غربة – وجيه عباس
أخاف عليك من وجعي وناري
ومن ليلي أخاف ومن نهاري
ومن وطنٍ أباح دمي وصوتي
واخلى ظلَّ جسمي عن دياري
وماكنتُ الغريبَ به ولكن
أحاوله، فما يجدي فراري
تخبُّ بي الركائب وهي ريحٌ
لعلّ يديَّ تمسك في جواري
ولكني أضعت بها بلاداً
وأهلاً دونهم جاري وداري
وجدتُ عليك بالبقيا ولكن
صبرت بها، فما يجدي اصطباري
{{{
اخافك في الكبار وهم عطايا
َمخافة ان تلفّتَ في الصغارِ
وان يخلو المكان فليس ظلٌّ
يصاحبك الخطى، وبها مداري
وغصنك إذ يميد به افتقاراً
وعودك إذ يعاندُ في اخضرارِ
وتودع بين جنبيها مزاراً
وأن خطاك تنآى عن مزاري
فأين؟ وطالما اختصرت دروبا
توزعها يمينك في اليسارِ
بلى أبقيتَ دونك ألف حرفٍ
تحدث شاربِيك عن الخمارِ
وليلٌ ضمَّ جنحك ألف ليتٍ
وليت تعلَّةً، وصداك ثاري
دمٌ أبقيتَ خلفك وهو صوتٌ
ولكنَّ الدمَ الزاكي يداري
{{{
ويانفسي عذيرك إنَّ مابي
بعينك إنَّني فيها أماري
وما كِبراً مضيتُ، وحسب نفسي
بأني فيك ممتنعُ الجوارِ
وإنّكَ خير من سترت دثارا
ومادثّرت فيك سوى الستارِ
أتطمع أن يُقال بها؛ حريٌّ!؟
وأنت رحى تدور بلا قرار
ونفسٌ حرّةٌ وأَبيُّ ضيمٍ
إذا سيم الشريفُ بلا فخارِ
وإنك قطب مادارت عليها
وحتى أنكرتك وأنت دارِ
ولست بها الضنين على غناها
تؤذنها وتمعن في الخسارِ
ولست بغانمٍ فيها خراجاً
تحلّله الجباةُ بلا ذمارِ
بلى ملكت يداك بها وأغنت
سواك، فما خلوت من العواري
وفي جنبيك ألفُ صدى كليمٍ
تعتّقُه القوافي في الجرار
سُقيتَ بكأس أوّلها ارتشافا
وعُدتَ بآخر السقيا تماري
فياابن الساترات بها جيوبا
وياابن الطاهرات بلا ظهار
أعيذك أن تمد هناك طرفاً
وانت بها الغني بلا افتقارِ
وانك ملء اعينها احورارا
وان عميت هناك بلا احورارِ
{{{
ويا طلق المحيّا لست ترضى
بنازلة، وتأبى أن تُداري
إذ اللاصوتُ صوتُك حين يعلو
ودونك فيه يمعنُ في الفرار
وياقطبا وحولك الفُ وجهٍ
أحاط بمعصميك كما السوارِ
ومادارت، ولكن درت فيها
شموسا ليس تعبأ بالدوار
ليشرق بعضُ ظلك وهو يسقي
وجود سواك بالمقل الحواري
{{{
ويا ماء الوضوء على جباهٍ
يحاولك التطهّر في إزارِ
أقولك كلما أذنت صلاةٌ
طرقت بها بوجهٍ مستعارِ
يلوح بها المشيبُ وأنت تخفي
وقارَك خلف كونٍ من وَقارِ
إذا أنكرت راوية الليالي
بوجهك أنكرتك يدُ العثارِ
وكيف يفر بين يديك يومٌ
سيرجعك الحصيدُ من الثمار
كقابض كفِّه ماءاً ذبيحاً
يسيل من الاصابع في أسارِ
ويا زمناً شريدا في رمالٍ
تردّى بين ظلك والقفارِ
وليس براجعٍ عمرٌ تقضّى
صلبت به مسيحك في جدارِ