صلاة من أجل بغداد على من تقع المسؤولية ؟

صلاة من أجل بغداد على من تقع المسؤولية ؟
يكاد الداخل إلى العاصمة العراقية بغداد اليوم يشعر بالرعب التام ويكون دخوله أشبه بالدخول إلى مدن تحاصرها جيوش العالم من كل الجهات . مدينة المعابد الدينية تحول رخام جوامعها وكنائسها ومعابدها إلى أناشيد حزينة وشوارعها تستصرخ ضميرا وقلوبا توحشت بها أرصفتها المتكسرة .
انظر ها هم أهلها الطيبون تعاد أليهم الهموم من جديد بعد أن وضعت الحرب أوزارها في هذه… المدينة الباسلة المجاهدة العظيمة . وهي تدخل عامها العاشر بعد الاحتلال البغيض . أعود من جديد إلى مدينة الجمال بغداد الحبيبة وأعلن في هذه اللحظات وقريبا من أفق يحمل ألينا فرات العراق وشمس أمنياتنا بعيدا عن حزن مدفون مقتبس من أبنائها المهجرون في دول الجوار وانين السدود ومنارات الدعاء المخضب بصلواتنا ، دعاء متبسما بعشق العراق وأهل العراق اعذروني فانا مغرم بالذين وهبوا قلوبهم حبا وزرعوا أنفسهم حصادا للطيبين من اجل هذا البلد . أيها الوطن الكبير الجميل العزيز اقترب مني فانا محتاج أليك جدا في هذه الأيام .
كلما حلت ذكرى التاسع من نيسان الذي اعتبره البعض من الساسة ومع الأسف الشديد يوم التحرير . دثرني يا نخل العراق احملني إلى ضفاف دجلة الخالد ثم إلى الفرات إلى البصرة والى بغداد . أوصلوني إلى مدينة التآخي كركوك الغالية في هذه الأيام وأرجعوني إلى النجف الاشرف وديالى والعمارة والرمادي ودهوك واربيل والحلة والبصرة والسماوة والناصرية والسليمانية وكربلاء المقدسة . هل أبدو بعيداً عنها . أم قريبا من ساحل فارغ يقع على شاطئ دجلة العجيب . أنها ساعات النهار الأخيرة . تودع الشمس أبناء مدينة السلام بغداد الحبيبة يوما آخر اسمه يسبح به الناس لله العلي القدير يبدأ بعبير وتلاوات المسبحين نحو جهة الغروب فإذا بجموع الناس ترفع الأذرع إلى الباري عز وجل وتنقل رائحة السلام والأمان إلى أبناء هذه المدينة حيث بدأت مئات المآذن تدعو الناس إلى صلاة المغرب .
سرت في شارع طويل بعد الصلاة يكاد يفرغ تماماً من الناس بينما كانت الأعداد من السيارات المسرعة تذهب إلى حيث لا ادري .
تبزغ شامخة
وفي اللحظة نفسها لا ادري لماذا تذكرت ذلك السؤال: لو أحصينا عدد المآذن والمساجد والحسينيات والكنائس والمعابد الدينية في بغداد لفاتنا الكثير لكنها تبزغ شامخة من بعيد يرفرف الطير فوق أحواض جميع المعابد الدينية ولجميع طوائف هذه المدينة وأهل بغداد يتمسكون بالتقاليد العربية والإسلامية والديانات الأخرى التي ورثوها من آبائهم وأجدادهم لكنهم يتآلفون مع الغرباء حتى ينصهر الغرباء بينهم . لكن مع الأسف لا ادري ما حل بهذه المدينة التي لها حضارة انتثرت شوا خصها في كل بقاع العالم . تحكي قصة شعب عريق مبدع متسلح بالعلم . كان ولا يزال يثير في النفس اعتزازا ومباهاة واعتلاء لناصية الفخر عبر ما تحقق لها ضمن مسيرتها الطويلة الحافلة بالعطاء حتى وصفها احد المؤرخين بأنها قطعة من التاريخ والحضارة والإنسانية . وها هي المدينة التي خطفها الأعداء في التاسع من نيسان عام 2003 من الفاسدين والطامعين الذين يعتقدون أن هذه المدينة مزرعة مهجورة لا أصحاب لها ولا أهل يحرسونها ويحمونها من قوات الاحتلال والعفاريت الجديدة التي خرجت للتو من القمقم لهذه الأرض رافعين شعارا لأبناء هذه المدينة يجب أن تغادروها ولكنهم نسوا أن في العاصمة الجريحة عباقرة كثر وشجعان كثر وحكماء كثر لكن الوقت غير متاح للمبارزات بين أولئك العباقرة والشجعان والحكماء بل هو وقت أيجاد المخارج للناس قبل أن تحترق هذه المدينة والسؤال هنا يطرح نفسه أمام الحكومات العراقية وأعضاء مجالس النواب القدماء والجدد ماذا فعلتم لهذه المدينة التي ظلت شوارعها مقفرة . أبنية تهاوت وتهدمت . أزقة لونتها الشعارات الطائفية . ومآذن ومعابد أتعبها الرصاص ، يكاد الداخل إلى مدينة العز يشعر بالرعب التام ويكون دخوله أشبه بالدخول إلى مدن تحاصرها الوحوش والخروج من المدينة يتطلب سيراً على الأقدام والدخول أليها يدخلك في دوامات التفتيش والأسلحة والاستفزاز قبل أن تتعرض سيارتك إلى فحص دقيق وسلب محتويات جيوبك أو اعتقالك هذا هو حال مدينة السلام عادت إليها الاغتيالات والاعتقالات بعد أن مارس أهلها الطيبون الانتخابات الذين اعتبروها ديمقراطية ومع الأسف واختاروا ممثليهم بكل صدق وأمانة يا أبناء العالم كافة ، تلك المدينة كانت غافية علي حلم دجلة لكن حالها تحول إلى كابوس أطبقت من خلاله قوات العسكر على جميع مفاصلها الحيوية وشرايينها التي تؤدي إلى استمرار الحياة فيها .
حصار جديد
فهي تعيش اليوم في حصار جديد لم تألفه كتب المصطلحات السياسية والعسكرية وهذا حال لسان أبنائها الطيبين: على من تقع مسؤولية هذا التدمير المبرمج وفقدان الحياة المدنية العامة وتهجير أهلها المساكين في مدينة كانت عقدة المواصلات المهمة في الشرق الأوسط وتسمى ومازالت (مدينة السلام) أهلها يتهمون القوات الحكومية باصطناع هذا الوضع للحيلولة دون استمرار الحياة فيها والقوات الحكومية أغلقت أبوابها أمام الجميع وتبقى الأسئلة بلا أجوبة واضحة برغم الحملات الأمنية الاستعراضية. فمن المسؤول يا ترى. ولماذا وها هي بغداد اليوم رجع فيها الأشرار من الكتل السياسية الفاشلة التي بعثرت كل جهد يؤدي إلى الإصلاح في هذا البلد .
بقي أن تعرف عزيزي القارئ الكريم أن يوم التاسع من نيسان هو يوم أسود في تاريخ العراق والعرب بالنسبة للعراقيين جميعا ويوم وطني لأعداء العراق والعرب وان من أغتال مدينة الشرف سيدفع الحساب قريبا أن شاء الله وصدقوني أن عاصمتي الغالية لن تسقط أبدا .مشاهدة المزيد
خالد القره غولي – الرمادي
/4/2012 Issue 4177 – Date 18 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4177 التاريخ 18»4»2012
AZPPPL