تدهوّر مشروع الدواجن بسبب الاعتماد على الاستيراد دون ضوابط
صناعة الدواجن في العراق ..هل نقرأ عليها السلام؟ – عبدالاله حميد محمد – محمد سعد عبدالقادر
تمهيد
لقد عرف المختصون مصطلح الامن الغذاني (Food Security) على انه قدرة الدولة على توفير ما يكفي من الاغذية لسد حاجة الشعب منها وذلك عبر انتاجها محلياً وتوفير عائدات مالية لاستيرادات ما يلزم لجعل الغذاء متاحا للشعب وبشكل دائم. وصناعة الدواجن في هذا المجال توفر للمواطن العراقي نوعين من اهم المنتجات الغذائية وهما اللحم والبيض. فهاتين المادتين لا غنى عنهما في السلة الغذائية للعائلة العراقية. وان توفير هاتين المادتين محلياً سيقلل من حجم الانفاق على الاستيرادات. هذا علاوة على تشغيل مئات الالاف من الايادي العاملة الشابة والتي ستدير كفة العمل بهذه الصناعة المتعددة الحلقات. وان تشغيل الايدي العاملة سيقلل حجم البطالة والفقر وهذا الجانب له اهمية كبيرة في استقرار الاوضاع الامنية وتضييق حلقة الارهاب الذي يعاني منه بلدنا العزيز.
لمحة تاريخية
كانت البداية في أنتقال تربية الدواجن من التربية المنزلية والريفية بشكلها البسيط إلى التربية الحديثة بشكلها الواسع أو ما يطلق عليها بصناعة الدواجن في العراق في عام 1905 عندما أنشأ في مدينة الموصل مشروعاً صغيراً وبمعدات بسيطة، وفي عام 1922 أقيم مشروعاً أخر في مدينة الحلة بالاعتماد على بعض المعدات المستوردة والخبرة البيطرية المتوفرة، وفي عام 1935 أقيم مشروع في بغداد في منطقة الرستمية الذي انتقل في عام 1939 إلى منطقة آبو غريب، وفي عام 1948 انشأ مشروع آخر في منطقة اليوسفية، وفي عام 1950 تم إنشاء بعض المشاريع الإنتاجية التعليمية لغرض تهيئة الكوادر الفنية، وتبعا لذلك توسع نشاط القطاع الخاص وانتشرت عشرات المشاريع الإنتاجية حيث بلغ إنتاجها في عام 1960 نحو مليون فروجة سنوي وفي عام 1965 أنشئت الشركة العامة للدواجن، وفي عام 1973 تم تشكيل ثلاث شركات للدواجن وزعت حسب مناطق العراق الجغرافية ( الشمالية والوسطى والجنوبية) وضمت هذه الشركات 18 مشروعاً لانتاج فروج اللحم و 8 مشاريع لإنتاج البيض. كما أولت الحكومة العراقية أنذاك عناية كبيرة لهذه المشاريع ضمن الخطط التنموية في عقدي السبعينات والثمانينات فنجد أن مشاريع الدواجن قد تطورت بشكل ملحوظ خلال تلك الفترة وازدادت عما كانت عليه حيث بلغت اعدادها خلال عقد الثمانينات 8353 مشروعا للتسمين، وتبعا لذلك تطور أنتاجها حتى بلغ معدلات قياسية. الإ أن الدولة في عام 1989 انسحبت من العملية الإنتاجية المباشرة في القطاع الزراعي قفتم بيع كل حلقات صناعة الدواجن تقريبا الى القطاع الخاص. أما في عقد التسعينيات فقد شهدت هذه الصناعة تدهورا وذلك نتيجة لتردي الأوضاع الاقتصادية بسبب الحصار الاقتصادي وعدم جدوى الإنتاج مما اضطر الكثير من أصحاب الحقول والمربين إلى بيع حقولهم أو انقاضها نتيجة اندثارها تبعا لحاجتهم المادية المعاشية وارتفاع أسعار السلع الإنتاجية والاستهلاكية بشكل عام، وبذلك انخفضت أعداد المشاريع المنتجة بشكل كبير عما كانت عليه في عقد الثمانينات، وتبعا لذلك انخفض إنتاجها إلى مستويات متدنية. وفي نهاية عام 1997 تبنت الدولة برنامج إعادة تأهيل مشاريع الدواجن والذي باشرت به وزارة الزراعة بالتعاون مع منظمة الغذاء والزراعة الدولية عن طريق دعم المنتجين والمربين وترميم الحلقات المهدمة في صناعة الدواجن . وبذلك بدأت مشاريع تربية وانتاج لحوم الدجاج وبيض المائدة بالنهوض حتى وصل انتاج لحوم الدجاج إلى نحو 107 ألف طن في عام 2002 وانتاج بيض المائدة إلى نحو 9 مليون بيضة للعام ذاته، ولم يكن الهدف من البرنامج ان يستمر الدعم لفترة طويلة انما لفترة محدودة حتى يكون بمقدور المنتجين العمل وفق آليات السوق بتقليص التكاليف وتحقيق ارباح مناسبة. وفي عام 2003 بعد احتلال البلاد وتردي الحالة الامنية وعدم الاستقرار انخفض الإنتاج وتدهور مرة ثانية بعد توقف المشاريع وخروجها عن العمل والإنتاج، وقد استطاعت الدولة بعد استقرار الأوضاع نسبيا من ترميم بعض الحلقات الرئيسية وفتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار، لذلك شهدت صناعة الدواجن فى العراق وخاصة خلال السنوات الخمس الماضية تطوراً ونمواً لافتاً للنظر بسبب استثمارات القطاع الخاص الكبيرة في هذا المجال، حيث اقيمت شركات عملاقة وبمستوى تكنولوجي متقدم ونتيجة لهذا التوسع كادت مشاريع بيض المائدة ان تحقق الاكتفاء الذاتي، وتقدمت كذلك مشاريع فروج اللحم وكافة مرافقها الانتاجية الاساسية من مشاريع أمهات، مفاقس، مصانع اعلاف ومجازر دواجن. وكان يمكن لهذه المشاريع ان تستمر في تقدمها وتوسعها لتزيد من حجم مساهمتها في تحقيق الامن الغذائي للبلاد مما تقدم يمكن القول بأن تقنيات صناعة الدواجن الحديثة وحلقاتها المختلفة قد أمكن توطينها نسبيا في العراق بعد ان تم استيرادها من قبل القطاع العام أولا والقطاع الخاص ثانياء وتوفير الخبرات المحلية لإدارتها، وبعد أن انسحبت الدولة من العملية الإنتاجية بشكل كامل في عام 1989 ببيع كل مشاريع الدواجن الحكومية بمختلف أنشطتها الإنتاجية الى القطاع الخاص، الا انها أبقت إدارة هذا النشاط وحمايته وتنظيمه بشكل عام بيدها مع تقديم الدعم الكامل له وتمثل ذلك بشكل واضح في برنامج إعادة تأهيل مشاريع الدواجن. وبعد عام 2003 لم تتلقى معظم المشاريع اي دعم مالي خاصة الدعم الحكومي باستثناء الدعم المتعلق بتوفير بعض المواد العلفية وذلك يؤشر الى انسحاب الدولة من رعاية هذا القطاع وحمايته بشكل كامل تقريباً وقد يعود ذلك الى جملة اسباب من اهمها الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد. الا أنها فتحت المجال واسعا أمام القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال حيث اقيمت شركات عملاقة وبمستوى تكنولوجي متقدم وشمل ذلك كل الحلقات الإنتاجية الاساسية من مشاريع أمهات، مفاقس، مصانع اعلاف ومجازر دواجن. ونتيجة لذلك اقتربت مشاريع الدواجن من هدف تحقيق فيق الاكتفاء الذاتي من فروج اللحم وبيض المائدة و من زيادة مساهمتها في تحقيق الامن الغذائي للبلاد. المنافسة بين الإنتاج المحلي والمستورد يتم عادة بتلبية الطلب على سلعة غذائية معينة في الأسواق المحلية من خلال الإنتاج المحلي، وفي حالة العجز عن توفيرها من قبل هذا الإنتاج ب يتم اللجوء إلى استيرادها من الدول الأخرى، أما من قبل المؤسسات الحكومية أو من قبل القطاع خا أو من قبل الأثنان معا، وبالنسبة لمادتي الدجاج والبيض كانت المؤسسات الحكومية المختصة في السابق تقوم باستيرادهما عندما يكون هنالك عجز في الإنتاج وشحة في السوق منهماء وبعد عام 2003 تولى القطاع الخاص استيرادهما بعد الحصول على الموافقات
المطلوبة من الجهات المختصة في الدولة. وقد مارست وزارة الزراعة في احيان كثيرة دور الحماية للإنتاج المحلي بمنع الاستيراد منهماء وعند السماح بالاستيراد كانت تدخل السوق العراقية عبر المنافذ الحدودية الرسمية وغير الرسمية منتجات الدواجن ذات النوعية الرديئة والتي قسم منها منتهية الصلاحية أي غير صالحة للاستخدام البشري وغير مفحوصة من قبل اجهزة الرقابة الصحية وتباع بأسعار منخفضة مما يؤدي الى تدني الاسعار للمنتجات المحلية والحاق الخسائر بمشاريع الدواجن.
فتح باب الاستيراد وبدون ضوابط
منذ ان نشأت صناعة الدواجن بشكلها الحديث في العراق كانت غالبا ما تتعرض الى انتكاسات واخفاقات بين حين واخر ويمنى المربون بخسائر في بعض الاحيان، الا انها ما تلبث الا ان تعود الى وضعها الطبيعي ويعوض المربين تلك الخسائرء غير انها لم تتعرض في كل عمرها والبالغ نصف قرن تقريبا الى ما تعرضت اليه خلال السنة الماضية، حيث عصفت بصناعة الدواجن في العراق هزة عنيفة جراء فتح باب الاستيراد وبدون ضوابط بحجة تامين الغذاء وتجنب اثار الحرب الروسية الاوكرانية مما تسبب ذلك في حدوث مشاكل حادة ولحقت خسائر كبيرة بالمربين والشركات العاملة في هذا القطاع، وادى ذلك الى شل قدراتهم في العمل والإنتاج، كما تراكمت على جميع الشركات المحلية ديون لا تقوى على سدادها خلال فترة زمنية معقولة حتى وان عادت صناعة الدواجن الى وضعها الطبيعي. وفي ? ظل هكذا وضع يستدعي الحال تدارس ذلك من قبل الاجهزة المعنية في الدولة والجمعيات المختصة لهذا القطاع، وعلى الرغم من ان لقاءات كثيرة كانت قد تمت بين اجهزة الدولة وممثلي الجمعيات المتخصصة في الدواجن ولكن وكما يبدو فان هناك تباين في الرؤى بين ممثلي شركات الدواجن واجهزة الدولة المختصة،ء حيث لم تفضي تلك اللقاءات عن نتائج او حلول ملموسة، وربما يعود ذلك إلى عدم وجود قواعد فهم مشترك بين ما يريده مربو الدواجن، وبين واجبات الدولة وما تمليه المصلحة العامة في توفير المواد الغذائية ومنها لحوم الدواجن وبيض المائدة وباسعار مناسبة تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين، ونعتقد جازمين بأنه يمكن ان يكون النقاش بناءً اذا ما كان مستنداً الى حالة التفاهم المشترك بين اجهزة الدولة وبين ممثلي المربين، حيث يصر ممثلي قطاع الدواجن على ايقاف الاستيراد والاعتماد على الانتاج المحلي او فرض رسوم استيراد عالية على استيرادات منتجات الدواجن، وربما لهذه الاسباب لم تفضي تلك اللقاءات الى حلول معقولة والتي من شأنها ايقاف حالة التدهور والتراجع في صناعة الدواجن بشقيها انتاج فروج اللحم وبيض المائدة، وبتقديرنا الخاص فإن على ممثلي منتجي الدواجن تفهم واجبات الدولة اتجاه المواطنين بالمحافظة على مستوى اسعار مقبولة تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين، وعلى اجهزة الدولة ايضاً ان تحرص كل الحرص على ديمومة هذا القطاع وتنميته، لذلك لابد من الاخذ بالاعتبار الامور التالية:
– لابد من الاعتراف بان الانتاج المحلي للدواجن يعاني من عجز كبير في انتاج فروج اللحم وعجز اقل في انتاج بيض المائدة، وهذا ما تشير اليه الاحصائيات الصادرة من جهات دولية ومحلية رصينة، ولسد الثغرة لابد من ان تقوم الدولة بمسؤوليتها في خلق الموازنة في المعروض السلعي لهاتين المادتين من خلال السماح باستيرادهما ولكن بضوابط منطقية من شانها ان تحمي الانتاج المحلي، حيث لايمكن للحكومة من التفريط بمسؤوليتها ابداً،، حيث لابد لها من ان تحمي المواطن من زيادة الاسعار، ولكن وبنفس القدر من المسؤولية ان تعمل على وضع سياسات واضحة تفضي الى حماية الانتاج المحلي من حالتي الاختلال وعدم الاستقرار.
– ومن الحكمة ان تعمل الدولة في منهاجها وخططها التنموية على تشجيع الاستثمار في مشاريع الدواجن لسد الفجوة في الانتاج المحلي بما يمكنه من تلبية الطلب المتنامي على منتجات الدواجن بحكم الزيادة السنوية للسكان، وارتفاع مستوى الدخل والمستوى الغذائي وتنامي الحركة السياحية الداخلية والخارجية،، وسنتناول في هذا المقال اقتراح بعض المحفزات والتي من شانها الارتقاء بانتاج الدواجن بما يقلل من حجم الاستيراد، حيث من غير المناسب ان يكون العراق اضعف دول المنطقة في معدل انتاج الدواجن، وبالتالي اكثر الدول اعتماداً على الاستيراد لسد الفجوة بين العرض والطلب على منتجات الدواجن.
– صدرت في السنة الاخيرة ونقصد سنة 2022 الكثير من التصريحات المتضاربة والمتناقضة، ومن اغرب تلك التصريحات تصريح وزير الزراعة السابق بان العراق سوف يصدر منتجات الدواجن وهذا يوحي بان هناك تحقيق للاكتفاء الذاتي من انتاج الدواجن محلياً ولكن لم تمضي الا فترة قريبة جداً واعلنت الوزارة عن فتح ابواب الاستيراد على مصراعيه وبسابقة خطيرة وهي الاولى من نوعها وهي ان يكون الاستيراد بدون اجازة استيرادء وتسبب ذلك في اغراق الاسواق المحلية بمادتي البيض و لحوم الدجاج وبأسعار تقل كثيرا عن أسعار المنتجات المحلية، مما تسبب بخسائر كبيرة للمربين، حيث ان بعض الدول تمنح حوافز للمصدرين فضلاً عن ان تكاليف الانتاج في دول الجوار (ايران وتركيا) اقل مما عليه في العراق.
– ولا زالت الكثير من التعليمات تصدر من الجهات المعنية، ولم يلحظ ان استمر قرار او تعليمات لفترة معينة، وفي بعض الاحيان يصدر قرار ويلغى قبل ان يطبق، اربك ذلك المشهد واوقع الشركات المنتجة والمربين في حالة من عدم اليقين وفقدان الامل في انفراج الازمات المتكررة.
– واللافت للنظر ان القرارات التي تكون لمصلحة المستوردين تصدر بسرعة كبيرة وتدخل حيز التنفيذ بزمن قياسي وكأن البضائع مكدسة على الحدود وتنتظر تلك القرارات، بينما تخضع قرارات الحلول للمشكلة الى تشكيل لجان ودراسات وغالباً ما تكون توصيات تلك اللجان غير ذي جدوى ولا تخرج قد دفعت تلك السياسات المرتبكة الكثير من المنتجين إلى التوقف عن الاستمرار في عملية الانتاج لابل ان الكثير منهم قام بتصفية مشاريعهم لدرء المزيد من الخسائر .
اهمية قطاع انتاج الدواجن
تتحدد اهمية قطاع انتاج الدواجن بشكل رئيس في تحقيق الجوانب التالية: تحقيق الامن الغذائي: لا يخفى على الجميع اهمية انتاج الدواجن في العراق، حيث ان منتجات الدواجن تعد من اهم مصادر البروتين الحيواني في الغذاء، وما يميز الانتاج المحلي من منتجات الدواجن من انها يمكن ان تسوّق طازجة حيث يكون مذاقها افضلء ومن المعروف بأن اسعار لحوم الدواجن الطازجة يكون اعلى من مثيلاتها المجمدة، وكذلك بالنسبة لبيض المائدة حيث تكون اسعار البيض المنتج حديثاً اعلى من البيض الذي مضى على انتاجه زمناً اطول. تشغيل الايدي العاملة. ان شركات الدواجن الخاصة عبارة عن مؤسسات اقتصادية لها اهميتها فى توفير الغذاء اولاً وفى تشغيل الايدي العاملة ثانيا، سيما اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان صناعة الدواجن في حالة تطورها والوصول بها الى مستوى الاكتفاء الذاتي او الاقتراب منه يمكن لها من تشغيل ما يقدرب (50,000) عامل من العاملين بصورة مباشرة في المرافق الانتاجية لانتاج الدواجن من (مزارع دواجن، مفاقس، مصانع اعلاف، مجازر وغيرها) .
تنشيط القطاع الزراعي: تعمل مشاريع الدواجن على تحريك القطاع الزراعي والتي تطورت من خلالها زراعة الذرة الصفراء على المستويين العمودي والافقي، وقد استثمر القطاع الخاص في العراق أمواله في بناء مرافق الانتاج التكميلية المطلوبة من وحدات تجفيف ومعامل تفريط وبناء صوامع، كما ان تطور انتاج مشاريع الدواجن سيعمل على اهتمام المزارعين في زراعة محاصيل زراعية اخرى مثل الذرة البيضاء Sorghum في المناطق الجنوبية من العراق كونها متحملة للملوحة والجفاف، كل ذلك من شانه تحسين الدخل للمزارعين وهذا من اهم مهام التنمية الزراعية، كما ان هناك امكانية كبيرة لزيادة الانتاج المحلي من هذه المحاصيل وغيرها مما يزيد من مساهمة الانتاج المحلي في أغذية الدواجن وهذا ما يجعلها متقدمة على غيرها من بعض دول المنطقة، وباعتقادنا يمكن للانتاج الزراعي ان يساهم بتغطية (+ 50 %) تقريباً من مكونات اغذية الدواجن في حالة استقرار انتاجها، وان ذلك هدفاً استراتيجيا يستحق ان تسعى وزارة الزراعة في تحقيقه، والذي اصبح هدفا ممكن الوصول إليه، وبتحقيق ذلك سوف يسجل لها انجازاً كبيراً.
تنشيط تجارة الخدمات: فضلاً عن ذلك فان صناعة الدواجن تعمل على تحريك تجارة الخدمات واهمها قطاع النقل، جدير بالذكر ان خدمات النقل في العمليات الانتاجية تمثل الاهمية الكبرى لقطاع النقل والمتمثلة في المدخلات من نقل المواد الاولية والاعلاف ونقل الدجاج الحي ونقل المنتجات والتي تتطلب نقل متخصص وغيرها من المستلزمات، بينما في حالة الاستيراد يتم نقل الحلقة الاخيرة من المنتجات (نقل لحوم الدواجن والبيض) وفي حالة استيرادها من دول الجوار فانها عادة ما تكون بشاحنات مبردة تعود لتلك الدول وهذا يعني ان الاستيراد من دول الجوار ينشط قطاع النقل لتلك الدول وليس لقطاع النقل الداخلي ومن هنا تبرز اهمية قطاع الانتاج المحلي للدواجن.
الحلول المقترحة
الحلول الناجحة هي تلك الحلول التي تبنى على تجاوز المشاكل القائمة، واهمها هي عدم كفاية الانتاج المحلي لسد حاجة الطلب المحلي، وهذا يعني ان سد الفجوة يتأتى من خلال الاستيراد، ولاجل ان تكون هناك موازنة بين الانتاج المحلي والاستيراد لابد ان يكون الاستيراد بضوابط، ولابد من فرض رسوم كمركية على منتجات الدواجن المستوردة. وعلى المنتجين ان لايرضوا بالارتفاع الحاد في اسعار المنتجات، حيث ان ذلك يتسبب في استفزاز المستهلكين وبالتالي سوف تنعكس اثار ارتفاع الاسعار سلباً على المنتجين، عليه يجب المحافظة على ان تكون اسعار الدواجن باسعار تتناسب مع دخل الفئات العريضة من المجتمع هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ان تتبنى الحكومة موازنة معقولة لحماية الانتاج
الخاتمة
القيام بتحليل كلف الانتاج لمنتجات الدواجن تحليلاً علمياً وموضوعياً من خلال تكليف فريق عمل مؤلف من خبير او خبيرين اقتصادين و محاسب او محاسبين تحليل التكاليف وتمثل فيها وزارة الزراعة وممثلين عن القطاع الخاص، ويمكن ان تعد قاعدة بيانات الكترونية، تعالج فيها المتغيرات في مكونات الكلفة بطريقة الية، وتقوم اللجنة باقتراح نسبة الارباح المناسبة لتطوير صناعة الدواجن وبما يشجع في التوسع بالانتاج لسد الفجوة بين الانتاج والطلب المحلي. لابد من حماية الانتاج المحلي من خلال فرض ضريبة كمركية على منتجات الدواجن المستوردة، وهذا نظام معمول به في معظم دول المنطقة، ويمكن ان تفرض ضريبة على استيرادات منتجات الدواجن بنسبة (20 – 30 %). ويفترض أن تمنح أجازات الاستيراد بكميات معينة محددة تضمن سد العجز في الإنتاج المحلي سواءً لبيض المائدة أو للحوم الدواجن، وليس بشكل مطلق ومفتوح ومن خلال ذلك نضمن الموازنة المطلوبة واستقرار حالة السوق. لابد من تطبيق نظام دعم الانتاج المحلي، من خلال مراقبة الانتاج النهائي للحوم الدواجن عن طريق نظام المراقبة والعد الالكتروني Chick Counter ? اما بالنسبة لانتاج بيض المائدة فيمكن من خلال وحدة تجميع البيض في مشاريع بيض المائدة، ويمكن ايصال جميع البيانات من خلال شبكة الانترنيت الى جميع الدوائر والاجهزة ذات العلاقة، ويمكن اقتراح نسبة دعم معقولة على الوحدة الانتاجية الواحدة (ويمكن الحصول على تفاصيل هذا النظام كونه مطبقاً في بعض الدول). تفعيل دور شركة التجهيزات الزراعية في استيراد المواد الاولية العلفية والمدخلات الاخرى وبطريقة مباشرة وان لا يكون ذلك عبر التجار والوسطاء، حيث فرصتها ستكون افضل من جميع التجار والوسطاء كونها تستورد كميات كبيرة من الموردين الدوليين الكبار، وبما انها معفاة من الرسوم الكمركية و رسوم الخدمات فان فرصها التنافسية ستكون اكبر، ويمكن ان يخصص نسبة 961 من القيمة الاجمالية كخدمات ادارية ونسبة 1 % اخرى كحوافز للعاملين المباشرين، حيث ان دورها مهم جداً في الضغط على تكاليف الانتاج وهذه مسالة مهمة جداً في صناعة الدواجن ومشاريعها المختلفة.
بما ان مشاريع الدواجن تعتبر مؤسسات اقتصادية بالاخص الكبيرة منها فلا بد من تطبيق نظام قوانين العمل والضمان الاجتماعي مع التاكيد على ان تكون الايدي العاملة محلية، وقد يسمح للشركات باستقدام خبراء عرب او اجانب وبنسبة لا تتجاوز (2 – 963) من مجموع العاملين في هذه الشركات، على ان يكون ذلك من اهم المعايير التي على اساسها يتم تقييم الشركات والمشاريع الصغيرة. تعتبر المؤسسات الانتاجية والخدمية عصب الاقتصاد الوطني، وان حمايته وتنشيطه وتطويرة يعتبر من اهم واجبات ومسؤوليات الحكومات الوطنية، وفي هذا المجال تعد مشاريع الدواجن من بين اهم المؤسسات الانتاجية في العراق، وما تم تناوله في هذا المقال يمكن ان يعد تجسيداً وتطبيقاً لبيان الحكومة والتي منحت بموجه الثقة للشروع بالعمل، ومن بين اهم ما ورد فيه هو مسالة تشجيع الانتاج المحلي، فضلاً عن الدعوات المستمرة لتشجيع القطاع الخاص في خلق فرص عمل للمساهمة في امتصاص نسبة البطالة وتخفيف الأعباء على الدولة في تعين الشباب، وتجدر الاشارة هنا الى ان مشاريع الدواجن هي المشاريع الاكثر قدرة على ذلك ويمكنها ان تتطور بسرعة متى ما تهيأت الظروف المناسبة لذلك. وفي حالة عدم قدرة الدولة لاي سبب من الاسباب على تبني حلول حقيقية بناءة وجادة لهذا القطاع الحيوي والمهم، فليس امام شركات الدواجن الإ الاعلان عن افلاسها والقبول بما تكبدوا مالكيها من خسائر، وبعدها تتولى المحاكم تسوية الديون المترتبة عليها من خلال تصفية مشاريع الدواجن التي تمتلكها ، لإن هذه الشركات سوف لن تستطيع الاستمرار في تحمل هذه الخسائر المتراكمة، واذا ما وصلت الأمور حتى هذه المرحلة (لا سامح الله)، فسوف تقراً على صناعة الدواجن في العراق السلام، وعندها فما معنى ان تكون لدينا هيئة للاستثمار ومؤسسات حكومية و مديريات عامة مختصة مثل الثروة الحيوانية وغيرها، و ماهو معنى وجود اللجان البرلمانية الدائمية المختصة … نأمل ان لا تصل الامور إلى هذا المستوى …
ومن الله التوفيق .