عـــودة الأسرى العراقيين الأمل والموت ـ مازن الجنابي
بعد 25عاما على انتهاء الحرب العراقية الايرانية مازالت هناك الكثير من الملفات مفتوحة ولعل ابرز تلك الملفات واكثرها تأثيراً بالراي العام هو ملف الاسرى العراقيين الذين مازالوا وراء قضبان السجون هناك والذين دفعوا سنين من عمرهم ازاء تلك الحرب على الرغم من صمت الحكومة وبرود المسؤولين العراقيين الذين تجاهلوا المطالبة بهم رغم انكار حكومة بغداد ايضاً وجود اسرى في ايران رغم الدلائل الواضحة والشهود سواء من اشخاص او من ذويهم أو من منظمات انسانية أو عن طريق الصليب الاحمر الدولي.
ربما قد يكون ملف الاسرى في نظر بعض الساسة ملفاً سياسياً الا انه بلا شك ملف انساني يجب ان يحرك لانهم اصحاب عوائل واطفال وامهات ومنهم من وقع في الاسر وهو في عمر الشباب وقد عانى ما عانا من ويلات التعذيب النفسي والجسدي هناك. ومن مصادر برلمانية تجاه صمت الحكومة وانكارها عنهم أن هناك اعداداً ما بين 3 الاف و 6 الاف أسير ولا ندري ما هو السر وراء عدم الكشف عن هؤلاء الاسرى من الجانب العراقي والجانب الايراني.
ربما قد يرى البعض ان هؤلاء هم قرباناً وإرضاءاً لحكومة ايران وتعتبرهم جزءاً من خسائر ايران في الحرب مثلما اعتبرت الطائرات العراقية المتواجدة على اراضيها أو ربما حقد بعض الاحزاب التي كانت متواجدة في ايران على ان هؤلاء الاسرى الباقون هم ازلام النظام السابق وأشخاص لم يقدموا الولاء والبراء في ذلك الوقت معتبرينهم من بقايا الماضي يجب ان تطويهم السجون ويندثروا بمرور الوقت متناسين أن الكثير منهم لم يذهبوا للحرب رغبة وانما طوعاً وكلنا يعلم ذلك متناسين دموع امهاتهم واطفالهم وعوائلهم الذين يحلمون بعودتهم يوماً الى ارض الوطن.متناسين ايضاً الرحمة بين البشر وقد طوتهم السنين ولم يبق منهم سوى اجسادٌ خاوية نخرتها سنين الاسر ونست ايضاً جمهورية ايران الاسلامية أنها تحكم بالقرآن وانها على نهج ال بيت رسول لله الاطهار متناسية كيف كان يعامل الرسول الاعظم الاسرى. والعجب العجب ان حكومة المنطقة الخضراء تصر على انكار هؤلاء برغم الادلة والشواهد والمقصود بالشواهد وجود معلومات عن الاسير سواء من ذوي الشخص عبر الرسائل المتبادلة او من خلال اسرى سابقين. وقد ذكر النائب في البرلمان العراقي احسان العوادي وكان من اوائل الذين دعوا رئاسة البرلمان الى التدخل لحسم هذا الملف الحيوي لوجود الألاف من الاسرى العراقيين في ايران حتى الان موضحاً ان رئاسة مجلس النواب بدأت بالفعل في متابعة ملف الاسرى والزام الجهات التنفيذية بذلك لتامين الافراج عنهم.
وقال ايضاً المتحدث باسم وزارة حقوق الانسان كامل امين ان عدد الاسرى العراقيين في ايران ممن تتوفر الادلة والاثباتات على وجودهم ليس بالحجم الذي يشير اليه بعض النواب والمنظمات مشيراً الى وفات بعض الاسرى بعد دخولهم الاراضي العراقية مباشرةً. فيما غادر البعض الاخر منهم ايران الى بلد ثالث. وهنا نسأل والحيرة في أذهاننا كيف يموت بعضهم بعد دخولهم العراق ولايعلم ذووهم بذلك. أليس الاجدر ان ترسل رفاتهم الى اهاليهم اولاً وثانيا كيف غادر البعض منهم من ايران الى بلد ثالث وكيف منحو جوازات سفر وهم في اقفاص الاسر يا للعجب من هذا الكلام. اما رئيس بعثة الصليب الاحمر الدولي بوريس ما فير قال ان للجنة تتابع عن كثب اوضاع 220 اسيراً عراقياً مازالوا محتجزين في ايران. رغم ان هذا العدد فقط معلوم لدى الصليب الاحمر الدولي.
اما رئيس لجنة حقوق الانسان في مجلس النواب العراقي سليم الجبوري قد تحدث عن عدد كبير من المعتقلين تقول ايران انهم من أصحاب القضايا الجنائية وتحدث ايضاً وعن لسانه عن اتفاقية لتبادل المعتقلين والاسرى كان قد وقعها وزير العدل العراقي مع الجانب الايراني وهذا مؤشر اّ خر بوجود الالاف من الاسرى هناك. أما في لقاء لجنة المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري في الدنمارك مع السفارة الايرانية نوقشت عدة قضايا وكانت من ابرز تلك القضايا التي تم طرحها مسألة الاسرى والمفقودين من ابناء شعبنا الذين لم يعرف مصيرهم حتى الان وتم التوصل مع السفير الايراني الى تقديم أسمائهم الكاملة ومواليدهم والوحدة العسكرية التي كانوا ينتمون لها وسنة ومكان الاسر ليقوموا بمتابعة الامر وقد طلبت للجنة من عوائل الاسرى أن يرفدوهم بالمعلومات المذكورة وان يتم ارسالها على موقع شبكة التواصل الاجتماعي الفيس بوك Facebook:MotowaDanmark وهذا مؤشر أخر على وجود اسرى هناك بإقرار السفير الايراني المتواجد في الدنمارك.
اما انا شخصياً فقد التقيت بعدت اشخاص ممن تتوفر لديه معلومات بوجودهم فقد تحدث لي الســــــــــــيد فائز حماد خلف من اهالي الرمادي قائلاً إنه وبعد خروج الوجبة الاخيرة من الاسرى ذهبت لكي اسأل شخصاً قد تم الافراج عنه وكان في وحدة شقيقي المفقود جمعة حماد خلف وكان يسكن ناحية العلم فقد قال لي بالحرف الواحد ان أخاك جمعة كان معي مدة ما يقارب السنتين منذ أن وقعنا في الأسر ولكن تفاجأت يوماً أن أخاك قد اخبرني انه ينوي الهرب تفاجأت. ونصحته بعدم القدوم على ذلك الامر لأنه بمجرد سماعهم بالخبر فإنهم سوف ينتهي بمصيرهم فقال لي بالحرف إننا ميتون ميتون هنا فقلت له كأني لم اسمع شيئاً منك. وبعد فترة هرب ومعهُ 3 من رفاقه حيث عرفنا وبعد فترة انهم هربوا عن طريق صهريج الماء حيث اختبأوا فيه ثم بعدها هربوا باتجاه الحدود التركية الا اننا سمعنا من احد المسؤولين بالسجن أنهم قد مسكوا ومنذ ذلك الوقت لم اسمع بأي شيء عنه. أما الســــــــــيد عبد الكريم عمران موسى قال لقد التقيت بأحد الاسرى العراقيين العائدين من ايران حيث تم اطلاق صراح 250 اسير في سنة 2011 وكان من مدينة الموصل واخبرني انه يعرف اخي الاسير عبد الوهاب عمران موسى الذي فقد في الفاو سنة 1986 وقال لي بأنهم تم نقلهم الى طهران بعد ان كانوا في منطقة بعيدة لم اتذكر الاسم الذي ذكره لي. وقال عندما جئنا الى طهران معسكر الحشتمية أخرجونا الى زيارة الامام الرضا ع وكان اخوك يقصد اخي برفقتي وبعد ذلك ارجعونا الى المعسكر وذكر لي بأن الاف الاسرى العراقيين في ذلك المعسكر موجودون هناك.
اما السيـــــــــد محمد احمد والذي يسأل ايضاً حيث يقول ان لدي اثنين من اقاربي اسرو هم هاشم حسين من قضاء ابو الخصيب اسر في معركة مهران في تموز عام 1986 والثاني نجم عبد الله مخلف اسر ايضاً في كانون الثاني عام 1987 في شرق البصرة فيسأل ويقول أين ذهبت بهم حكومة ايران هل اعدموا؟ أم ماذا؟ كما يؤكد بعض السياسيين المتواجدين في حكومة المنطقة الخضراء عندما نسئل عن مصير هؤلاء الاسرى فإنهم يجيبون بأنه لا توجد لدى ايران اي اسرى وهذا مثبت لدى الصليب الاحمر الدولي. عجيبٌ هذا الكلام، فهل حكومة ايران غبية الى هذا الحد لكي توثق ممن بقي من الاسرى لدى الصليب الاحمر الدولي؟ بل ان ايران تقول لهؤلاء انها تحتفظ بالأسرى تحت مسمى سجـــناء حيث تقول انهم عبروا الحدود بطريقة غير مشروعة وهذا ما اكده العديد من الاسرى الذين عادوا للوطن بتاريخ 12»2»2002 بوجود العديد من الاسرى هناك في سجون ومعتقلات سرية منها معسكر كهريزك والامام الصحراوي ومعسكر خشبان .
كما وقد دعا الالاف من الاسرى العراقيين السابقين الحكومة العراقية بأن تكشف مصير الآلاف من زملائهم الذين غيبوا في معتقلات الاسر في المدن الايرانية كما ابدى الكثير منهم استغرابه لحكومة بغداد ان تقيم مؤتمراً للأسرى الفلسطينيين والعرب في اسرائيل متناسين اسرى ابناء بلدهم. أليس ابناء البلد هم من يجب ان نطالب بهم اولا؟ لان التاريخ سوف لن يرحم وسيذكر من تلطخت أيديهم بدماء هؤلاء الذين لا حول لهم ولا قوة وستكون وصمة عار على كل الحكومات التي توالت على المنطقة الخضراء منذ عام 2003 والتي تجاهلت وجودهم في ايران مثلما اكد ابراهيم الجعفري رئيس الحكومة العراقية السابقة على ان لا اسرى عراقيون في ايران وكشفت فيما بعد المئات من الاسرى العراقيين العائدين عن تعذيبهم وقتل العشرات منهم.
عجباً لكم ايها السياسيون تنكرون وجودهم رغم ايمانكم الحقيقي بوجودهم وكما رفضتم في السابق عدم تشكيل رابطة تطالب بحقوق الاسرى وبرغم من كل هذه الادلة التي ذكرناها ونحن نسال أين مصير هؤلاء؟ ربما يتوالد في اذهاننا ان حكومة ايران قد استخدمتهم تجاربها النووية. او ربما تريد ان تجعل من هؤلاء الاسرى ورقة ضغط على الحكومة مقابل تسليم السلطات العراقية منضمة مجاهدي خلق الايرانية كل هذا وارد فلا نستغرب ولكن لابد وان يتحرك الضمير الحي والانسانية المترسخة في كل عراقي شريف وكل حسب دوره فأننا كعراقيون اصلاء نطالب الامم المتحدة والجامعة العربية ومنظمات حقوق الانسان والبرلمان العراقي ووزارة العدل بكشف مصير هؤلاء الاسرى الذي اصبح ملفهم ينادي الفكر الانساني قبل السياسي فهؤلاء دفعوا ضريبة الحرب فيكفيهم ما دفعوا أما ان الاوان لكي تبصر اعينهم تراب ارض الوطن اما ان الاوان أن يشرب هؤلاء الاسرى من ماء دجلة والفرات بعدما هرئت بطونهم من مياه بحر قزوين ولان شهيقهم اصبح ايضاً بلا زفير من كثرة الانتظار فلا ضمير حي ينصفهم ولا احد ينادي بقضيتهم حتى وان مات البعض منهم فالأجدر أن يكفنوا بقماش عراقي كي لا يكونوا شهداء بلا اكفان في ارض الغربة.
AZP07