عن.. جرائم التعذ ـ سعد عباس
تعذيب السجناء والمعتقلين جريمة موصوفة في الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، لكنها مع ذلك سلوك روتينيّ في بلادنا العربية. أقول روتينيّ لئلا يُفهم أن جرائم التعذيب لا تحصل الا في سجون العرب ومعتقلاتهم ومؤسساتهم الأمنية، سوى أنها في بلاد أخرى محاصرة باعلام حرّ يكشفها ويعرّي مرتكبيها وقضاء نزيه يتصدّى لمرتكبيها بكامل لياقة صرامته وينتصف لضحاياهم حتى لو كانوا من عتاة المجرمين.
وعندي، فان مرتكبي جرائم التعذيب أسوأ من عتاة المجرمين، ذلك أن مؤسسة الأمن منوط بها تنفيذ القانون، وممارسة أفرادها جرائم التعذيب يعني انحرافهم عن اداء واجبهم وخروجهم عن القانون، الأمر الذي يهزّ ثقة المجتمع بمؤسسة الأمن ويسهم في تحويل الضحايا وذويهم الى قنابل موقوتة جرّاء ما تزرعه جريمة التعذيب في نفس الضحية من مشاعر كراهية وانتقام، وصولاً الى تفشّي الجرائم وليس مكافحتها.
لذا لا أجد أي مبالغة فيما تتحدث عنه دراسات متخصصة بشأن الأثار الكارثية الناجمة عن جرائم التعذيب، ومنها أن كل جريمة تعذيب،، لا يتم التصدّي لمرتكبيها بحزم والانتصاف لضحاياها بعدالة،، تعادل في تأثيرها وقد تفوق تأثير عشرات الجرائم العادية على أمن المجتمع وسلمه الأهلي.
لا يمكن تسويغ أي جريمة تعذيب أوقعت على مجرم مدان لأن القانون لا يبيح تعذيبه مطلقاً، بل يفرض عليه العقوبات المنصوص عليها تبعاً للجريمة التي أدين بارتكابها ، أم وقعت على متهم لم يجرّمه القضاء بعد لأنّ القاعدة الفقهية تقول المتهم بريء حتى تثبت ادانته ، ولا قانون يبيح تعذيب متهم أو انتهاك حقوقه أو آدميته أو معاملته بشكل غير لائق.
الأخطر، حين تنفضح جريمة التعذيب وتقوم مؤسسة الأمن بانكارها أو تسويغها، لأن الانكار يشجّع على ارتكاب المزيد بدم بارد، أما التسويغ فانه يمثّل شرعنة لهذه الجريمة، الأمر الذي يحوّل مؤسسة الأمن كلها في نظر المجتمع الى محض عصابات جريمة، برغم استحالة أن يكون جميع أفراد هذه المؤسسة ممن يمارسون هذه الجريمة أو يقبلون بها.
وماذا عن حكوماتنا؟. كيف تقع جرائم التعذيب في بلادنا انّ لم تكن هي عرّاب مرتكبيها؟. وفي أحسن الأحوال فان مسؤولة سياسياً عنها ان أفلتت من المسؤولية الجنائية.
سؤال بريء
ــ ما أبلغ من لا يدهشني أن يكون الشخص شريراً، بقدر ما يدهشني أنه لا يستحي من شرّه ؟.
جواب جريء
ــ ليس أسوأ من ضمير مذنب .
AZP02
SAAB