عجيب أمور غريب قضية – سامي الزبيدي
وفد عسكري كبير يزور إقليم كردستان العراق يرأسه رئيس أركان الجيش ومعه نائب قائد العمليات المشتركة وعدد كبير من الضباط , فما هي المهمة التي ذهب من اجلها الوفد ؟ ذهب للتنسيق مع إقليم كردستان العراق وقوات البيشمركة الجيش الثاني في العراق الاتحادي لضمان امن بعض المناطق المحاذية للإقليم التي يسمونها متنازع عليها وتشكيل لوائين مختلطين من الجيش الاتحادي وجيش الإقليم(البيشمركة) للانفتاح في هذه المناطق ولا ادري هل يعرف رئيس أركان الجيش ومن معه ان الجيش الاتحادي مسؤول عن حماية كل محافظات العراق بما فيها محافظات إقليم كردستان ومسؤول عن حماية كل حدود العراق الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية ؟ وهل يعرف رئيس أركان الجيش ان الجيش الاتحادي من حقه الدخول الى أية منطقة في العراق بما فيها محافظات كردستان ووفق الدستور الذي طالما يتبجح به السياسيون الأكراد ؟ فإذا كان يعرف كل هذا فلماذا لا تنفتح ألوية من الجيش العراقي في المناطق التي تسمى متنازع عليها أو المناطق الساخنة القريبة من إقليم كردستان العراق ؟ ولماذا هذا التبذير في الموارد البشرية والمادية ؟ وهل يعرف المسؤولين العسكريين كم يكلف تشكيل فوج واحد وليس لوائين ؟ تذكرني مسالة تشكيل لوائين بحادثة حدثت أيام كان لنا جيش وقادة حقيقيين ومفادها ان دراسة قدمت لرئيس أركان الجيش الأسبق الفريق الأول الركن عبد الجبار شنشل رحمة الله عليه في سبعينيات القرن الماضي لزيادة عدد أفراد حظيرة المشاة جندي واحد فطلب رئيس أركان الجيش دراسة المقترح من قبل رئاسة أركان الجيش وأخذ رأي مديرية المشاة ومديرية التسليح والتجهيز ومديرية التموين ونقل والصنف الإداري وتقديم أرقام حقيقية عن المقترح أي كم يكلف مادياً زيادة جندي واحد لحظيرة المشاة في الجيش العراقي بعد حساب أعداد الأسلحة وأثمانها وكميات والأرزاق والتجهيزات الأخرى وأثمانها فتم حساب تكلفة جندى واحد وتم ضرب الرقم في عدد الحظائر في الفوج وفي اللواء وفي الفرقة علما ان فرق المشاة في جيشنا آنذاك كانت بحدود خمسة فرق فتبين ان الأرقام والمبالغ كبيرة فقال لهم رئيس الأركان باللهجة المصلاوية (بقه هذا مكلف جدا ) لا أوافق على المقترح والجماعة اليوم يريدون تشكيل لوائين مختلطين فهل تم حساب تكلفة تشكيل هذين اللوائين من الأسلحة والآليات والاعتدة والتجهيزات وأجهزة الاتصال والأرزاق اليومية والطبابة وبناء المقرات وصرفيات الوقود والرواتب الشهرية وغيرها , أما كان الأولى بالقادة العسكريين إخبار نظرائهم في الإقليم ان الجيش الاتحادي هو من يقوم بهذه المهمة وسنخصص القطعات المطلوبة لهذا الواجب ولا داعي لتشكيل قوات جديدة تكلف الجيش كثيراً أولاً وغير متجانسه ويصعب قيادتها والسيطرة عليها ثانياً ومادام العراق اتحادي كما يقول الساسة الأكراد فان الدستور يمنح الحق للجيش الاتحادي الانفتاح والعمل في كل محافظات العراق بما فيها محافظات الإقليم وهم يتبجحون بالدستور ويقولون هوالفيصل في حل كل القضايا بين المركز والإقليم فلماذا لا يعول على الدستور في هذه القضية فالدستور هو الفيصل عندما يوافق مطالبهم ورغباتهم وغير فيصل عندما لا يوافق رغباتهم وأهواهم وعلى سبيل المثال هم يريدون تطبيقه فيما يخص المادة 140 الغير دستورية والتي انتهت مدتها منذ سنين وكذلك في مسالة النفط والغاز واستحقاقات الإقليم من الموازنة رغم عدم تسليمهم عائدات النفط والمنافذ والكمارك والضرائب وغيرها للحكومة الاتحادية ويضربونه عرض الحائط عندما لا يوافق مطالبهم ومصالحهم .
على الحكومة الحالية والحكومات القادمة وضع حد لتجاوزات الإقليم خصوصا في القضايا الأمنية والعسكرية ففي أية دولة اتحادية لا يسمح للجيش الاتحادي الدخول الى احد الأقاليم وفي أية دولة فيدرالية لا يسمح للطيران العسكري الاتحادي الدخول الى أجواء احد الأقاليم طبعا في العراق فقط حيث لا يوجد في إقليم كردستان العراق أي جندي اتحادي وأي شرطي اتحادي وأي سلاح اتحادي وأي طائرة اتحادية وأي قادة عسكرية أو معسكر للجيش الاتحادي وأي موظف مدني اتحادي فعجيب أمور غريب قضية , أليس هذا ضعفاً من كل الحكومات الاتحادية تجاه الإقليم واستخفافا من الإقليم بالحكومات الاتحادية وبالدستور ؟