ريو دي جانيرو-(أ ف ب) – حذّرت الخبيرة البيئة إريكا بيرينغير المتخصصة في غابة الأمازون في جامعتي أكسفورد ولانكستر من أنه «لا يمكننا العيش في عالم من دون الأمازون». وفي مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، تحدثت هذه العالمة البرازيلية عن الاضطرابات التي تسبب بها النشاط البشري لأكبر غابة مطيرة في العالم.
- هناك الكثير من العناوين الرئيسية عن تدمير منطقة الأمازون. ماذا يقول العلم؟
النتائج مروعة فعلا. إنها تتماشى مع المناقشات حول +نقطة التحول+ (عندما تزول الغابات المطيرة وتتحول من ممتص للكربون إلى باعث له). وجدت إحدى الدراسات أنه في جنوب شرق الأمازون في موسم الجفاف، ارتفعت درجة الحرارة بمقدار 2,5 درجة مئوية (خلال 40 عاما). إنه أمر مروّع.
لا أعتقد أنه حتى الأكاديميين كانوا مستعدين لذلك. يسعى اتفاق باريس للمناخ إلى حصر الاحترار العالمي بـ1,5 درجة مئوية و2,5 في منطقة الأمازون هو رقم مرتفع جدا.
في شمال شرق الأمازون، شهدنا انخفاضا بنسبة 34 في المئة في المتساقطات في ذروة موسم الجفاف (بين آب/أغسطس وتشرين الاول/أكتوبر). المعنى الضمني لكل هذا هو أنه إذا كان لديك مناخ أكثر حرا وجفافا، فإن وتيرة الحرائق ستتزايد في الغابة. وبالتالي ستدخل في حلقة مفرغة من الرعب».
- هل ما زال بإمكاننا إنقاذ الأمازون؟ ماذا يحدث إذا لم نفعل؟
- هذا هو السؤال الأكثر أهمية. لن نعرف أبدا نقطة التحول حتى نتجاوزها. هذا هو تعريف نقطة التحول. لكن أجزاء مختلفة من الأمازون تتوجه نحوها بوتيرة مختلفة.
إذا تجاوزنا نقطة التحول، فهذه هي النهاية. ولا أقول ذلك باستخفاف. نحن نتحدث عن انهيار أكثر المناطق تنوعا من الناحية البيولوجية على الكوكب. أصبح الملايين والملايين من الأشخاص لاجئي مناخ. نشهد اضطرابا لأنماط هطول الأمطار في كل أنحاء أميركا الجنوبية.
بدون الأمطار، لا نحصل على طاقة كهرومائية، وهذا يعني انهيار الصناعة في البرازيل، وبالتالي انهيار أحد أكبر الاقتصادات في العالم، وأحد أكبر موردي المواد الغذائية في العالم. لا يمكننا أن نعيش في عالم من دون الأمازون.
- في صورتك الشخصية على واتساب يمكن قراءة كلمة أمل. ما الذي يجعلك متفائلة بشأن الأمازون؟
الشوكولا! (تضحك). في الحقيقة، هناك بالتأكيد أمل في التغيير. خلال حياتي، رأيت تراجعا بنسبة أكثر من 80 في المئة لإزالة الغابات، بين عامي 2004 و2012. لم يكن الأمر سهلا.
يجب أن يكون هناك تنسيق بين وكالات (حكومية). لكن ذلك حصل. فلم لا نرى الأمر (التنسيق) مجددا؟
على الصعيد العالمي، هناك مستويات عدة من الحلول للجميع. ينبغي للجميع تقليل بصمتهم الكربونية. لن يعود أحد للعيش في كهف، لكننا نحتاج جميعنا إلى التفكير العميق في ما يمكننا القيام به. نحتاج أيضا إلى الضغط من أجل الحصول على الشفافية بشأن المواد الخام التي تأتي من منطقة الأمازون. معرفة من أين يأتي الذهب الذي نضعه، ومن أين يأتي لحم البقر الذي نستهلكه. لكن الأهم من ذلك، يجب الإصرار على تغييرات هيكلية. يجب ممارسة الضغط على حكوماتنا وشركاتنا لخفض انبعاثاتها».
الامازون جنة مفقودة؟
ساو فيليكس دو شينغو (البرازيل)- (أ ف ب) – تبدو غابة الأمازون من السماء امتدادا غير متناه من اللون الأخضر الداكن تتخلله فقط أنهار زرقاء متعرّجة… لكن على أرض الواقع، المشهد مختلف، إذ إن أكبر غابة مطيرة في العالم مليئة بندوب بنية عملاقة ناتجة عن إزالة الأشجار لإفساح المجال أمام إنشاء طرق ومناجم تعدين وزرع محاصيل.
إنه «قوس إزالة الغابات» الذي يتقدم بوتيرة سريعة عبر أميركا الجنوبية، وهو كارثة في طريقها إلى كوكبنا.
بفضل غطائه النباتي المورق ومعجزة التمثيل الضوئي، امتص حوض الأمازون، حتى وقت قريب، كميات كبيرة من انبعاثات الكربون في الغلاف الجوي ما أدى إلى تراجع كابوس تغير المناخ الذي قد يصبح خارجا عن السيطرة. لكن دراسات تشير إلى أن الغابة المطيرة تقترب من «نقطة التحول» التي تتحول عندها الغابة المطيرة إلى سهول فيما تموت 390 مليار شجرة بمجموعات. اليوم، يتسارع الدمار خصوصا منذ وصول الرئيس اليميني المتطرف والمتشكك بقضية المناخ جايير بولسونارو في كانون الثاني/يناير 2019 إلى السلطة في البرازيل التي تعتبر موطنا ل60 في المئة من الأمازون، مع دفعه إتاحة الأراضي المحمية أمام الأعمال التجارية الزراعية والتعدين. كذلك، يؤثر الدمار على المجموعة الغنية من الأنواع المترابطة، أكثر من ثلاثة ملايين منها، بما في ذلك حيوانات برية رمزية مثل العقاب المخادع، وهو من أضخم الطيور الجارحة وأقواها في العالم، والجاغوار المهيب. وتسببت الغزوات العنيفة لعمال مناجم الذهب غير القانونيين في أراضي السكان الأصليين بخسائر فادحة للسكان الأصليين، وهم أفضل حراس للغابة بسبب تقاليدهم التي تقوم على الاحترام العميق للطبيعة.
وقال إلدو شانيناوا (42 عاما)، وهو زعيم شعب شانيناوا في شمال غرب البرازيل «الشمس أصبحت أكثر حرا والأنهار تجف والحيوانات تختفي. النظام كله ينهار». ويقول العلماء إنه إذا وصلت الأمازون إلى نقطة التحول، فبدلا من المساعدة في كبح تغير المناخ ستسرّع وتيرته بشكل مفاجئ ما يؤدي إلى إعادة إطلاق عقد من انبعاثات الكربون في الغلاف الجوي.
وأوضحت العالمة البرازيلية المتخصصة في كيمياء الغلاف الجوي لوسيانا غاتي «رغم سوء التوقعات (بشأن تغير المناخ)، فإنها في الواقع متفائلة… سنصل إلى سيناريو فيلم الرعب في وقت أقرب بكثير مما كان متوقعا».
وأضافت «نحن نقتل الامازون».
من نواح كثيرة، إنها قصة شريرة: رجال عنيفون يعتمرون قبعات سوداء يستغلون منطقة ينعدم فيها القانون ويستغلون الفساد السياسي وعدم المساواة المستشرية ليصبحوا أثرياء.
لكنها أيضا قصة البشرية جمعاء: علاقتنا بالطبيعة وشهيتنا النهمة وعدم قدرتنا على التوقف قبل فوات الأوان. ففي النهاية، الذهب والخشب وفول الصويا ولحم البقر التي تدمر الأمازون لها علاقة بالعرض والطلب العالميين.
وهذه المنتجات التي تقتل الأمازون يمكن العثور عليها في المنازل حول العالم.