(طركاعة) التلوث والسموم والمواد المسرطنة – جرجيس كوليزادة
عندما يصرح اعلى مسؤول بالسلطة التنفيذية بالعراق، بان الادوية والعقاقير الطبية والدوائية المستوردة للبلاد، لا يتم اجراء كشوفات وفحوصات للسيطرة والرقابة النوعية عليها الا بنسبة ثلاثة بالمئة، فهذا يعني من الناحية الصحية ان اجسام العراقيين تحولت الى مخازن ومستودعات خازنة للسموم الطبية والصيدلانية، وبنسب تصاعدية متراكمة طوال سنوات عمر المواطن العراقي، معرضة حياة المواطنين في مراحل مستقبلية لاحقة الى مخاطر صحية جسيمة، وخاصة الاصابة بالسرطانات والامراض المستعصية.
وبالتأكيد يمكن استنتاج نقس الواقع بالنسبة لاستيراد المواد الغذائية والمنتجات الحيوانية وحليب الاطقال والمحاصيل الزراعية، والطامة الكبرى ان تقارير صحافية اكدت ان الكثير من المواد الغذائية والطبية المستوردة منتهية الصلاحية، وتتم اعادة تعبئتها بنواريخ جديدة في داخل وخارج البلاد على حساب صحة المواطنين. والمشكلة الاخرى ان نفس الواقع والحال ينطبقان ايضا على اقليم كردستان، وبالتالي فان كل سكان العراق البالغ اكثر من اربعين مليون انسان، معرضون الى االمخاطر الصحية والمعيشية والحياتية الناتجة من السموم والمواد المسرطنة المستوردة ضمن المحتويات التركيبية للادوية والاغذية المستوردة للعراق، والمواد الملوثة لمياه الشرب.
وهكذا تتراكم المواد القاتلة والمميتة، فاجساد اكثر من اربعين مليون انسان تدخل فيها السموم والمواد المسرطنة والمواد الملوثة، ودون سابق انذار من الوزارات والجهات المختصة والمعنية بهذة القضايا الخطيرة، ختصة عدم مرور المواد بفحوصات نوعية لتحديد هوية المواد التي تتركب منها، والغريب ان الجهات الرسمية المعنية بالسيطرة على النقاط والمعابر الحدودية تقوم باستلام رسومات الفحوصات دون اجرائها عمليا.
وللاستدلال، فقد كشفت وزارة الصحة العراقية، عن أكثر من 30 ألف حالة اصابة بالسرطان يتلقون العلاج حاليا في البلاد، معربة عن قلقها إزاء التأخر في الكشف عن الإصابة بالمرض الخطير، وأكدت أن “السرطان أحد مسببات الوفيات الأولى في العراق، وكذلك في الشرق الأوسط”.
ورغم التأكيد أن السرطان هو مشكلة عالمية متصاعدة، الا إن نسبة الإصابة به في العراق وصلت الى 80 حالة للحالات المسجلة لكل 100 ألف عراقي في العام الواحد، الا أن الحالات غير المسجلة تفوق ضعف هذا المعدل بعدة مرات، وتبين التقديرات ان الاصابة بالسرطان لدى النساء تفوق الاصابة لدى الرجال بمرات عديدة.
وبحسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء فإن من المتوقع ارتفاع عدد سكان البلاد الى حوالي اكثر من 50 مليونا عام 2030 وهو ما سيرفع اعداد الاصابات بالامراض السرطانية الى حوالي 0.5-1 مليزن اصابة بفرض ثبوت العوامل الغذائية والدوائية والطبية والبيئية.
لائحة الاصابات
وقالت مسؤولة السيطرة على مرض السرطان في وزارة صحة الإقليم في مؤتمر صحفي، إنه لغاية الآن هناك اكثر من 71 الفا إصابة بمرض السرطان، مبينة أنه في عام 2022 فقط كان لدينا اكثر من 9 آلاف إصابة بهذا المرض.
وتبين أن الاصابة بسرطان الثدي تتصدر لائحة الاصابات، ومن ثم الإصابة بسرطان القالون، ومن ثم سرطان الرئة، والجلد، والغدد اللمفاوية، والبروستات، واللوكيميا، وسرطان الدماغ، والشرايين، والغدة الدرقية، وسرطان الفم واللثة.
والاكثر فتكا بارواح حياة المواطنين في العراق والاقليم، ان حليب الاطفال لا تجري عليها فحوصات نوعية ولا يمر تحت اجراءات السيطرة النوعية من النواحي الفيزيائية والكيميائية والبايولوجية، بينما هذه المادة تعتبر من اكثر المواد الغذائبة والطبية حساسية واهمية للاطفال.
واعلان وزارة البيئة، يأتي ليزيد الطين بلة، فكميات النفايات الإجمالية التي تنتج في البلاد تصل إلى 20 الف طن يومياً في عموم المحافظات، وهذا مؤشر خطير على تعدد وكبر حجم مصادر التلوث في المواد المرمية من الملوثات المتواجدة في النفايت الحاوية على مواد مضرة وخطيرة ومميتة وقاتلة للانسان، وبدون اجراء اي تدوير عليها.واضافة الى ذلك هناك تلوث خطير للانهر، وذلك من خلال المنشآت النفطية والانبعاثات الغازية والبقع الزيتية، والمحطات الحرارية، مسبة تلوثا كيميائيا وفيزيائيا للانهر وفروعها المستخدمة لمياه الشرب، وهنالك المنازل والمنشاءات العامة والمراكو التجارية والمرافق الرياضية والمطاعم والمنتجعات السياحية ومحطات الصرف الصحي، حيث ترمي نفاياتها في الانهر، وخاصة الملوثات والمواد البلاستيكية وبدون اجراء اي تحوير للنفايات، وهذه المخلفات الملوثة تكون مشبعة بالكيمياويات والسموم والمواد المسرطنة والاسمدة والاملاح والمعادن المضرة، مسببة تأثيرات خطيرة على حياة الأحياء الموجودة في الانهار وعلى تركيبة المياه المستخدمة للشرب والاستعمال اليومي.باختصار هذه السموم والمواد المسرطنة المستوردة علانية وجهارا، والملوثات المرمية في الانهر، تعني ان الموت حالة مرافقة للمواطن بشكل دائم وفي كل يوم، وما تعلن من ارقام مازالت لا تمثل الحقيقة، فالكواليس خطيرة وهي حاضنة لاشباح الموت اليومي، وهي فعلا “طركاعة”، طركاعة السموم والمواد المسرطنة والملوثات، فيا سادة يا كرام، الوضع العراقي ليس متأزم ومنهوب فقط بالفساد وت والدولار المهرب الى الخارج، بل هو ايضا منهوب بالموت المخيم على العراقيين، وبـ”الطركاعة” المستوردةـ
والله من وراء القصد