ظواهر إجتماعية .. زواج المسنين

بعد أن أتم الله النعمة على بعض العراقيين لتنتفخ جيوبهم وبطونهم بما افاءه الله عليهم من الرواتب والقروض والعروض حتى اخذ يتطلع احدهم إلى مواضع الترف ومكامن الإسراف لينسلخ من واقع عانى منه كثيرا في العقود الماضية وهذا الانسلاخ الذي غالبا مايكون غير مدروسا جعل من اؤلئك المنتفخين والمنتفعين أن يلقوا بأنفسهم في مهاوى عميقة لا ينتشلون منها ألا بشق الأنفس وليؤسسوا لظاهرة جديدة لم تكن متجلية او واضحة في فترة من فترات العوز والحاجة التي كانت محكا لأصحاب الهمم الخائرة وامتحانا صعبا لاؤلئك المتكاسلين الذين تنصلوا عن مسؤلياتهم في الإعالة والكسب والعمل وتوفير لقمة العيش للأبناء القاصرين , فقد خلقوا مبررات شتى للكسل والتواني تاركين العائلة تعصف بها رياح العوز والحاجة وليغرسوا رؤؤسهم في الرمال ولتقوم النساء بأدوارهم في توفير سبل العيش ولترتدي الأطفال أسمال الكدح والكد منتشرين في الأسواق وكراجات النقل وإشارات المرور أو مفترشين الأرصفة ليعودوا بعد حلول الظلام منهكين يمضغون خبز الالم ومرارة الحاجة وما أن تنفس أؤلئك الآباء المتكاسلون رياح التغيير وأقبلت عليهم اطراف النعم عبر شبكات الرعاية الاجتماعية والتقاعد والقروض ومنح الموتى كما اسلفنا حتى كشروا بعض الاباء عن انيابهم لكي يبتكروا ضياعا من نوعا اخر يعصف بالاسرة وهي ظاهرة (زواج المسنين) ليحملوا الاسرة اعباءا اضافية وليؤسسوا لصراعات لا تختلف عن صراعات العوز والحاجة في السنين العجاف.

ومن خلال جداول الاستبيان واحصاءات دوائر الاحوال الشخصية والمحاكم الشرعية قد تبين شيوع هذة الظاهرة والتي شكلت بعض الشي سابقة غير معتادة اخذت تطرق ابواب الكثير من البيوتات العراقية حاملة معها وباء التشتت والفوضى والضياع ومن استطلاعنا على بعض التحقيقات والحوارات مع ذوي الشان في هذة الظاهرة لم نجد عاملا واحد يحيز الجدية و الموضوعية في مثل هكذا اقدام على مشروع بدءه ومنتهاه هوه مغامرة مع الزمن.

وعند التجوال في اروقة المحاكم الشرعية قد تزاحمك اللحى البيضاء والايادي المرتعشة وهم متأبطين ايادي فتيات بعمر احفادهم يخطون بأرجلهم نحو عقد قرآن لزواج جديد ليؤثثوا لملاجى الايتام مقيمون جدد وللارصفة مفترشون وكذلك خلق جيلا مرضيا يعاني من شتى عوامل ضياع مفهوم الذات فيلد يتيما أو على وشك اليتم فهي صناعة يتم لا محاله وكذلك صناعة للترمل فبعد سنوات سيتوفى الزوج تاركا أرملة تعصف بها رياح الحياة وغوائل الزمن . وعند العروج على هذه الظاهرة ومعرفة ملابساتها وأسبابها سوف نجد أن المحن المتوالية والصراعات بكافة أنواعها السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها واليوميات الخاوية والخالية من الانجاز خلقت فردا أجوفا لا يحسب لقوادم الأيام حسابا أو يرسم طريقا لمستقبل أفضل بل اخذ يدور بدوامة السذاجة متمركزا حول نفسه المتداعية وشهواته الفانية من مأكل وملبس وتسكع على أعتاب المجالس والمقاهي غير عابئ بما يؤول أليه القدر في الأيام الآتية ولم يشعر بوخز الضمير تجاه هذا الفعل المغامر الذي يقلق الحياة ويخلق لتشرذم جديد تحاول المؤسسات التربوية والنفسية والقانونية الحد منه عبر سنين من الجهد والدراسة والمواظبة من اجل خلق وصناعة جيلا مثاليا يحمل مقومات الإنسان الخالي من العقد والانزياحات والعوق النفسي والاجتماعي الذي بدوره يعمل على انتشال الواقع المزري وإبداله بواقع سليم من الأمراض والآفات والجرائم والانحراف والشذوذ ليصبح بمرور الزمن مواطنا معافى متكافلا مع الآخرين في الرأي والقضية والحاجات

نجم عبد خليفة – بغداد

مشاركة