
عودة الشوق لبين القصرين وقصر الشوق – وليد عبدالحسين
اقتنيتُ منذ فترة ليست بالقليلة، ثلاثية نجيب محفوظ (بين القصرين وقصر الشوق والسكريّة)، على أن أقرأها حينما يكون المزاج النفسي ملائما لذلك، لأنني من الذين يرون بعدم جدوى المطالعة دون حضور عقلي ونفسي ودون رغبة وإرادة.
وقبل أكثر من شهر تقريبا وأنا أتصفح منشورات اليوتيوب، وجدتُ أن مسلسل بين القصرين وقصر الشوق قد تمّ نشرهما بشكل كامل فيه، فقلتُ لأشاهدهما عوضا عن مطالعة روايتهما في الوقت الحاضر، وبالفعل أكملت مشاهدة جميع حلقاتهما، واستمتعت أيّما استمتاع برصانة العمل الفني فيهما وحسن أداء أبطالهما لأدوارهم، لا سيما الفنان الكبير الراحل محمود مرسي وهو يؤدي دور أحمد عبد الجواد أب عائلة ياسين وفهمي وكمال وخديجة وعائشة وزوج أمينة، وذكّرني بصرامته وقوة شخصيته بآبائنا الذين رحلوا عنا وذهب معهم هكذا نظام أبوي مفيد وإن نالنا من صرامته الشيء الكثير من الحرمان والظلم، إلا أنني ومن واقع ما ألاحظه في المحاكم بحكم عملي في المحاماة، فإن السلطة الأبوية القوية كانت سببا في انخفاض انحراف الأولاد وجنوحهم نحو الجريمة والانحراف.
أبدع روائينا الراحل نجيب محفوظ في حوارات رواياته البديعة، وأرسل رسائل عظيمة فيها عن أهم مشكلات المجتمع، ومرّر أفكارا عظيمة فيها بذكاء، بل وانتقد الواقع بلغة ساحرة، فكان باحثا اجتماعيا من الطراز الأول، وصحفيا ملما بأدواته، ومصورا متقنا لعمله.
أتمنى من القارئ العودة لهذين المسلسلين الجميلين بين القصرين وقصر الشوق، لأن السكرية لم تنشر كمسلسل حتى كتابة هذه السطور للأسف، وأتمنى نشره قريبا كي نشاهده أيضا. كما أن مطالعة هذه الثلاثية ينبغي أن لا تفوت كل قارئ، فهي من نفائس الأدب العربي المعاصر الضرورية لتقوية فكر وذائقة وثقافة كل قارئ.



















