صناعة الكذب
الكذب صفة ذميمة وفي الشرع يعتبر من الكبائر وقد اعتاد العراقيون ان يسمعوا باستمرار هذه الخصلة الذميمة من افواه المسؤولين . نحن نعلم ان هنالك ترابط بين النسيج السياسي والنسيج الاجتماعي والمجتمع دائما يتطبع بسلوكية القادة والمربين ويتاثر بهم فحيثما يكون القدوة يكون المقتدي . وللاسف الشديد فان الكذب كمرض اجتماعي خطير تكرس في نفوس بعض الساسة والقادة والمسؤولين واصبح افة خطيرة وكجزء من شخصياتهم ويمكن القول ان الطفل في الاسرة العراقية عندما يفتح عينيه يصطدم بصدمات نفسية عنيفة عندما يكتشف ان افراد اسرته يتعاملون بواقع بعيد عن فطرته وبراءته ويكذبون فيصاب باحباط شديد ولا يجد تفسيرا لكذب والديه او المحيط الذي يعيش فيه فعندما يشب يصبح ماهرا كوالديه في صناعة الكذب . لقد دأب اغلبية القادة والمسؤولين والساسة عندنا على الاجادة في كثرة التصريحات والكلام وفي علم اللغة فان الاسهاب والاطناب يورثان الزلل والملل ، اما علم الاجتماع فينبئنا انه كلما زاد عدد الامور التي يخجل منها الانسان كان اقرب الى الكمال . يقول الرسول الاعظم محمد (ص) (ان اقربكم مني في الموقف غدا اصدقكم حديثا واداكم امانة واوفاكم بالعهد واحسنكم خلقا واقربكم الى الناس) . ما اصغر القائد مهما كانت مسؤوليته الذي يكذب على الناس ولا يقوّم نفسه ، فاعجز الناس من عجز عن اصلاح نفسه وما اصغر الانسان اذا كان لا يستطيع ان يسمو فوق نفسه انها مصيبة كبرى عندما يكتشف المواطن بعد قليل ان التصريحات والعهود التي اسداها المسؤول انما هي سراب ووهم وضرب من الكذب وهذا الاسلوب من اكثر وسائل التدمير الاجتماعي ومعول من معاول الهدم التي تطيح بالمسؤول عاجلا ام اجلا بعد اكتشاف حقيقته . ولو انه تفضل على الناس بالسكوت لكان اهون وكانت عبادة من نوع اخر فاحسن العبادة واهونها على البدن كما يقول الرسول العظيم محمد (ص) (الصمت وحسن لخلق) . الاسئلة المطروحة امام مسؤولينا ومن يمثلوننا هي : لماذا يكون الشعب العراقي من اكثر شعوب العالم معاناة ؟ لماذا وضعت الميزانية العامة للبلد وتسميها الصحف الاجنبية والخبراء في الاقتصاد (ميزانية الاغنياء) ؟ لماذا تزداد البطالة ويتدنى المستوى المعاشي للناس عامة؟ لماذا يناقش البرلمان بعض القوانين ويركن اخرى الى جانب حسب الانتقائية ؟ مثل قانون التقاعد الموحد والذي يفترض ان يتساوى فيه الجميع ماداموا قد خدموا البلد وضحوا من اجله؟ وهم (اي المسؤولون) الذين وعدوا قبل اكثر من ثلاث سنوات بتعديل قانون المتقاعدين المظلومين وتطبيقه ؟ لماذا لا يكون الاهتمام بتشريع القوانين الاقتصادية اولا والتي تخص معيشة الناس وتحسين احوالهم بدلا من مناقشة (قانون التدخين في الاماكن العامة) ؟ لماذا تهرب الكفاءات والخبرات والعلماء خارج البلد ولماذا يتدنى المستوى العلمي والاقتصادي والصحي والمستويات الاخرى في بلد من اغنى بلدان العالم ؟ هذه الاستفهامات وغيرها كثير تتطلب المصارحة والصدق والعمل باخلاص فالصدق بسيط وجميل ويقوي العلاقة بين الناس ومن يقودهم اما المراوغة واللاابالية والتخبط في التخطيط والمصلحة الفردية فانها لا تخلق مجتمعا ناهضا . ان من يريد ان يتصدى لاصلاح الناس عليه اصلاح نفسه وتجنيبها الفساد وقديما قال افلاطون في جمهوريته (لا يمكن صلاح حال الناس الا ان يكون حكم الناس موكولا الى احسن الناس) .
لفته عباس القره غولي- ذي قار
/5/2012 Issue 4212 – Date 29 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4212 التاريخ 29»5»2012
AZPPPL