إطلالة موسعة على مسرحية ثقافية
صرخات أوركيديا أوبرا عراقية
قاسم المعمار
دائما تتطلع الى ماهو الموهوب المتميز الملم بتخصصه الثقافي الذي يأتي دوره كاتبا واديبا وباحثا وفاعلا مؤثرا خلال سيرته الذاتية حينما يجد مايؤمن به قلبا وعقلا لتكون نتاجاته حلقات مترابطة من النجاحات المتفوقة المتلقفة لها اسارير المتلقين
هذا العطاء يفرزه لنا اليوم الاديب الشاعر الاوبر الي عصام صباح ابراهيم عملا وشرحآ وتوليفا وتاليفا ابداعيا عراقيا يسهم بالاداء الفني الموسيقى عالميا من خلال اطلالة مؤلفه الثالث الموسوم بـ(اوبرا صرخات أوركيديا )زخما اضافيا لمكتبة الموسيقى الوطنية والعالمية
اذ يأخذنا هذا الكاتب عبر صفحات اصداره وبنشاط المتتبع المتخصص للنواة التاريخية والتطويرية لنشوء (الاوبرا)التي هي المسرحية الشعرية الغنائيه او الشعر المسرحي المنظم بقصد ادائه غناءا مصحوبا بالموسيقى من غير ان يتخلله اي حوار غير ملحن ما بين شخصين وقد تسبقها موسيقى تؤديها فرقة (الاوركسترا )كما قد تثخلل فصولها نوتات موسيقية ملحنة يؤديها الموهوبون وتستقطب محبي المسرح والموسيقى والشعر
حيث يشير الباحث الى ان اصل الاوبرا تحديدا في ايطاليا وتعني.التعبير الحركة المجسدة وتطلق تسمية (الاوبرالي )على كاتب الاوبرا ويقترن نجاح هذاالعمل بالتوافقات بين الشعر واللحن والاوركسترا وجودة العازفين وانسجام التعبير الكلامي في سلم الاداء الصوتي حسب مراحله الثلاث العالي المتوسط المنخفض
وكان من جميل اسهلاله السردي التفصيلي لما تحمله قريحته العلمية بنص بديع لمؤلفه هذا من رواية المثقفون لسيمون دو بوفوار -قال هنري ..لايمكن كتابة رواية دون ان نختلس اشياء من حولنا
-قالت نادين بغضب مسعور ربما ..لكن والحالة هذه يجب عدم معاشرة الادباء
ان هذا الفن هو ترابط حاصل مابين الاداء الشعري والتمثيل المسرحي والعزف الموسيقي في ظل توافقات لحنية وادائيه تسحر النخبة المتلقية ولاتتمثل الاوبرا الابوجود الاوركسترا
وحريا بالمؤلف هنا ان وضع حدود التميزمابين (الاوبرا) و(الاوبريت )الاولى كونها غنائيه والثانية يتخللها الغناء والحوار من غير موسيقى علما باانها اقصر من الاولى وهي عمل صغير ويعد منظر الاوبرا الالماني رتشاردفاغنز 1813-1883م-انه قسم الاوبرا الى قسمين هما
1-هزلية ملهاة
2-جادة -دراما
علما ان الاثنين يتضمنان الالقاء المنغم واللحن في النص الشعري والنثري وغالبا مايدخل فيهما (الدويت )وهو لحن ثنائي يؤديه مغنيان او عازفان وايضا (كورال )وهو غناء جماعي وهذا كله يدخل ضمن مايسمى بالنص المسرحي والمتكون من (كلام -ايماءات )كما ان هنالك مخرجان للاوبرا الاول المؤلف لكونه يكون المشهد من خلال سرده الكلام وبعض الحركات المصاحبة والثاني هو المخرج الادائي وعملهما هذا يدخل ضمن (الماسك)الذي هو عرض ترفيهي اما الملقن الذي يظهر اثناء العرض المسرحي من خلف الكواليس وهو يساعد مؤدي الدور في تذكيره بما يناط اليه في كلمات استهلالية لكل مقطع قبل لحظات من التادية حيث يؤكد هنا الباحث ان هذا الشيء وارد حتى في الاوبرات الشعبية لعروض البلدان الاوربية
كما يرسم التشكيلة الهندسية التكميلية التي تدعم فاعلية المؤلف من خلال تناغم عناصر الاخراج والغناء والتميثل والتصميم والرسامين والمنتجين والمهندسين والكومبارس مشيرا الى اقتران هذه الاوبرا بفن البالية وهي ماتسمى ب (اوبرابالية)وهي شكل مسرحي يتضمن الرقص الى جانب النص الدرامي المغني وفي هذه الحالة يتوجب توفير خشبة مسرحية للرقص وفرقة موسيقى وقد تتضمن الاوبرا عرض سيرك خاص به ..
وهنا يلخص الباحث هذا الاطار العام بما يلي
ان الاوبرا الموسيقية تضم ..
1-اللحن
2-الهارموني ..تعددية الاصوات في وقت واحد
3-الصيغة الصونية -الالات الموسيقية
4-الايقاع
التقطيع
كما ان للصوت (الاوبرالي )ثلاث حالات هي
*عالي
*متوسط
*منخفض
موضحا ان مكان فرقة الاوركستر يكون مابين الجمهور والمثيلين الوسط وان تكون هنالك (اوبرا بريلود )وهي مقدمة اوركسترالية تعزف قبل بدء الفصل الاستعراضي ..وهنالك (بوستليد )مقطوعه اوركسترالية تعزف في ختام العرض كما يعزف لحن قصير يشير الى الشخصية او الفكرة يعرف باسم (لاتيموتيف )
وتتضمن الاوبراعزفابين مشهدين يسمى ب(انتر متيزو ) كما هنالك (المونو دراما )واخيرا (الاريا )لحن او اغنية لمغني يقلد الاصوات ويوجد في الاوبرا (المونو لوغ )مقطع غنائي يشير الى مناجاة المرء نفسه بشكل شعري غنائي سردي وبذلك تكون الاوبرا تتشكل ينخب ضخمة من الاصوات على ايقاع الاوركسترا
ولابد ان تعرف ان الاوركستراهي مجموعة من عازفي الادوات الموسيقية قد تزيد على المائة عازف للايقاعات وللالات الوترية واللالات الهوائية وللالات الحديثة ازرار كهربائية الات ومفاتيح ويسمى قائد الاوكسترا بـ(المايسترو) ويمكن ان ينوب عنه العازف الاول وهو عازف الكمان ولذا وجد الكاتب والمؤلف والشاعر عصام صباح ابراهيم ضالته العريقة في اصداره كتابه الثالث الموسوم ب(اوبرا صرخات اؤركيديا )المتميز تاليفاواداءآوشعرا لذا فانه شرع في ترامي سيرته الذاتية المتعلقة في قصصه الغرامية مع الجنس الاخر فها هنا ..حب .فراق .عشق .وجد .قبلة .لوعة ضم .حسرة .وقد استعاض عن ذكر اسمه باسم (راسل )حيث انه مر بسبع حكايات غرامية وقد تمت الاستعاضة عن اسماء الفتيات كلهن باسم (اوركيديا )معللا ذلك كي لاتكون اشارة صريحة الى اية فتاة تلافيا للفضيحة
اذن تكمن حبكة (الاوبرا )في ان هنالك شخص يمر في سبع علاقات عاطفية حقيقية عارمة تقوده الى التأله والتألم والوله ولهذه الاوبرا ادب ملتزم وهو ان لايتحطم قلب عاشق فقد قسمت الاوبرا هذه الى ثلاث لوحات مشاهد .فصول . والفكرة .التي لاتخرج عن تثوير النفس والعقل وتتحالج المشاعر وتداعب الشهوات بمجاذبة فالمؤلف هنا يمضي لاستعراض خبايا وبالتمثيل المسرحي تحاكي الواقع بطرقه المختلفة حتى في المونتاج والتركيب واتخاذ مكان العرض (بغداد )حيز التمثيل المسرحي الافتراضي حينما نتابع مجريات السرد الادبي لهذه الاوبرا العراقية الاصل نجد نكهتها وعبيقها وطراوتها ينغمس في نفوستا وقلوبنا فقوة الحوار وتسيد المعطيات وتخليد المشاعر الذاتيه وتناغم الاداء المسرحي (الاوبرالي )الجميل وحلاوة وصدق التعبير في التحاور الشعري الذي يجمع مابين الحر والمقفى الموزون تحت اكتاف تعابير وكلمات في غاية الدقة والنمطية الفلسفية وبعد الخيال والعشق الصوفي اجواء حالمة من المواقف والمشاهد مابين بطلها (راسل )العاشق و(اوركيديا )معشوقته فهدا الهاجس من صرخات عقشهما قد اجال الكثير من الخواطر والتاملات والشوارد طالما عالجتها تجارب الاخرين في كتاباتهم
في مقطع جميل من المشهد الثالث لهذه المسرحيه راسل يصفق رقصا nكما يوما ببعض الحركات لاوركيديا بقوله
*اعاذلتي
*عن ذكر المدام
وزجرتي عن الفطام
يلوح لك الفتيان
دوما
لذا فالعبي
بالبنادق والسهام
وصوت الرعد ..وضوء البرق هما
من اصل الظلام
اعاذلتي لاتلازمي
ملاحا لئيما
لان الغرام من
طبع الكرام
وفي مقطع من انشودة حبيبتي والببغاوات )
ينشد راسل يقوله
لم يمت الخير
لم تنته الحياة
والقيثارة السومرية
لها اهات
لوجودها مع البيغاوات
اور كيديا ..لك اشتكي
من مظاهر الظلمات
واصوات الفؤوس
والكادحين مع الفجر
والكادحات
اشعة الشمس التموزية فوقهم
تذيبهم ..تسمرهم
ليكونوا مجدا لتاريخ المعجزات
لذا …سأسمي
اليك ..مخلصا ..بدفن
ماهو ماضي.. من الوهن
لاخلص لما هو ات
اوركيديا —حطمي الاصفاد
وقارعي يتبوع الاسى
والهجر والجلاد
فحياتنا نحن معا
اليوم في بغداد
كشهريار —شهرزاد
وهكذا تشدو عبقرية وحداثة اديبنا وشاعرنا الرجل اليافع عصام بما اجاد كتابة وتاليفا وشعرا متواصلا منذاصدار مجموعته الشعرية الاولى الموسومة بـ(السوبرمان ) والثانية (العالم يتغير ) والثالثة (قدبسة شاعرة الخطيئة) وهو يتوهج اليوم باطلالته الرابعة (اوبرا صرخات اور كيديا ) وهو من القلائل في العراق المتخصصين كباحث نفسي وكاتبا اوبرالي نال الحضور واستحسان الكثيرين وفعلا وبحق اقولها انطويت بذاتي لانفرد قراءة وتمعنا وصمتا لتلك الروحية الادبية الثرة المتصاعدة سموا في غاية التعبير الصوري والتقريبة لشد المتلقي وهذا سر نجاحه -ولنا طمعا لجــــــذوته المقبلة .. ومن الموضوعية التاريخية لابدلنا ان نعرف الدور الذي اسهمت به مدرسة الموسيقى و البالبه وانطلاقة فرقة الاوركسترا العراقية بمصاحبة الكورال المحلية منذ السبعينات وماشكلته من حضور دولي متميز جعل هنالك بصمات لائقة يمكن استثمارها بالوجه الحسن اضافة الى ان هذه الفترة الزمينة وماتلاها قد نمت وانفردت باصوات شجية متألقة على صعيد الاداء الاوبرالي اوالقريب منه الاانها فيما بعد قد انزوت نخص بالذكر الفنانة سيتا هاكوبيان في حين واصل مسيرته الفنية كاظم الساهر الذي اعتلى ارقى المسارح العالمية صاحب حنجرة ذهبية متميزة الاداء والمطاولة فيما كانت مسارحنا رغم افتقارها لابسط مستلزمات العرض الاوبرالي وتقنيات الاخراج والانارة والديكور الاانها استضاقت العديد من الفرق الفنية العالمية للاوبرا والرقص البالية والاوركسترا التي قدمت روائع الادب والموسيقى الصيني والروسي والالماني والفرنسي والايطالي وغيرها اضافة الى ماقدمته فرقة الرحباني بفيروزها الخالدة ابان السبيعنات وماتلاها اطل من خلالها جمهورنا المثقف الواعي على مسارات الادب العالمي وفولكلوره الوطني المتميز حيث كنت وصديقي المرحوم الفنان الدكتور خالد ابراهيم استاذالموسيقي في كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد من متابعي العديد من هذه الفعاليات الفنية.