عمل الشيطان
الحب دعاء الإنسانية
عنوان مقالي هذا جاء من منشور إحدى الزميلات في الفيس بوك.. التي طرحت فيهِ تساؤلات عن أسباب ضياع الحب والإخلاص في العشق لهذا الزمان.. وفي نهاية التساؤلات تواجدت هذه العبارة:
(لأنهُ من عمل الشيطان )!!
فهل الحب حقاً من عمل الشيطان؟!.
المشكلة كانت ليس في طريقة الطرح للموضوع من قبل السيدة التي تساءلت!
المشكلة الحقيقية كانت في الأجوبة التي وردت من قبل الأعضاء والزملاء المتفاعلين داخل هذا المنشور !. حيث أكد الكثير منهم على جهلهِ التام والساحق لمعنى ومفهوم الحب!. وهذا يعني أننا نعاني من خلل لا يُحمد عُقباه أبداً وسوف تكون النتائج في المستقبل ذات طابع سيء للغاية!. بل تم إرتكاب جريمة عظيمة جداً بحق الحب وبحق الخالق العظيم الذي منح المخلوقات أجمع هذه الغريزة وهذه النعمة وهي (الحب) ..
إذن لماذا رد أغلب المشاركين بهذا الموضوع وأكدوا على إن الحب من عمل الشيطان؟!!!
بصراحة الجواب كان صادماً جداً جداً جداً بالنسبة ليّ شخصياً ولا أخفي عليكم كنتُ أقرأ التعليقات الواردة وأتألم بشدّة وحرقة وأبكي لما قرأت من كلمات وأوصاف جعلت من الحب العظيم مكانة ليس هو صاحبها ولن يكون فيها حتى لو أشرقت الشمس من المغيب!! لقد وصفوا الحب بوصف يرثى له جعلوهُ اسوأ شيئاً في الحياةِ ووقع تحت طائلة عمل الشيطان الرجيم!.
فكيف حدث هذا؟ ولماذا الحب بالذات يسقط في هكذا نفق مظلم وقبيح؟ومن سمح لكم أن تضعوا الحب في هذه الخانة وهذه المنزلة البائسة والحقيرة؟!
هل هو الجهل؟! أم هو الضلال بالدين؟! أم هي نفوسكم المنزوعة من الحب الحقيقي؟! لا أعلم كيف يمكن أن يكون هناك بشر بمعنى الكلمة يعيش بلا هذا الإحساس وبلا هذه النعمة التي كرمنا الله فيها .
لكن سوف أوضح لكم معنى الحب الذي ظُلِمَ على أيديكم وغاب عن حواسكم وأبصاركم!..
أيها الناس إسمعوا وإعلموا جيداً الحب (ليس من عمل الشيطان قط)!!..
فالحب هو نعمة خلقها الله تعالى وزرعها في أجسادنا وأحاسيسنا وجعلها آية لخلقهِ وكرم الحب وجلهُ ينبض كالروح بالجسد..
الحب هو هبةُ من الله كما هو الرزق الحلال الذي يرزق الخالق بيه من يشاء فالرزق مكتوب من الله والحب كذلك مكتوب من الله..
فكيف يمكن أن يكون هذا الحب من عمل الشيطان؟!
وهل يستطيع الشيطان كتابة القدر؟! يستحيل ذلك
فكيف سمحتم لأنفسكم تخيل هذه المنزلة وهذه الموقعة للحب؟
الحب هو روح تلتقي بروح أخرى فترتبط بها وتتعلق فيها بقدرة الله وكرمهِ وحنانهِ يمنحها العشق والترابط والتضحية من أجل بعض…الحب هو النقاء والوفاء والإخلاص في كل شيء..
الحب الحقيقي هو أن تُحب خليلك أو رفيقك أو من شئت بلا حدود بلا مصالح من الله تعالى تعشق هذه النفس وهذه الروح التي تشعر بها وكأنها داخلكَ تستكين وتعيش وبدونك لاتحيا..
الحب دعاء
الحب هو الدعاء لمن نحب في كل صلاة في كل سجدة في كل تسبيحة وبكل مناجاة للباري عز وجل ندعوهُ أن يكون أحبابنا بخير وسعادة وأمن وسلام… فكيف يكون هذا الفعل العظيم من عمل الشيطان؟
الحب ليس كما تصفوهُ اليوم وليس كما يُخَيَلُ لكم أيها الناس الحب ليس كما شُبِهَ لكم وليس كما وصفتُموه على إنه علاقة جنسية محرمة دينياً وإجتماعياً!. الحب ليس كذلك أنتبهوا جيداً أيها الناس!!
أنتم تظلمون أنفسكم بهذا الوصف وتظلمون الخالق بهذه الإدعاءات التي ما أنزل الله بها من سلطان..
الحب الحقيقي ليس هذه الأفعال التي يفعلها المراهقون ويطبقها الغاوون من الكبار والصغار!!.
الحب ليس جريمة محرمة دينياً أو إجتماعياً وقانوناً لو كان بالشكل الصحيح ولو كان مُحرماً لما قال عنهُ خير الكائنات حبيب الله المصطفى صل الله عليه وآله وسلم (تهادوا تحابوا ).. (لايؤمن أحدكم حتى يحبُ لأخيهِ ما يحبُ لنفسهِ )
صدق رسول الله.
فبعد هذا الوصف هل لازالَ الحب من عمل الشيطان؟ وهل هناك أمر مخفي؟
إذن الخلل واضح أصدقائي الأعزاء
“الخلل فينا نحنُ البشر”!!
نعم نحنُ من غير معالم هذا الإحساس الثمين وهذا الكنز الرباني العظيم..
نحنُ من ظلمنا أنفسنا وظلمنا الخالق بالتجني على معاني الحب السامية ومنزلتهُ المقدسة..
نحنُ من صورنا الحب بهذا الشكل القبيح وهو أشبهُ بعلاقة محرمة بين إثنين وكأننا كائنات عجيبة وغريبة لا تعشق إلا لغاية واحدة وهي “الجنس والشبق والتعري والعري” وكل ماهو منكر ومحرم خلقياً وإجتماعياً قبل ان يكون محرم دينياً .. وفي الختام أتمنى من جميع الناس في مجتمعنا أن تنظر بعناية فائقة إلى الحب وإلى منزلتهِ الحقيقية وان لا تحاول تغيير هويتهُ ورسالتهُ ومعناهُ الحقيقي..
وعلينا أن ننتبه جيداً لما يجري الآن من تشويه لشكل الحب وربطهِ بهذه الممارسات القذرة التي يمارسها اليوم الكثير من الناس وهي ليست من معاني الحب ولا تقرب لهُ بصلةٍ بتاتاً وإطلاقاً !!
بل علينا زرع معاني الحب الحقيقية في نفوسنا أولاً ومن ثم في الأجيال القادمة التي تنتظر دورها بحمل لواء هذا الإحساس العظيم ..
اللهم ارزقنا العطف والحنان والتراحم والحب في ما بيننا وثبت قلوبنا على ذلك . واصرف عنا الحقد والكراهية والضلال في نعمتك وحبكَ وكرمك..
اللهم آمين يارب العالمين
ودمتم سالمين…
خالد عبد الكريم- سامراء