة تنظيم الأولويات نحو التمكين المناخي ويعد أولوية وطنية لإستدامة الصحة والبيئة والإقتصاد مع العمل المتواصل في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030 (SDGs) وإعداد الخطط الوطنية التي تدعم إقتصاد العراق في توفير الأمن المائي والغذائي ورفع مرونة المجتمعات وصمودها والتخطيط للعمل على الحلول المستندة على الطبيعة وتعزيز العلاقة بين المجتمع والطبيعة والعمل على تحقيق توازن بين المدن والزراعة والطبيعية، من خلال إنشاء المحميات الطبيعية وخدمات النظم الإيكولوجية وإعتماد الطاقات المتجددة والنظيفة في أساليب الري الحديثة والزراعة المقاومة والمرنة لتغير المناخ والإدارة السليمة للنفايات وتحقيق الإدارة البيئية المتكاملة للنفايات الطبية والمنزلية .

ان القرار الفني المتمثل في التزام العراق طوعيا في خفض انبعاثاته بين 1 بالمئة – 2 بالمئة  من مجمل انبعاثاته للجرودات الوطنية الدفيئة بالجهد الوطني. وسيحقق العراق خفض بمقدار 15 بالمئة اعتمادا على توفير الدعم الدولي والمالي والفني .

لقد ساهم العراق في زيادة طموح العمل المناخي من خلال انظمامه الى العديد من المعاهدات والاتفاقيات اهمها تعدد الميثان العالمي والشراكة العالمية للمساهمات المحددة وطنيا NDC واخرها الانضمام الى تحالف وزراء المالية للتغيرات المناخية .

ان وثيقة المساهمات الوطنية العراقية للتغيرات المناخية NDC المذكورة أعلاه تعتبر رسالة مهمة بيئية وسياسية واقتصادية بأن هناك جدية ورغبة حقيقية من العراق للانتفال التدريجي لاستخدام الطاقات المتجددة ويشجع الاستثمار المحلي والدولي في هذا القطاع المهم اضافة الى إكمال مسودة قانون الطاقات المتجددة من قبل لجنة فنية وقانونية متخصصة وإحالة مسودة القانون الى مجلس شورى الدولة لبدء الخطوات القانونية المطلوبة لتشريعه كذلك زيادة الوعي من قبل فئات محددة في المجتمع العراقي بأهمية التحول إلى الطاقات المتجددة المستدامة في المنازل والمكاتب والأسواق التجارية.

التحديات المتوقعة

هناك تحديات لأستخدام الطاقات المتجددة في العراق ابرزها أداء الاقتصاد العراقي والمرتبط بصناعة النفط والغاز وهي المصدر الوحيد للطاقة في العراق مع وجود نقلة حقيقية لتنويع مصادر الطاقة مع القطاع الخاص وهيئة الاستثمار لدعم مشاريع الطاقات المتجددة المستدامة واعمام مفاهيم كفاءة الطاقة واحداث وحدات البناء وفي تشيد الأبنية والمساكن وتطبيق معايير البناء الاخضر الذي يعتمد مدونات البناء الاخضر المستدام مع تأثر العراق بارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة بسبب تأثيرات التغيرات المناخية.

ان رؤية وزارة البيئة نحو عراق أخضر مستدام هي إجراء نقلة نوعية في المفاهيم المعتمدة على الوقود الأحفوري إلى مفاهيم تتبنى التنوع الاقتصادي الساند للاقتصاد الحالي والمتمثلة بدعم الطاقات المتجددة والآليات النظيفة والدخول في أسواق الكاربون والتكنولوجيات الصديقة للبيئة من خلال سبل علمية رصينة تضمن رفاه المواطن العراقي من جهة وتأطر اهداف التنمية المستدامة وفق أسس تنفيذية من جهة اخرى ورفع صمود ومرونة وتكيف المناطق والمجتمعات الهشة والمعرضة إلى التغيرات المناخية والتقلبات الاقتصادية الحادة مع مكافحة تدهور الأراضي والتصحر وفقدان الغطاء النباتي والتنوع الحيوي واستعادة النظم البيئية.

كما وأن أولويات قطاع الطاقة ضمن العمل المناخي في العراق هي إنشاء محطات الطاقة الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية وتحويل الإنارة للعديد من الشوارع الرئيسية في العراق للعمل بالطاقة الشمسية واعتماد الطاقة المتجددة والآليات النظيفة من خلال نقل التكنولوجيا مع تحويل بعض محطات توليد الطاقة الكهربائية الى محطات الدورة المركبة للتقليل من استخدام الوقود وزيادة الإنتاج وكفاءة استخدام الطاقة وترشيد الاستهلاك واستغلال استثمار غاز الميثان في توليد الطاقة.

طاقة متجددة

ان وزارة البيئة تعمل على استهداف القطاعات لإنفاذ الطاقات المتجددة في فعالياته امن خلال دعم القطاع الخاص وتشجيع الاستثمار في توطين الطاقات المتجددة المستدامة في العراق وتوفير كافة التسهيلات الادارية والتشريعية لذلك استخدام الطاقات المتجددة للنهوض بالواقع الزراعي والمائي مثل تطوير التقنيات الزراعية والمائية، والتي تساهم في ترشيد كبير في استهلاك الطاقة وكذلك في المساحة المستخدمة للزراعة تحقيق توازن بين الأمن الغذائي والمائي واستخدام الطاقات المتجددة للنهوض بالابنية المستدامة بيئيا في مجال توليد الطاقة الكهربائية وتبريد الابنية من أجل تحسين سبل العيش مع اجراء دراسات شاملة لتقييم تأثير تغير المناخ على قطاع الطاقة واقتراح إجراءات التكيف المناسبة وتقدير التكلفة الاقتصادية اللازمة لإجراءات التكيف المقترحة بما يضمن تقليل الخسائر الفنية في قطاعي النقل والتوزيع للطاقة الكهربائية وتحديد المواقع الأمنة لإنشاء مشاريع توليد الطاقة وبناء القدرات المؤسسية والفنية لقطاع الطاقة في قضايا تغير المناخ ودعم البحث والتطوير التكنولوجي لتمكين قطاع الكهرباء من التعامل الصحيح مع الآثار السلبية لتغير المناخ حيث حصل تقدم كبير في ظل توجه جاد لحكومة دولة رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني للاستفادة من الغاز المصاحب وتجهيز محطات انتاج الطاقة الكهربائية ومنع حرقه وبالتالي خفض الانبعاثات وتوفير موارد اقتصادية مهمة وتوقيع عدة مشاريع لاستغلال الغاز المصاحب مع عدة شركات عالمية .

ولذا فأن تحسين كفاءة إنتاج الطاقة الكهربائية والنقل وتحفيز السكان على ترشيد الاستهلاك والحد من هدر الطاقة وإتباع التكنولوجيات الحديثة لإنتاج الطاقة النظيفة والمتجددة في التجمعات والقطاعات الحكومية والصناعية والزراعية والمنزلية وزيادة وعي أصحاب المصلحة بشأن استخدام الطاقة والمياه وتوفير مصادر مياه غير تقليدية الاحتياجات المستقبلية لقطاع الطاقة ودعم استخدام طرق Natural based solution لتشجير الأراضي المحيطة بمحطات توليد وإنتاج الطاقة الكهربائية مع العمل على تغيير الخطوط الإنتاجية والسياسة الإنتاجية لزيادة مرونة القطاع الصناعي إتجاه الآثار السلبية لتغير المناخ وإيجاد وسائل بديلة لمواجهة شحه المياه والتقليل من الخسائر والأضرار في هذا القطاع.

 الوكيل الفني لوزارة البيئة

مشاركة