صناعة الموت

صناعة الموت

(وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة) (البقرة:195)

في الآونة الاخيرة انتشرت في شمال إفريقيا ودول الخليج العربي بدون استثناء خصوصاً في (السعودية) و(العراق) ما يعرف بالحبوب المنشطة الاسم الشائع (01) تسميتها العلمية (الكبتاجون) احد مشتقات (الامفيتامين) يكون شكلها دائريا ولها عدة ألوان ويوجد عليها قوسين متعاكسين علامة ألجودة ورمزاً لها ، بدأ إنتاج هذه المادة المرعبة في الحرب العالمية الثانية عندما أمر (أدولف هتلر) أحد كبار الصيادلة الألمانيين بتصنيع مادة لزيادة نشاط الجنود النازيين في المعارك ورفع مزاجهم وعدم شعورهم بالجوع لعدة أيام وعدم النوم وزيادة هرمون الأدرنالين بشكل غير طبيعي، عندما انتهت الحرب قامت بعدها بفترة جمعية الاطباء بأجراء أبحاث في الرايخ الثالث التي أدت إلى اكتشاف هذه الحقائق المروعة عن هذه المادة السرية التي كانت سلاح الفوهرر السري.

وفي بداية السبعينات من القرن الماضي حظرت عدة دول بيع أو تداول هذه المادة الخطرة لان إضرارها أكثر من منافعها على الناس اجمع، بعدها قامت عدة مجموعات تعرف (بالمافيات الايطالية) وبعض الدول بشكل سري، العمل على كتابة وصفة هذه المادة وتناقلها عبر الورق وإنتاجها في الخفاء وإدخالها في السوق السوداء، حالها كحال الكوكايين والهيروين حتى بدأت غزوها للدول العربية إما بطريقة التهريب أو صناعتها في الشقق والبيوت صناعة بدائية غير مرخصة وكثيرا ماتخلط بمادة الحشيش (الماريجوانا).

يشيع استخدام هذه الحبوب بين الفئات العمرية ابتداءً من 20 سنة فما فوق والراغبين بالحصول على سعادة مؤقتة مزيفة وطلاب المدارس والجامعات لان المادة ترفع من نشاطهم وقدرتهم على التركيز في الامتحانات لفترة مؤقتة والسهر المستمر لأسباب الدراسة والمغنون والفرق الموسيقية والعاملين في القطاعات العسكرية وسائقي التاكسي الذين يقطعون مسافات طويلة في القيادة وحتى (السياسيين).

 يكون تأثيرها في البداية ايجابيا حيث تعطي قوة ذهنية وتركيزا عاليا بالاضافة إلى عدم النوم لأيام والقدرة على التحدث بشكل مستمر كذلك فأن بعض الأشخاص الراغبين بخسارة الوزن بدون مجهود يستخدمون هذه المادة لانها تمنع الشهية للأكل. يمكن التعرف على متعاطي هذه المادة المدمرة بشكل واضح من خلال الهالات السود تحت العينين بسبب السهر، جفاف الشفتين والفم وتأكُل الاسنان وجحود العينين كذلك الاضطراب النفسي والعقلي والتحدث المستمر وعدم القدرة على التفكير بكيفية منتظمة والهلوسة السمعية والبصرية وبذلك يصبح الشخص عدوانيا يؤذي من حوله لأنه يعتقد بأمور خيالية.

 يدمن الشخص على (الكبتاجون) ويزيد المتعاطي استخدام جرعات مفرطة ليصل إلى الشعور الذي كان يشعر فيه سابقاً فإذا كان يتعاطى قرصا يصبح يتناول 5 اقراص في اليوم الواحد وبذلك كلما زاد تعاطي المادة كلما زادت الإعراض الجانبية الخطيرة جداً.

التوقف المفاجئ عن تعاطي هذه المادة يسبب إعراضا انسحابية مثل زيادة الشهية للأكل والنوم لفترات طويلة والخمول الشديد، الاكتئاب الشديد يعتبر عاملا من اخطر العوامل الانسحابية والتي تؤدي في احياناً كثيرة إلى الانتحار، المتوقف عن تعاطي الكبتاجون لا يحتاج الدخول الى المستشفى لكنه يحتاج الى مراقبة طبية بالاضافة الى احتياجه الى الادوية المضادة ألمهدئة لعلاج الاكتئاب والرجوع الى حالته الطبيعية، اما في الحالات العلاجية يمكن استخدام بعض مشتقات الامفيتامين المصنع بمصانع معروفة وتحت رقابة منظمة الصحة العالمية بالاضافه الى الرقابة الدولية ويكون غالباً هذا العلاج لا يتناسب مع مزاج المدمنين لان الشركات المصنعة تدرك ان بعض الأشخاص يسيئون استخدام هذا العقار فيحاولون قدر الإمكان جعله صافياً غير مخلوط بأي شيء من المواد المنشطة.

 من وجهة نظري يجب على وزارة الصحة والجهات الرقابية والامنيه متابعة وقمع مايحصل في بعض المناطق العشوائية التي يكثر فيها (چنابر) الادوية غير المرخصة والمنع منعاً باتاً تداول هذه الماده فيها او في غير مناطق من العاصمة او المحافظات وعدم جعلها في متناول الايدي ، الانسان في هذا الزمن لايعرف مايقترفه من الأخطاء التي تؤدي الى تدمير نفسه وهلاكها وخسارة عائلته وما يحيط به بسبب هذه المادة التي كثر انتشارها في العراق بشكل ملفت للأنظار يجب على وزارة الصحة العمل بشكل جدي وصارم على نشر توعيه في جميع فئات المجتمع واثبات دورها الرقابي في محاربة هذا الشيء الذي يتمثل بصناعة الموت.

 يوسف الخالدي

مشاركة