نورهان شيراز
صبرنا صبر أيوب، ولم نجنِ إلّا نكباتٍ تتلو نكباتٍ.
عندما تُهاجَم أقدسُ ما لديك، وعندما تفقد جذورك ومبادئك، وعندما تنادي رجالاً من قاعِ العصورِ الباليةِ.
وعندما يتشامخ عليك الدونُ، وعندما لا تعرف من أنت، ومن هم، ومن أي نبتٍ سرطانيٍ جاءوا.
وسنعلمُ أن ديمقراطيةَ الإصبعِ البنفسجي ستدفعُ ثمنها شرفُك ووطنُك وصوتُك لمن سيخنقك.
وفي بلادٍ لم تعتد على الديمقراطية سنجد أنفسنا تحت مطبٍ اسمهُ الكتلُ السياسية.
ولا شيء أقدسُ من حبِّ الوطن، ولا شيء أقذرُ من من يخون الأماناتَ ويبيع الوطن.
وهكذا عرفنا أن الكلمةَ هي حرزُ الله الحصين، وأن الصوتَ شرفٌ لا ينبغي أن يُفرَطَ فيه، وأن دموعَ اليتامى وثكلَ الأمهاتِ وقتلَ الناسِ دونَ حقٍ وأكلَ أموالِ الناسِ دونَ حقٍ.
بأي مجتمعٍ مريضٍ نعيشُ، وبأيةِ ديمقراطيةٍ في بلادٍ تشعّبت فيها القلوبُ وقلَّ قدرُ الرجال؟
وعندما أرى أستاذتي يُبعدون لأنهم علماء، وعندما أرى نخيلَ بلادي الشامخَ قد قُطِعَ، وعندما يجفُّ ماءُ الجبينِ كما جفَّ نهرا دجلةَ والفراتَ.
أصبحتُ غريبةً في وطني.
يرحلون ويبقى الوطنُ يداوي جرحنا، ونداويه علّنا نتركُ أثرًا في طريق أبطالٍ رحلوا، وربما نلتقي.
وهذا هذيانٌ من عالمٍ موبوءٍ بالطغيان.