ظواهر أجتماعية الرشوة

ظواهر أجتماعية الرشوة
يعرف علماء الاجتماع الظاهرة الأجتماعية بأنها عبارة عن نماذج من العمل والتفكير والأحساس التي تسود مجتمع من المجتمعات الذي يجد الافراد انفسهم مجبرين على ان يتبعوها في حياتهم الاجتماعية.
وهذا الاجبار على انموذج معين من العمل والتفكير يتباين من مجتمع لاخر ومن شخص لثان حسب مقتضيات وظروف ذهنية ذلك المجتمع او الفرد ومدى تفاعلة مع الحضارة وبعده التاريخي بين الجذور البدائية وبين اغصان البيئة الحضارية التي تستمد نسغها عبر تلك الجذور.
وقد عبر الاجتماعيون عن صناعة الذهنية المجتمعية واشادوا بالبيئة والمحيط والظروف وكيفية انتاج فرد له مواصفات كان للبيئة فيها اثر كبيرا في رسم ملامح والوان وسلوكيات ذلك الفرد , فالظاهرة هي نتاج تشخيص لمدى الفاعلية الحضارية للمجتمع (سلبا او ايجابا ) والتي من خلالها يستطيع الباحث استبيان مدى استعداد المجتمع بأفراده على تقبل التحضر والسير في ركابه واجبار السلوك السلبي على التنحي ليحل محله سلوكا قويما سويا يشيد بأنسانيته التي منحها الله له في احسن تقويم.
غالبا ماتصاحب الفوضى والتغيير والحوادث بكافة عواملها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بروز ظواهر جديدة يتبناها السلوك الجمعي والسلوك الجمعي هنا اداة ضاغطة على حرية القرار الفردي المغاير صائبا كان ام خاطئا فينجرف الوعظ والارشاد والنصح منحدرا تحت وطأة الفوضى والشذوذ فتنهض الظواهر السلبية معافاة غير محرجة تبتكر لها التبريرات الدافعة التي تمتاز بها الشعوب المغلوب على امرها والمثقلة بالعوز الأجتماعي والنفسي المزمن عبر التاريخ .
ففوضى الزمان وفوضى الأمكنة وفوضى الأسرة وفوضى البنى الاجتماعية يسكتون صوت الحرج والنقد والحقيقة فتعم الظاهرة حتى تخالها قاعدة مستساغة لا يستغرب منها فيصيب غبارها الصالح والطالح من الناس وعلى هذا المنوال أتخمت يومياتنا منذ التغيير والى الان بظواهر مبتكرة نمت وترعرعت في احضان الانفلات المادي والمعنوي وظهرت بقوة على الرغم من وجودها سابقا ولكن ليست بهذة الشراسة. فقد املت علينا الظروف استنهاض العادات السيئة من قماقمها الوبيئة لتنساح في أروقة الدوائر الحكومية والمؤسسات الخدمية لتحتجنها الأغلبية الساحقة من الموظفين وهي عادة الرشوة التي اخذت تهز اركان الجيوب الخاوية لتعمر جيوب الموظفين اصحاب الخدمة العامة فمنذ أن تتأبط أوراق معاملتك حتى تتلقفك مخالب الموظفين وأنت تتجول عبر الاقسام والممرات وألاروقة وعبر دوي الاختام لتسدد فواتير المساومة فيداٌ تناول فيها المعاملة واخرى في جيبك تذلل عقبات الروتين والعراقيل – التي غالبا مايصطنعها الموظف نفسه – للحيلولة دون انهاء المعاملة بزمن قياسي ومن اجل استدرار الجيوب واستحلابها حتى اتسعت هذة الظاهرة لتشكل شبكات من المستفيدين داخل الدوائر والمؤسسات الحكومية (مؤسسة داخل مؤسسة) الامر الذي جعل من اولئك الموظفين ومايرتبط بهم من المعقبين والمتوسطين منظومة متلازمة ومتلاحمة يستحصلون رواتبا اضافية تفوق الرواتب الحكومية عبر تسعيرة خاصة لكل دور او مهمة يقوم بها الموظف او المعقب وحسب عظم المهمة او صغرها او سهولتها او تعقيدها تاركين معاملات البائسين على رفوف النسيان.
كل ذلك على مرآى ومسمع من السلطات واصحاب القرار واصحاب المنابر من دون ان تحرك ساكنا او تسكن متحركاُ فالجميع مسؤولون اما القانون والشرع والذوق العام موظفون ومراجعون وقد قيل قديماُ : (اذا دخلت الرشوة من الباب خرج العدالة من الشباك).
نجم عبد خليفة – بغداد
AZPPPL

مشاركة