عدالة – هدى جاسم

عدالة – هدى جاسم

اشرقت بصباحها وهي تضع امامها جملة من الاهداف عليها انجازها في ذلك اليوم ، تمعنت بمن حولها قبل ان يبدء يومها فوجدت عشرات الافكار والاماني لاتخصها بل تخص من حولها فتسائلت « كيف لها ان تحقق امانيهم وامانيها في ان واحد ؟»،قالت في نفسها لاكون عادلة هذه المرة فكل امنية او هدف لمن حولها يقابله امنية وهدف لها ، ابتسمت في داخلها للفكرة وعزمت على تحقيقها فبدأت بهم وحققت اول هدف لتشعر بفرح غامر يباغتها ويباغت من حققت له الهدف جعلها تعبر نحو هدف اخر لكن ليس لها ايضا لتتوالى الاهداف والامنيات التي تشعرها بالسعادة وتشعر من حولها بسعادة اكبر .

مع الايام بدأت تنسى احلامها وامانيها وتركن الى سعادتها في تحقيق مايتمنى الاخرين لترى وجوها احبتها وقد غمرتها الضحكات فتنام وهي مطمئنة ان لها احبة حولها سيجعلون من خريف عمرها ربيع دائم .

صادفها الكثير من العثرات ومواقف الاحتياج والمرض فكانت تجد في كل موقف تلك الوجوه التي رسمت على طفولتها السعادة تلتف حولها كما السور يحميها من عاديات الزمن وان لم تطلب من احد شيئا ، وجدت ضحكات تطالبها بالصمود ومواجهة الازمة بعطاء كاد يفوق عطائها الذي لازمها طوال حياتها ، وجدت اطفال صغار قد كبروا وصاروا عكازا لها يسندها في كل محنة ويجعل من كل انكسار انتصار .

هي لم تتفاجئ لكنها لم تتوقع هذا العطاء فبين لحظة واخرى كان يأتيها صوت ان كانت تحتاج الى شئ ، ان كانت خطوتها قدتثاقلت ، ان كانت جيوبها قد خوت ، بل وصل بهم العطاء بالوقوف بوجه اي ريح عاتية قد تواجهها ليقفوا هم في مواجهتها دون خوف ان تؤدي تلك الرياح الى مالا يحمد عقباه .

عندها فقط ادركت انها لم تكن على خطأ ابدا فيدها التي منحت ايامها  واحلامها التي طوت وامانيها التي اجلت لم تكن ابدا بلا ثمن فالعطاء ان كان من القلب سياتي عوضه من قلوب كثيرة كان لها نصيب من سعادة خلقتها هي لهم .

ادركت ان ايامها معهم لم تذهب سدى بل كانت خزين لايامها الصعبة وخطواتها المتثاقلة وحماية من غدر قدياتي من هنا او هناك ، ادركت ان اعوامها التي مضت لم تمض بلا مقابل وخطواتها نحوهم قابلها ملايين الخطوات نحوها ، ادركت انها قد وضعت في البنك رصيد لاينفذ مهما طال الزمن ، رصيد مملوء بقلوب تعرف معنى صلة الرحم وتعمل بها على اكمل وجه .

وهنا قررت ان تنهض من جديد وتجعل من رصيدها طريقا جديدا للعطاء وحافزا ممنوحا طوال العمر لاناس كان هاجسهم المحبة والعرفان والشكر لمن منحهم من وقته واحلامه وامنياته الكثير لتكون ضحكاتهم من القلب، وامانيهم على رف ذاكرتها وهي تراهم يكبرون ويتحولون الى عكاز دائم لاينكسر .

مشاركة