عراقيو البعث السوري والعملية السياسية – عبد الخالق الشاهر

نظرة دستورية وأخلاقية

عراقيو البعث السوري والعملية السياسية – عبد الخالق الشاهر

بعث الجناح السوري والمعارضة العراقية

قيادة قطر العراق لحزب البعث بدعم من القيادة القومية (الجناح السوري) كانت تشكل الجزء المهم من المعارضة العراقية للنظام العراقي السابق في سورية كونها الجزء المضيف فضلا عن كونها حلقة الوصل بين الدولة السورية الداعمة وباقي فصائل المعارضة خصوصا وأن سوريا كانت تدعم ايران في حربها ضد العراق ولعل هذا الموقف لم يكن يرضي عراقيو البعث السوري ومنهم الراحل فوزي الراوي الذي صار عضو قيادة قومية عام 1980 والذي علق اجتماعاته في القيادة حتى انتهاء الحرب ، وتمكن الرئيس السوري من اقناعه بالعودة لحضور الاجتماعات ، وكان له دورا مهما في دعم سوريا للمقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي  وتجدر الاشارة الى ان سوريا كانت ضد الغزو الامريكي للعراق ولم تحضر مؤتمر لندن او اربيل وساعدت العراق في حربه ضد الغزو ، ولم تكن كدولة وحزب راغبة في دخول بعثيي العراق في العملية السياسية بوجود الامريكان وساءت علاقاتها مع بعض الاحزاب الاسلامية العراقية ، كحزب الدعوة الإسلامية ، ووصل الحد ان يفكر السيد المالكي بإحالة الرئيس السوري الى القضاء الدولي .

كانت المعارضة العراقية تتمثل بجبهتين هما (جوقد) الجبهة الوطنية القومية الديمقراطية ، و(جود) الجبهة الوطنية الديمقراطية ، والاثنتان كانتا واقعيا برعاية وقيادة بعث (الجناح السوري) والمؤتمرات والاجتماعات تعقد في مقرات الحزب والمعلق على جدرانه (امة عربية واحدة   ذات رسالة خالدة) ، وكانت القيادة القومية السورية قد اصدرت قرارا بأنها مع ايران طالما الجيش العراقي داخل ايران ، وعند انسحاب الجيش ، اصدرت (جوقد) بيانا والتي كان زعيمها بعثي عراقي بأن لا داع لاستمرار الحرب من الجانب الايراني ، وتجدر الاشارة الى ان الاحزاب الاسلامية والكردية كانت منضوية في تلك الجبهتين ، كما وأنه من المفيد القول ان الدعم السوري كان واضحا ومنه ان قادة المعارضة من غير بعثيي الجناح السوري يعاملون كقادة الجناح السوري حتى في مرورهم من الطريق العسكري بين سوريا وبيروت دون تفتيش ومنهم السيدان المالكي وبيان جبر صولاغ ، وكانت عجلاتهم لا تفتش ويقال لهم في نقاط السيطرة  (تفضل رفيق) اسوة بالبعثيين .

ردود الافعال

في العام 2009 وبعد اقتراب رحيل الغزاة  زار العراق البعثي العراقي جناح سوريا السيد محمد رشاد الشيخ راضي والتقى بأصدقائه ورفاق دربه ايام المعارضة ، ومنهم على حد علمي السيدان المالكي وهمام حمودي وغيرهم وتناقشوا حول دخول (الجناح السوري) العملية السياسية ، وعاد بخفي حنين ،رغم ان الدعوة كانت موجهة بكتاب رسمي موقع من السيد اكرم الحكيم وزير الدولة لغرض الحوار ، وكان السيد نوري المالكي هو الذي رفض عودة بعث الجناح السوري خلال لقاءه بالسيد الشيخ راضي حسب ما اخبرني به  السيد الشيخ راضي شخصيا حينها ..  واليوم عاد الموضوع يتصدر الى حد ما وسائل الاعلام وعاد من الزيارة بخفي حنين ايضا .

الا ان الزيارة كانت مغرية للإعلاميين كونها تطرح اسئلة كثيرة لا أحد يعرف اجابتها إلا اذا كان خبيرا بالأسس التي قامت عليها العملية السياسية في العراق ، ولا اقصد المحاصصة كوني اعرف ان المحاصصة والدفاع عن المذاهب ما هي الا وسيلة بل اداة من ادوات حصد المقاعد خلال الصراع المحموم على السلطة فالسيد المالكي شيعي والسيد الصدر كذلك ، والسيد الحلبوسي سني وكذلك السيد مثنى السامرائي ، والسيد البارزاني كردي وكذلك السيد بافل الطالباني وكلنا نلاحظ كسر العظم الذي يحصل بين تلك الاطراف عدا نوبات قصيرة من الوفاق تحصل بعد حسم الامور او بروز مصلحة مشتركة مؤقتة .

اهم ردود الافعال كانت للسيد المالكي حيث تحدث عن (الجناح السوري) مع حديث عن ما يراه مساوئ، البعث العراقي بينما الجناحين كانا مختلفان تماما . وهذا يعني الرفض القاطع  لدخول البعث السوري كما رفضه عام 2009.. وقد سمعت من مصدر موثوق ان الرفض الأول حصل بسبب ان السيد المالكي يخشى ان يظم  البعث السوري بعثيين عراقيين من غير الجناح السوري ويصبح منافسا في الانتخابات .. مع العرض ان التخوف غير مبرر كون الجناح السوري سيقدم اسماء اعضائه الى المفوضية وتدقق في المساءلة والعدالة ويتم حضرهم وينتهي الموضوع .. مع العرض ان السيد المالكي صرح بأنه التقى بالشيخ راضي كصديق وقريب ولم يطرح موضوع البعث السوري ، الا ان الثاني قال ان كلام السيد المالكي غير دقيق ، ولوح بأن الحزب سيطلب موافقة المفوضية وفي حالة رفضها فأنه سيقيم الدعوى عليها لدى المحكمة الاتحادية العليا التي يثق بها على حد قوله .

ماذا يقول الدستور

اسمحوا لي ان اجزء المادة السابعة (( يحظر كل كيان او نهج يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير او التطهير الطائفي)) ؟؟ طيب اذا كان الجناح السوري بهذا الوصف  فلماذا (جوقد وجود) والمعارضة المشتركة لبعث العراق  ؟؟.  وتحظر هذه المادة  من العمل السياسي (( البعث الصدامي في العراق ورموزه …. وينظم ذلك بقانون )) ونظم القانون (المساءلة والعدالة ) الذي لم يتطرق للجناح السوري مطلقا ، وبالتالي لا يوجد اي غطاء دستوري او قانوني للرفض.

الجانب الأخلاقي

كلنا نعلم والاحزاب المتنفذة تعلم اكثر منا ان بعث العراق جناح سوريا هو حزب عروبي علماني مدني ، وغير مشمول بالحظر الدستوري ومعه قانون المساءلة ومن يريد التأكد عليه ان يطلع على فكره من العام 1947 لحد اللحظة ، وكلنا نعلم ما قدمه من رعاية ودعم لرموز العملية السياسية الحالية ، واعتقد عدا الإخوان المسلمين ، وتعزز ذلك بالمادة الثامنة من  دستور سوريا الجديد الذي حضر الاحزاب الدينية من العمل السياسي فصارت هناك ثلاثة اقطار عربية تنهج النهج نفسه .وبالتالي كان على العملية السياسية قبولهم وفق مبدأ رد الجميل او المعاملة بالمثل ، ان لم يكن الدستور والنظام القانوني العراقي يكفيان لذلك

آفاق المستقبل

السيناريو الاول قبول المفوضية للحزب ، والثاني رفض المفوضية وربح القضية في المحكمة الاتحادية العليا وستكون اسهل طعن دستوري يقدم امامها .

مشاركة