طهّر قلبك كي ترى
نعم فأحيانا لا نحتاج لفحص بصر أو لعدسات طبية كي نرى بصورة جيدة ، فالظلمات قد تكون صادرة من أعماقنا ، الأردية السوداء التي تتشحُ بها قلوبنا هي من صنع أيدينا أيضاً ، و لإن القلب متصل بطريقة ما بالعين ، فنحن نملك شيئا من الاشياء التي تميزنا ك بشر بصرا و بصيرة ، فإن هذهِ الطرق التقليدية لتحسين مجال النظر ، لن تُزيل العتمة ، الحب و الإيمان وحدهما من يُزيلان خارطة الطُرق المعتمة .
قـرأتُ هذهِ العبارة المكونة من ثلاث كلمات فقط ” طهر قلبك كي ترى في رواية موت صغير التي تسرد لنا حياة المتصوف العربي محيي الدين بن عربي ” الذي قضى سنواتٍ من عمره يبحث فيها عن طهارة القلب وفي كل مرة يجدها بالحب وحدهُ لا غير .
نحن البشر ذوو أطباع متفاوتة تغلب عليها أحيانا الأنانية ، الحقد ، الغيرة في غير مواضعها المطلوبة وغيرها من الغشاوات التي تعمي البصر و البصيرة المُكتسبة و الفطرية ، فلا يمكننا بها ان نتقدم او نطمح وهذهِ هي أغلب الاسباب التي يعاني الانسان بسببها وان لم يظهر عليهِ ذلك فنجدهُ يتخبط لا يَـعي سلوكاياتهُ و أحيانا يُفـرط في تيههِ بهذا العمر القصير الذي ينبغي لنا إستغلالهِ لنترك فيهِ بصمة حب وجمال في بقعة صغيرة من هذا العالم ، و إن كان ولا بد للإنسان من رسم خارطة حياتهِ فيجب ان يبدأ بنفسهِ ( الدفةُّ الحية ) وقلبهِ ( الشراع الذي يوجههُ ) فإن إتسم بسكينة النفس والرِضا بما كان و ما سيكون فإن قلبهُ سيرى و سيجد ضالتهُ في مسيرة حياتهِ .
إن الحب هو ديدن الإنسان في حياتهِ ، الإطمئنان و العهد المقدس ، و لايمكن أن يوجد الحب في قلبٍ أعمى و إن وجد فإنهُ مهدوم .
مشاعر الانسان أسمى ما يملك فإنها مصدر ذلك الضوء المنبعث من قلب طاهر يسكنهُ حب عميق و متأصل منذ صغرهِ ، حبٌ لا يعدلهُ حب و ليس لهُ مثيل ، إنهُ حب الله الباقي و الموجود فينا منذ العدم و المولود في ذات الانسان منذ أن ترى عيناه النور و النامي في وجيب الصدور المبصرة ، لذا طهّـر قلبك لترى هذا الحب ، لتظـفَرَ بهِ و تأمّْل معي البيت الشعري الجميل لـ إيليا أبو ماضي حين قال :
ليسَ الكفيف الذي أمسى بلا بصر
إنّي أرى من ذوي الأبصار عميانا
زينب بني سعد