عامٌ جديد آخر
محفوظ داود سلمان
عام جديدٌ آخر …
والحزن في عينيكِ يقطر مثل امطار الشتاء
قد كان أجمل لو نكون معاً..
نلوذ ببعضنا، تبتلّ أوراق من
الدفلى وتنشـــج مثل أجراس المساء
مترافقين نمرُّ .. نجتاز المتاجر، والمعارض
حيث ينمو الورد، والزهر الصناعيّ الجميل
وحيث أحداق النساء…
مرسومةٌ بالكحل أجمل مايكون، وليس
أحداق الظباء …
والواجهات تضج بالأضواء : هلاّ نشتري
هذي الزنابق ـ هل رأيتِ أزاهراً سوداء ـ
ليس يليق أن يبقى بأوروك الحداد …
لكنهم كانوا يبيعون الشظايا، والمزاهر
من بقايا الحرب، والثور المجنحّ كان
يعرض في المزاد…
{ { { {
عام جديد آخر، عام جديد
قد كان أجمل لو نكون معاً : مظلاتٌ
من الدفلى نلوذ بها، وصوتك كان
ينزف مثل إيقاع بعيد …
كنا بأسطنبول هذا العام كان البحر يشربنا
وفي بئر الاماني ليس ثمة من رجاء…
قد كنت ارجو ان نكون معاً، هناك تعمّر
الأشجار ينمو الوجد، والأغصان حبلى
بالغناء…
وبحثتُ عنك مليكة في وجْدةٍ مازلتِ
عارية تلمين القرنفل، تحملين سلاسل
الأنغام في وهج العراء …
في قفصةٍ مازالت الصحراء في عينيك ينزف
رملها أم ليس من شفق يضييء ولا فضاء …
وأنا بمقديشو رأيتكِ زهرةً سوداء
تقطر من دماء…
في صعدةٍ :
هل هذه الزرقاء تنبئُ،
تبصر الأشجار زاحفة بأثواب القتال …
مازال عرّاف اليمامة
عابثاً بالرمل، هل
قيس يحرّق راحتيه آلجمر، يبحث
ليس من ليلى وراء البيد ليس سوى الرمال …
عام جديدٌ آخرٌ، وأنا وانتِ نلمُّ رجع
الريح نعبث في الظلال …
{ { { {
بدمشق كنت سألتُ عن بلقيس * هل قصّوا
ضفائرها الطويلة مثل ليلٍ معتم، مازال
مهْوى القرط أبعد مايكون …
وسألتُ عن فســقيةٍ في الدار مازالت
تثرثر في زقاق الياسمين ** رايت زيناً
في الدروب تضيع تأسى أو نساءً من جنون…
زنوبيا كانت تمزقها السلاسل والكبول
وليس من روما تجيء وليس من حلبٍ
تقوم من الرماد…
عام جديدٌ آخرٌ…
هل ثمَّ في مصرٍ نبيٌّ قادمٌ ؟
هذى عصا موسى
تشق البحر أم
صحراء نجدٍ
والجزيرة سوف
تبعث والوهاد…
عامٌ جديدٌ سوف أرحل بعد نصف الليل، اغرق في قرار الكأس،
لو كنا معاً
سنضيئ
بعض الشمع،
نجمع بعض أزهار السهاد …
———
{ بلقيس الراوي زوجة الشاعر نزار قباني
{{ زقاق الياسمين شارع يرد ذكرهُ في رواية غادة السّمان في دمشق وزين بطلة الرواية المستحيلة